8 أبريل، 2024 8:25 م
Search
Close this search box.

الفيل الأزرق

Facebook
Twitter
LinkedIn

مسرحية
إهداء/ إلى روح الشهيد الصحفي الشاعر: محمد عبده العبسي الذي استلهمت بعض من هذه المسرحية من قصة وفاته الغامضة.

شخصيات المسرحية

عبدالله عبدالحليم: 35عاما، محقق صحفي يموت في ظروف غامضة ومجهولة

أم عبدالله: أم الصحفي القتيل

صباح زيدان: 33عاما، حبيبة عبدالله و زميلته وصديقته الحميمة

منيرة بدران: 32 عاماً، زميلة صباح زيدان في الجريدة وصديقتها المقربة.

الدكتور صديق: دكتور في علم النفس في الجامعة لديه معرفة عملية بصباح زيدان.

نادر “الأوراكل”: وسيط روحي لتحضير الأرواح.

نادية هزاع: تاجرة أدوية تعمل في التهريب وتزوير العلامات الطبية.

عبده الشيخ: شريك نادية.

رئيس التحرير: رئيس تحرير الصحيفة التي يعمل بها عبدالله وصباح ومنيرة.

 

المكان

صنعاء

 

الزمان

خريف 2013

 

 

 

 

الفصل الأول

المشهد الأول

تظهر على خشبة المسرح مكتب صباح زيدان وهي تستقبل زملائها في مكتبها بالجريدة لدى عودتها من السفر للدراسة.

 

صباح زيدان:

(تفتح ذراعيها لتحتضن منيرة بدران بحفاوة)

مرحباً صديقة عمري الغالية، والله أنني في شوقٍ بحرارة الأدغال إلى عذوبة

روحكِ وشهد حديثك، وما أجمل الحياة بقربك، أشكر الله كثيراً

على هذا الكثير الذي لا يُمل ولا يرجى سوى الاستزادة منه..

(تتقدم خطوتين)

منيرة بدران:

(تحتضنها بحرارة)

لقد عادت لي سعادتي بعودتك كما عاد ليعقوب

بصره بقميص يوسف حين ألقاه عليه البشير، أنتِ إكسير المحبة

والحياة بقربكِ وبصحبتكِ شيءٌ لا يصفه إلا من أوتي الحظ الكبير

من البلاغة والفصاحة بل وأجزم أنه سيعجز عن ذلك..

(تصمت قليلا)

مرحباً مرحباً بحبيبة عمري وقطعة روحي التي أجتزأت

يوم سافرتي فعشت ناقصة، واليوم تعود العارية فيا لفرحتي بكِ

وبروحي ..

صباح زيدان:

(تسحب كرسياً وتأمرها بالجلوس)

تفضلي أيتها المنيرة البدرانة

التي لا تأفل عن الفكر والقلب..

منيرة بدران:

(تجلس)

لله درك يا صباح زيدان.. بالله عليكِ كيف عشتي هذه

السنوات بلا تفكيرٍ فينا.. ألستِ قاسيةً على من يحبوكِ قليلاً؟

صباح زيدان:

(تهز رأسها يمينا ويساراً)

والله ما غبتم عن البال طرفة عين يا

منيرة بدران ولكن الهاجس الذي ظل يسكنني دوماً هو الانتهاء

بأسرع وقت ممكن من الدراسة ولا أخفيكِ قلقي الدائم إلى جانب

ذلك على عبدالله فرسائله الأخيرة لي كانت تنبئ بأن ثمة ما يحوم

في الأفق وبأن شراً مستطيراً يتربص به.. ولا أدري فعلا كيف

غفلتُ عن طرح المزيد من الأسئلة لأحصل على تفاصيل منه ربما

أنساني ذلك قلقي الشديد عليه ولا مبالاته أيضاً بالمصائب التي

يراها في كل مرة هينة من سابقاتها لقد أخبرني ذات مرة أنه يرى

المشكلة التي تواجهه مثلما يرى الصينيون ” فرصة ” لاختبار

قدرات الذات والانتقال إلى وضع أفضل أكثر إشراقاً وقوة..

وبالمناسبة هل لديكِ يا منيرة بدران أي معلومات عن مشاكل عبدالله

قبل وفاته ومع من كانت؟

 

منيرة بدران:

كما تعلمين كيف كان عبدالله غامضاً محباً للعمل الفردي في الأغلب مستعينا على ما يمر به من صعوبات على إمكانياته وقدراته أكثر من أي شيء آخر لتجاوزها ولكني أشك في أن ثمة متورطين في قضية موته ولذلك التورط علاقة بما يجيده عبدالله من كشف للمستور الفاسد وتعرية للفاسدين لكن من وماذا وكيف فذلك ما لا أزيد عما تعلمين به شيئا ورغم هذا أقترح أن نبدأ البحث ونحاول الحصول على خيوط توصلنا إلى ما حقيقة ما تشعرين به بناءا على ما وصل إلى ذهنك من رسائله الأخيرة إليكِ …

صباح زيدان:

وماذا تقترحين ..؟

منيرة بدران:

فلنبدأ من حيث مكان سكنه وأرشيف الصحيفة ..

صباح زيدان:

هو ذلك وسأقوم بزيارة لأمه ثم نبحث في أرشيف الصحيفة ..

منيرة بدران:

لكن لا تنسي أن لا تبدي أي شكوك لأم عبدالله أو أي شخص آخر

حول ما تفكرين به حتى لا تهلك حسرة وأسى فربما كان موته

قضاء وقدر أهون من موته غدرا ومكيدة، وقاتلوه يتنعمون بالحرية.. هي ستبتهج فقط إن علمت ذلك وقد سيق قاتلوه إلى غياهب السجون لينفذ فيهم حكم الله جزاء لما اقترفته أيديهم وحينها فقط سيكون لها الفخر والشرف إن علمت أن ابنها مات بطلا وشهيدا في مكافحة الفساد والفاسدين أعداء الوطن وأعداء الحياة..

صباح زيدان:

لا بأس سأحرص على ذلك كثيراً.. وستكون زيارتي لها للتعزية

وجس النبض فقط..

 

يخرج الجميع

يسدل الستار

 

 

 

الفصل الاول

المشهد الثاني

شركة نادية هزاع– مكتب الادارة وهي تتحدث مع شريكها عبده الشيخ عن صفقة “إكسير الحياة” وكيفية توزيعها في الاسواق…

 

نادية هزاع:

هل انتهيت من عملية الدعاية لمنتجنا الجديد إكسير الحياة أيها الشريك ؟

عبده الشيخ:

نعم انتهيت من كل ذلك ولكن ثمة ما يقلق قليلا ..

نادية هزاع:

وما ذلك .. هل من كلب يبحث ورائنا ؟

عبده الشيخ:

الكلب مات ولكن جاءت صديقته في إثره ولعلها تنوي شراً ..

نادية هزاع:

بإمكانك أن تفصح فلا أحد يسمعنا غير هذه الجدران العمياء ..

عبده الشيخ:

لقد أخبرني بواب الجريدة التي كان المحقق عبدالله عبدالحليم يعمل فيها أن

صديقته المقربة جدا قد عادت من دراستها في الخارج وربما كان

عبدالله قد أخبرها شيئا في رسائله إليها قبيل وفاته ..

نادية هزاع:

لا تقلقني فبالكاد تخلصنا منه وكانت جريمتنا كاملة ولا أثر لوفاته

بتدبير أحد بل كان قضاءا وقدرا كما رآه الجميع .. لكن لو كان قد

أخبرها شيئا لماذا لم تفتح فمها حتى الآن كل ما علينا الآن فعله هو

الاهتمام ببيع منتجنا واسترداد كل ما بذلناه وخسرناه من جهد ومال في سبيل هذه الصفقة وبخصوص صديقة عبدالله فلا يهمك أمرها سأقوم بزيارة لشريكنا الثالث رئيس تحرير الجريدة التي تعمل فيها وأطرح عليه

ما نحن بقلق إزاءه ..

عبده الشيخ:

أتمنى ذلك وبخصوص المنتج فأنا متأكد أنه لن يمر سوى شهر

واحد حتى نكون قد بعنا الكمية كلها نقدا لا آجل ولا تحت التصريف..

نادية هزاع:

بإمكانك أن تذهب الآن وتهتم بتجارتنا ..

 

يخرج الجميع

يسدل الستار

الفصل الاول

المشهد الثالث

(على خشبة العرض هيئة منزل أم عبدالله عبدالحليم – صباح زيدان تتحدث مع أم عبدالله وتقدم لها التعازي)

 

أم عبدالله:

(جرس الشقة يدق وتذهب لتفتح الباب)

أهلاً ومرحبا.. هل من

خدمة أقدمها لك..

صباح زيدان:

(تمد يدها لمصافحتها)

هل هذا منزل أم عبدالله ؟

أم عبدالله:

(تصافحها)

هو ذاته و أنا أم عبدالله هل من خدمة أقدمها لك؟

صباح زيدان:

جئت من أجل عبدالله و لكن قبل ذلك ألن تدعيني للدخول أولاً؟

أم عبدالله:

أنا آسفة و لكن عبدالله قد مات… أرجو المعذرة تفضلي يا ابنتي..

صباح زيدان:

(تتقدم وتدخل)

شكراً لك يا أمي..

أم عبدالله:

(نظرات حزن تملأ عينيها)

تفضلي يا ابنتي ريثما أحضر لك كوباً من القهوة..

صباح زيدان:

لا أريد شيئاً ولم آتِ لتكليفك أو إتعابك .. أشكرك يا أمي فقط

جئت كي أعزيكِ وأعزي نفسي بفقدان عبدالله فألف رحمة تغشاه

.. صبّرك الله و عصم قلبك من الحزن..

أم عبدالله:

رحمه الله، ولكن أحب أن أعرف من أنتِ..؟

صباح زيدان:

أنا صباح زيدان زميلة عبدالله في العمل وصديقته المقربة..

أم عبدالله:

ليتني فرحت برؤيتك و هو حياً، و ليته أفرحني بزواجه..

صباح زيدان:

(تخجل قليلا ويتورد خداها)

رحمه الله وأسكنه فسيح جناته..

أم عبدالله :

عبدالله حي في قلوبنا لم يغب و لم يمت.. أنا من مات

صباح زيدان:

(تتنهد و زفرة طويلة تخرج من صدرها)

كيف كانت وفاة عبدالله فأنا كنت غائبة خارج البلاد للدراسة وللتو عدت..

أم عبدالله :

لا شيء كل ما أعرفه أنه قد خرج كعادته في صباح ذلك اليوم بعد أن

حضّرت له الإفطار وشرب قهوته التي يحبها من يدي و لكنه لم

يعد بل اتصلوا بي من المستشفى واخبروني بأن عبدالله أصيب

بتسمم غذائي وقد توفي على الفور من مغادرته للمطعم الذي تناول فيه عشاؤه الأخير رحمه الله وأسكنه الجنة ..

صباح زيدان:

رحمه الله وأسكنه الجنة ..

(تصمت قليلا)

لابأس يا أمي فكل من عليها فان ويبقى وجه ربكِ ذو الجلال والإكرام ..

أم عبدالله :

لا إله إلا الله ..

صباح زيدان:

عبدالله رسول الله ..

(تصمت قليلا)

هل تسمحين لي بالانصراف الآن ..

أم عبدالله :

لقد أسعدتني زيارتك كثيرا فلا تحرميني من رؤيتك والحديث

معك ما دمتِ صديقة وزميلة عبدالله .. لا أريد تعطيلكِ عن أعمالكِ

يا ابنتي ولكني سأنتظر زياراتكِ لي دائماً ففي ذاك سلوى لقلبي لا

استطيع وصفاً لها..

صباح زيدان:

حتما يا أمي سأفعل وإن احتجتِ إلى شيء بإمكانك الاتصال بي

في أي وقت

(تناولها بطاقة بياناتها)..

أم عبدالله:

كان الله بعونك .. إلى اللقاء..

صباح زيدان:

إلى اللقاء أمي .. مع السلامة..

(تلوح بيدها وتغادر)

 

 

الفصل الثاني

المشهد الأول

 

(على الخشبة منظر لارشيف الصحيفة- صباح زيدان ومنيرة بدران تبحثان في جميع أعداد الصحيفة التي سبقت وفاة عبدالله وكان له فيها نصيب من المقالات والتحقيقات)

 

صباح زيدان :

(تقلب أوراق الصحيفة تلو الأخرى أمامها)

أنا لا أصدق أن هذه المواد كتبها عبدالله على الإطلاق، أنا أعرف جيداً ما يكتبه

وأعرف كيف يفكر..

(تتأفف).

منيرة بدران :

(تتوقف عن تقليب الصحيفة هامسة)

هل ثمة ما يريب في الأمر؟

صباح زيدان :

(تتوقف عن الحركة لبرهة)

أظن ذلك.. بل أجزم ولا أظن..

منيرة بدران :

(تلتقط الصحف من الطاولة وتعيد ترتيبها على الرفوف)

لنغادر إذن بهدوء من هنا، قبل أن ينتبه إلينا أحد، فالحقيقة أنني لم أعد

أثق بشيء مما حولي..

صباح زيدان :

رتبي الصحف مثلما كانت وإياكِ أن تخطئي في ترتيبها

(تصمت وتذهب إلى أقصى المكان لتفكر بصوت مسموع)

إنني أشعر بالتناقض الرهيب بين مضمون تلك الرسائل التي كان يبعثها لي

وما توحي إليه وبين ما وجدته قبل لحظات ولكني لا أتمكن من

إدراك هذا الشعور، إنني عاجزة وخائفة جداً وأشعر برعشة

تسري بجسدي..

(تنتفض صباح زيدان وتسمع صوتاً يهمس بداخلها )

أهذا صوت قريني.؟

القرين:

تلك الرعشة هي مقدمة للتحليق، أهنئكِ جداً لقد امسكتِ بالخيط

الأول في قضية صديقكِ عبدالله.. استعيني بقدراتك وإمكانياتك في

الوصول إلى بقية ما تبحثين عنه، وعليكِ أن تؤمني بقضيتكِ،

فمن لا يؤمن بقضيته ليس له قيمة، فالأشياء تكتسب قيمتها ممن

يستهلكها وبقدر ما يستهلك منها بقدر ما يصبح لها قيمة، ما

ترينه من تناقضات وما تلتفتين إليه من الغرائب وما تكتشفينه

من علاقات وما تلتقطينه من حقائق في تلك الأشياء التي يراها

الآخرون تافهة وعادية ولا شيء يدعو للالتفات إليها أو التأمل

فيها هي الخيوط التي ستوصلكِ إلى الحقيقة التي تبحثين عنها

حقيقة الحياة وحقيقة القضية الغائبة..

صباح زيدان :

(يختفي صوت القرين وتلتفت لتجد مرعوبة لتجد خلفها منيرة

بدران)

ها ماذا هناك ..؟

منيرة بدران :

(متعجبة قليلا)

ما بك يا صباح زيدان، أناديكِ منذ لحظات وأخبركِ

أنني انتهيت من الترتيب ولا تردين عليّ .. هل من خطبٍ ما ؟

صباح زيدان :

لا لا شيء فقط سهوت وسرحت قليلا ونسيت المكان بما فيه ..

منيرة بدران :

خيرا .. دعينا نغادر المكان إذن ..

صباح زيدان :

(تمسك منيرة بدران من يدها وتغذ الخطى)

نعم فلنغادر..

 

يخرج الجميع

يسدل الستار

 

 

 

 

الفصل الثاني

المشهد الثاني

(منظر مكتب رئيس تحرير الجريدة بحضرة نادية هزاع )

 

نادية هزاع:

(تطرق الباب وتدخل)

صباح الخير حضرة الرئيس.

رئيس التحرير:

(يمد كفه ليصافحها)

صباح الخير يا نادية ..

(يشير إلى الكرسي)

تفضلي بالجلوس..

نادية هزاع :

(تجلس وتبدأ بالحديث)

هناك…

رئيس التحرير:

(مقاطعاً)

قبل أن تتحدثي بشيء ماذا تشربين ؟

نادية هزاع :

لم آتِ لأتضيف حضرة الرئيس.. لكن هناك ما يقلقني

بخصوص عودة الصحفية زميلة عبدالله وصديقته المقربة ؟

رئيس التحرير:

لا تقلقي يا سيدة نادية فأنا أكثر حرصا منكِ وحيطة ..

نادية هزاع :

أريد أن تثبت لي ذلك ..

رئيس التحرير:

وكيف تريدين أن أثبت لك ذلك .. ؟

نادية هزاع :

أخبرني شيئا مقنعا يبدد كل مخاوفي وقلقي ..

رئيس التحرير:

لقد كلفت من يقوم بسحب كل ما كتبه عبدالله في نهاية أيامه عن

القضية من ارشيفه الخاص بمنزله ومن ارشيف الصحيفة وكلفت

قسم الاخراج بعمل نسخ أخرى من الصحيفة تحمل نفس التواريخ

القديمة التي تم إتلافها وسحبها ولكن مواضيع عبدالله التي كتبناها

بأسلوبه تشير إلى أشخاص آخرين ومواضيع أخرى ليس لنا أي

صلة قرابة بها لا من قريب أو بعيد وبهذا أمنت من الباحثين سواء

من جهات أمنية أو غيرها خصوصا ممن لهم علاقة بعبدالله ..

نادية هزاع :

لكن ألا تظن أن ليس هناك من يحتفظ بالصحيفة في نسخها

الأصلية قبل تغييرها من الناس ..؟

رئيس التحرير:

لا تهتمي لهذا فقد نشرت الصحيفة ما ينفي ما نشرته في تلك

الأعداد لاحقا وهذا يبرأ الموقف ولو كنت قد لقيت عرضك عليّ

قبل نشر الجريدة تحقيقات عبدالله عن الصفقة لرفضت أن ننشر

تلك التحقيقات بل لعل نشرنا لها هو الصواب لسبب بسيط وهو

أن ذلك يبرأ ساحتي وساحة الجريدة أمام الرأي العام وأمام كل

من يعرف عبدالله ..

نادية هزاع :

الآن أنا مطمئنة تماما وبالي في راحة وهدوء وسكينة بال ..

رئيس التحرير:

هل لي بسؤال ؟

نادية هزاع :

تفضل ولو أنني أعرف هذا السؤال لكن لابأس تحدث ..

رئيس التحرير:

متى استلم بقية أتعابي ؟

نادية هزاع :

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب