الفيس بوك واوهام النجومية

هو عالم افترضي ، ومع ذلك تماهي الكثير معه وتركوه يبتلع عالمهم الحقيقي بما فيه شخصياتهم الواقعية بكل صفاتها المألوفة .
هم يعلمون انه تأسس على مجاملات مزيفة لاتعكس طبيعة المواقف الحقيقية ووجهات النظر والاراء التي يحملها البعض تجاه البعض .
لكن الاعتياد على الاطراء والكلام العذب انساهم ذلك الامر ، وصار الزيف حقيقة لديهم وهذا في جوهره نوع من انواع خداع الذات .
انها ظاهرة خطيرة بلاشك ان ينسى الفرد صورته الحياتية ويتوهم وجود صورة اخرى صنعتها له لغة معسولة تأتي من اخرين دفعهم نكوصهم او خيباتهم او محدودية مواهبهم او ضعف قدراتهم الى شراء صورة لهم ايضا مصنوعة من المادة نفسها .
في الفيس بوك ثمة تبادل صور متفق عليه ضمنا ( ارسمك صورة جميلة وارسمني صورة جميلة ) يمارسه الجميع من اجل مواصلة نفخ الذوات وصولا الى نجومية وهمية صار يعتقد اصحابها انها حقيقية واخذوا يتعاملون مع الاخرين من خلالها .
هذه الظاهرة اتسعت جدا وازداد معها ليس الاعتداد بالنفس فقط وانما الاعجاب بها بعد ان حازت في نظر صاحبها على حالة من المثالية لاتسمح لأي كائن في تخديشها بكلمة صريحة او رأي جريء او حتى نقد بسيط هدفه التقويم .
ذوات الفيس بوك ماعادت تتحمل عناوينها مالم تكن مسبوقة بكلمة تفخيم مثل (الكبير. العظيم. الحسناء. المبدعة) الى اخره من الصفات التي لا تنسجم مع محتواهم الانساني والابداعي الحقيقي .
وهذا التفخيم بدأ يتجلى في السلوك اليومي للغالبية من (اهل الفيس) الى الحد الذي غدت كل كلمة يقولونها يجب ان تقابل ب(لايك) كلامي وردود مؤيدة وعكسها فان الذات ستنفجر غيضا وتمحق بشظايا غرورها قيمة الشخص المعارض.