7 أبريل، 2024 5:46 م
Search
Close this search box.

الفيدرالية والاقلمة في العراق  …. مالها وما عليها

Facebook
Twitter
LinkedIn

من ضمن الاجسام الغريبة التى دخلت جسد العراق مع الاحتلال الفدرالية المأقلمة وصارت تنخر خارطته السياسية والادارية  حتى اصبحت قاب قوسن او ادنى من التطبيق في الاونة الاخيرة بعد ان تعالت الاصوات هنا وهناك لتعمل عملها على تغيير خارطته الموحدة المعروفة بالشكل والصورة والمضمون وتجعل من العراق الآمن المستقرالموحد ( الى حد ما ) كيانات ومقاطعات ( كانتونات ) سهلة السيطرة والابتلاع لا تقوى حتى على حماية نفسها بنفسها ، فهناك قوى واحزاب تطالب بارسائها واقامة الاقاليم الفدرالية لها من منطلق ان الاخيرة النظام الانسب للعراق بحجة التخلص من الحكم الدكتاتوري الشمولي المركزي متناسين او متجاهلين مع عدم الاقرار ان الفترة الماضية من سنوات الاحتلال والى الان عاشت وتعيش خلافات وصراعات حادة سببها الدوران حول فلك فكرة الفيدرالية واقامة الاقاليم وما ينتج عنها من الصلاحيات لتتحول الى دكتاتورية الاقاليم القسرية ، وما تعطيل اقرار  الميزانيات لاكثر من مرة والنقاش الخلافي حول قانون مجالس المحافظات غير المنتظمة للاقاليم واقرار قانون العلم الجديد المؤقت عنوة وقانون النفط والغاز وغيرها الكثير من التشريعات الخلافية الا شواهد على انحراف الخط البياني لبناء الدولة الموحدة بطريقة الفيدرالية المراد اقامتها في العراق من انتقالته الطبيعية فوق ورقة الخطوط البيانية ، رغم ان الدستور اقر الفيدرالية بشكلها العام دون تحديد نوعها وشكلها وهذه طامة اخرى تؤخذ بنظر الاعتبار سلبية على الغريب الذي دخل العراق بدون استئذان وخلق خلال اقامته غير الشرعية مشاكل عقيمة تكللت بضجر المواطن واشمئزازه من العملية السياسية برمتها من جانب ، ومن جانب اخر نبهت العقول وايقضت الضمائر على خطورة بقاء هذا الغريب  داخل البيت العراقي وتأثيره السلبي على مستقبل العراق والعراقيين .
الحالة السيئة هذه والفيدرالية المأقلمة لم ترسخ ولم تقم دعائمها منذ اقرارها ، وكل طرف يريد تحقيقها على طريقته والصراع القائم بين تلك الاطراف الكتلوية والحزبية في المحافظات ومجالسها وصيحات اعلان الاقاليم تارة في البصرة واخرى في الانبار وتارة في صلاح الدين واخرى في واسط وهلم جرا، فكيف اذا طبقت بحذافيرها على مستوى العراق . . . ؟ وما تداعياتها المستقبلية من منطلق قراءة القائم من المعضلات لايمكن المساومة عليها تزمتا واصرارا من هذا الطرف او ذاك . . ؟ ومنها على سبيل المثال لا الحصر  :- 
(1) الخلاف حول المناطق الادارية بين وفي المحافظات ليس كركوك فقط  ( اعادة القديم الى قدمه وترسيم الحدود الادارية ) بموجب المادة ( 140 ) السيئة الصيت والتي اصبحت ( اكسباير) مع نفاذ صلاحيتها من الدستور ( الفيدرالي ) . اضافة الى ان هكذا خلاف مناطقي في الوطن الواحد تخلق اشكاليات جديدة منها التدخل العسكري ومحاولة السيطرة او الاستحواذ بقوة السلاح واستعراض العضلات من قبل مليشيات وقوات غير منتظمة لا لدفاع ولا داخلية المركز الاتحادي الفدرالي كما هو الحال في كركوك وبعض اجزاء نينوى وديالى وصلاح الدين ويمكن غدا اجزاء اخرى من العراق .
(2) عدم الاتفاق او الاتفاق على مضض او الاتفاق الجزئي على الاقل في كل سنة مالية حول حصة اقليم العراق الشمالي ( فدراليا )  الى حين اجراء احصاء سكاني على النسبة التى يطالب بها الاخير مع الاخذ بنظر الاعتبار مطالبة المحافظات الاخرى ( الاقاليم لاحقا ) بنسبة من الزيادة اذا ماخصصت 17% لشمال العراق الفيدرالي اسوة .
(3) الجدال الخلافي المستديم  في البرلمان والحكومة حول تخصيص رواتب لعناصر البيشمركة من مالية الدولة ( الفيدرالية ) للاقليم الشمالي في كل دورة مالية  مع عدم موافقة العديد من الكتل البرلمانية او الحزبية على الطلب لاسباب تترتب عليها حقوق وواجبات ، اضافة الى في حال الموافقة تستجد مشلكة مالية اخرى عندما تطالب ميليشيات الاحزاب او الكتل الفاعلة في الساحة السياسية بتخصيص رواتب لها بدعوى كذا وكذا .
(4) مشكلة العلم العراقي  المختلقة والحل المؤقت له  لمدة سنة والانصياع للامر الواقع بسبب اصرار ساسة الاكراد على عدم رفعه في اربيل ودهوك والسليمانية  خلال المؤتمرات والمناسبات الوطنية الا بعد اجراء التعديلات عليه الى حين تصميم علم جديد يتناسب مع (  الفيدرالية ) العراقية حسب مطالب الرافضين للعلم السابق والموافقين مؤقتا للمعدل ( رغم اقرار التعديل المحكوم بسنة إلا ان السنة مضت والاتفاق على الجديد صار في خبر كان بسبب الخلافات العقيمة غير المنقطعة على كل شئ وليس العلم فقط بين الكتل والاحزاب ) مع العلم ان اغلب المواطنين العراقيين وهناك العديد من المحافظات ملتزمين بالعلم العراقي غير المعدل .
(5) رغم بعض الاتفاقات السطحية المرحلية او الآنية إلا ان العقود النفطية المبرمة مع الشركات الاجنبية من قبل ادارة اقليم العراق الشمالي بموجب اجتهادات صلاحية مختلف عليها حسب الدستور ( الفيدرالي )مع وزارة النفط في الحكومة العراقية واستمرار تباين وجهات النظر بين الطرفين بحجج يصر كل طرف على صلاحيات ( فدرالية ) تشريعية وقانونية يتمتع بها ومن حقه ممارستها كيفما يشاء تبقى قائمة ولايمكن تجاوزها بسهولة ،ناهيك عن الخلافات حول مشروع  قانون النفط والغاز غير المتفق عليه لحد الان
(6) من المعروف ان الجهات الاربعة في العالم ولدى الدول محددة بـ ( الشمال – الجنوب – الشرق – الغرب ) ومابينهما من الجهات المحددة حصرا ( الشمال الشرقي ، الشمال الغربي  . . .  الخ ) الملاحظ ان ( الفيدرالية ) في العراق سوف تجعل هذه الجهات في خبر كان او موجودة فقط على الخرائط مع استحداث جهة جديدة ( فدراليا )  تسمى بـ ( الوسط ) خصوصا عندما تقام الفدراليات على اسس الاقلمة القومية والمذهبية .
(7) المادة ( 119 ) في الفصل الاول من الباب الخامس من الدستورالعراقي المحتل وقانون ( 13 ) المُشَرع في مجلس النواب  المُقَسم للعراق ( فدراليا ) الى اقاليم اتيا بمعطيات جديدة للعراق الجديد تلك هى فرصة ( تقسيم المقسم ) نتيجة الخلافات الداخلية في داخل هذه الكتلة وذاك الطرف ادت الى انشقاقات حزبية وسياسية ولدت افكارا ونظريات متقاطعة تارة ومتجاذبة تارة اخرى لتزداد الهوة بين الاطراف وتتوسع مساحة الصراعات وبالمقابل ظهرت تكتلات وتحالفات جديدة نزولا عند رغبة مصالح كل منها ، الخلاصة تقول . . .  العراق ( الفيدرالي ) مقسم سياسيا عرقيا طائفيا قوميا مذهبيا وكذلك جغرافيا اقتصاديا وربما لاسامح الله تاريخيا ثقافيا اجتماعيا  .  . و . . و . . وربما تقسم المحافظة الواحدة الى اقليمين اواكثر 
  (8) ان تطويع ارادة الشعب العراقي باتجاه الفيدرالية والاقلمة وتوجيهها وفق اهواء الكتل والأحزاب والتنظيمات السياسية بقوة الايحاء والترويض بالمقارنة بين اقليم الشمال ومدن العراق الاخرى تارة والتقصير بقصد او دون قصد في تقديم الخدمات وتحقيق التنمية في المحافظات يولد اشكالية الأمر الواقع باحكم القبضة الفولاذية على مصير ومقدرات الشعب العراقي قسراً وقهرا، وفكرة الفيدرالية والاقلمة ايا كانت لاتبشر بالديمقراطية والحرية والعدل والمساوات المنشودة على الأقل في وضع العراق الراهن المفروض على ساحته السياسية والأجتماعية في وقت حاجة العراق والعراقيين الى مايضمن حقوق الجميع ويحفظ البلد من المساوئ ويصون خيراته لايبعثرها بل يوجهها التوجيه السليم نحو البناء والنمو والتطور في كافة مفاصل الدولة والمجتمع .
 (9) العراق باكمله باستثناء جزئه الشمالي لم يسمع عن نظام الفيدرالية واقلمة المحافظات إلا بعد 2003 مع قدوم الاحتلال ، حتى صار القادم الجديد يُعرف بنفسه على العراقيين ويروج لانظامه ويطرق الابواب الى ان دخل الدستور من ابوابه الواسعة ويعلم الجميع ان اقرارها جاء في مؤتمر لندن من قبل المعارضة العراقية انذاك بالمساومات والمحاصصات التى طرأت على ما يسمى بالعراق الجديد .
السؤال … باي وجه حق تصدر المعارضة هكذا قرارات هناك من غير العودة لرأي الشعب..؟ ومن اين استمدت شرعيتها للبت في مصير ومستقبل العراق وهي لاتمثل الا نفسها منذ ولادتها حتى وصولها بغداد بالطريقة المعروفة …؟ وماذا قدمت للعراق الى الآن …؟ وماهي الخدمات الجليلة المنسوبة اليها حتى الان كي تتبنى الفيدرالية والاقلمة للعراق وترتضيها دون الرجوع للشعب صاحب الخيار والأختيار بطريقة صحيحة سليمة وقد تكشفت عورة جميع النوايا وتوضحت للعيان اوراق اللعبة السياسية بمقدرات البلد .
(10) اذا كانت الضرورة تقضي بما كان والفيدرالية المأقلمة تعيد الروح للعراق جميعاً فاهلاً بها.. وطبعاً يجب ان يعالج هذا النظام جميع مشاكل العراق من جذورها ويجني ابنائه الخير منه ويعوض مافاته ، وهي اي الفيدرالية ترسم بالفعل والعمل بالرفاهية والتقدم وراحة البال والطمأنينة لكل العراقيين دون تميز في الأداء والممارسة ولاتخص طرف دون اخر ، تلملم جراحات الماضي وتعالجها بحكمة وعقلانية تنم عن روح الوطنية الحقة وتضع مصلحة الوطن العليا فوق كل الأعتبارات الفئوية او الخاصة.                                                                     (11) ان ظواهر جغرافية العراق ومظاهرها الطبيعية والبشرية والأقتصادية والسياسية تعكس وحدته وتكامله الى  درجة يستحيل معهما فصل او عزل اي جزء عن الكل المتكامل المكمل لبعضه البعض ، بحيث لاتستطيع اية بقعة عراقية ان تعيش في منأى عن باقي المدن الأخرى بحكم التنوع الجغرافي . لذا فان اية فيدرالية اقليمية جغرافية او قومية او طائفية  لو قامت فدوامها مرهون بمدى اكتفائها الذاتي ، وهذا امر يصعب تحقيقه في ظل مفهوم توجه دول العالم نحو تحقيق التكامل الأقتصادي خدمة لشعوبها في تقليص الفجوة بين مالديها من الأمكانات المادية الطبيعية والمكتسبة وبين الأستفادة بالتمتع من خيرات البلدان الأخرى .. والعراق بفضل هبة الله عليه فيه من خصائص متميزة من الخيرات ليس بمقدور احد حجبها والأستحواذ عليها جغرافياً ومنعها عن الأخرين من ابناء البلد الواحد ، الا اذا كانت غايات الفيدرالية هنا وهناك كسب منافع تخدم مصالح خاصة لهذا الجزء من العراق دون الأجزاء الأخرى .
(12) ان اقامة فواصل وعوازل فيما بين العراقيين ارضاً وشعباً باسم الفيدرالية والاقاليم تشبه في نتائج تاثيراتها جدار برلين او الجدار العنصري العازل في فلسطين . وعند العودة الى رغبة الشعب العراقي بعيدا عن تدخلات المصالح السياسية في حياتهم العامة ودون تسييس العلاقات فيما بينهم يظهر بالملموس الارادة الداعية الى توثيق الصلة والتواصل العراقي انسانياً واجتماعياً على طول خارطة العراق البشرية ، ان الفيدرالية التي تخلق هكذا جدران بين مكونات مجتمعه الموحد المتداخل لاتبغي من ورائها الا اقامة كيانات منفصلة (لاسامح الله) على ارض العراق الصلبة التي ترفض قطعاً اي خدش على خارطتها بكل انواعها وعلاقاتها الأجتماعية بكل اشكالها  . اضافة الى ان هكذا فواصل   تخلق نوعا من الحساسيات الادارية والاجتماعية واحيانا سياسية خلال تنقلات المواطنين بين المحافظات التى تخضع لقرارات هذا الاقليم وتلك الفدرالية كما هو الحال والملموس من معاناة المواطنين العراقيين القادمين الى مدن الاقليم الشمال العراقي مثل اذونات الدخول وموافقات الاقامة والسكن في تلك المدن العراقية .
(13) الخيار الفيدرالي يجب ان يتم بقرار وارادة عموم ابناء العراق، وليس من حق هذا التنظيم او ذاك ان يفرض ارادته على عموم الشعب العراقي ، وان اجراء استفتاء منفرد وخاص حول شكلها ونوعها امر لابد منه وضرورة تحتم الأنصياع لرأي الأغلبية بعد الأتفاق على فيدرالية واحدة لكل العراق تؤمن الوحدة الوطنية وتضمن مصلحتها ومستقبلها ،لافيدرالية متنوعة تقسم العراق وتجزئه قومياً وعرقياً ومذهبياً وبالتالي تحوله الى شتات يسهل ابتلاعه وقضمه ويؤدي به الى الهلاك والضياع والحاق الضرر بوجوده وديمومته . 
(14) ان فيدرالية البلدان واقلمتها عندما قامت ثبتت على وحدة شعوبها واراضيها ولازالت كذلك واعلنت عن انتمائها الوطني شكلاً ومضموناً قبل اية اعتبارات قومية او جغرافية او مذهبية او..او.. وهي ضمن الجزء الفيدرالي الاقليمي التي تنتمي للكل الكبير بينما الفيدرالية العراقية تعني الأنسلاخ عن العراق ليس بالضرورة الآن ولكن في المستقبل ،عليه فعند الكلام عن فيدراليات الدول الاخرى يجب اتخاذها مثالاً يحتذى به بجوانبها الايجايبية والأستفادة من تجاربها بما تناسب وتلائم الجسد العراقي المعروف في المجتمع الدولي .
 (15) ان نماذج تجارب التاريخ السياسي للأمم والشعوب بعد الحربين العالميين ومانتجت عنها من ولادة دول بتشكيلات غير متجانسة مواعظ وعبر تلك الولادات التي جاءت (قيصرية ) بقرارات الاجماع الدولي (الخاطئة) لدول الحلفاء وبالقوة ، وتكونت دولاً عمرت عقود طويلة من الزمن ولكنها لم تدم ولم تستمر كما اراد لها حيث عادت في النهاية الى ماكانت عليها ..لماذا..؟
لأنها نشأت قسراً دون اعتبارات لتشكيلة ومكوناتهاغير المتجانسة بعد سلخت اوادمجت على غير ارادتها حتى انهارت وسقطت ورجعت الى سابق عهدها.. مثل الأتحاد السوفيتي، بولندا ، تيشكلوسافاكيا ، يوغسلافيا ..ولازالت هناك مشاكل قائمة في بعض الدول من جراء ذلك.
اذن فان اية فيدرالية في العراق اذا ماطبقت قسراً او بالأكراه او استرضاء لرغبة الجزء من الكل دون العودة للأجماع الكلي فان مصيرها الفشل ايضاً اسوة بتجارب الشعوب السابقة في استخدام القوة القسرية باسم الديمقراطية والحرية.
(16) في الوقت الذي تجاوزت اغلب دول العالم الثالث بعد اوربا صراع النعرات العرقية والطائفية والدينية بعد ان تيقنت من عدم جدوى تلك الصراعات العقيمة التي لم تولد لهم سوى الخراب والدمار والويلات ، تحاول جهات سياسية عديدة في العراق على تكريس بذرة الخلافات بين تلاوينه الموحدة في العراق الموحد منذ نشأته من خلال الدعوة الى نوعية متنوعة من الفدراليات لاتتناسب مع حجم التشابك الأجتماعي والتاريخي والأقتصادي لإعادة بناء دولة العراق .
(17)  يخاطبنا سيد الكائنات محمد (صلى الله عليه وسلم) ..(ان الله يحب ان يرى اثار نعمته على عبده). لقد انعم الله على بلادنا من الخيرات الطبيعة الوفيرة بما لاتعد ولاتحصى لم تستغل ولم تستثمر بقدر ماينتفع منها المواطن وبالشكل المرجو ، اي ان اثار تلك النعم لم تنعكس ايجابياً على حياته الأجتماعية والأقتصادية وحتى التربوية والثقافية والعلمية مع متطلبات الحاجة والتطور العالمي .
ان محاولات الأستحواذ بأسم الفيدرالية المطروحة على تلك الموارد واحتكارها تعني منعها عن باقي الأجزاء العراقية الأخرى مستقبلاً ومن ثم الأستفادة من مردودها الأيجابي على كافة جوانب تقدمها وتطورها ضمن حدود الجزء دون الكل ، هذا يعني الحرمان من تلكم النعم والخيرات الألهية التي لاتنضب عن باقي ابناء العراق من هذا الجزء الفيدرالي او تلك .
فاتقوا الله يااولي السياسة وتذكروا قول الجليل الرحيم (اتقوا يوماً ترجعون فيه الى الله)      
(18) الدعوات الى الفيدرالية نابعة من تخوف مصادرها عودة حكم السلطة الاحتكارية الدكتاتورية ، لكن اذا ماتم ارساء الديمقراطية الصحيحة بمعناها ومضمونها الكامل الصريح السليم على ارض الواقع بالشكل المراد وبالصورة التي يقرها الدستور ولوائح مبادئ حقوق الانسان فلا حاجة لاية تقسيمات لاتخدم مستقبل البلاد والعباد ولا تحقق الوحدة الوطنية لهم .                                                                                               
ان احتواء واحتكام الدستور بمبادئ الحرية والديمقراطية والزام السلطات التنفيذية والتشريعية على تطبيقها يضمن حقوق العراقيين طولاً وعرضاً بعد ان يحدد صلاحيات المركز  وتوابعه في اتخاذ القرارات ضمن الية يرتضيها ويختارها العراقي بنفسه طالما يتمتع بحقه السليم عل اعتباره مصدر السلطة وهذا ما يجرد قادة الأحزاب والتظيمات السياسية من الخوف المشوب بالحذر من ادارات الحكم المركزي من ان تنقلب الى دكتاتوريات .
 (19)  ان واحدة من اسباب استمرار بقاء العراق تحت نير الأحتلال استمرارية وديمومة المشاكل والمعضلات الداخلي العراقي والداخلي الداخلي بين الكتل والتحالفات حيث تعد الفيدرالية التي جاءت مع الاحتلال وحلفائه احدى اسباب عدم تجاوز العراق محنته واستعادة عافيته التي طالت مع طول المناقشات بالتجاذبات والتقاطعات حول الفيدرالية وافرازتها على قانون ادارة العراق المؤقت وبالتالي على الدستور ومواده ومن ثمة تمريرها في مجلس النواب .
(20) الفدرالية في اصلها واصولها المتعارف عليها ومهما كانت شكلها ونوعها فانها تجتمع عسكريا ، امنيا ، اقتصاديا ، دبلوماسيا في وزارات الدولة الفدرالية  … الدفاع ، الداخلية ، المالية ، الخارجية . لا كما مرسوم ومخطط اليوم للمستقبل ومطبق في الجزء  الفدرالي من العراق وربما في اجزاء اخرى مستقبلا اذا ما طُبقت هكذا فدرالية استقلالية والتى تزرع الخلافات والنزاعات وتجذرها بين الحكومة الاتحادية ( الفدرالية ) والفدراليات الفرعية وتجربة الشمال العراقي خير دليل على ذلك .
 (21) كما هو معروف ان الفدرالية المأقلمة في الغالب الاعم تكون واحدة في الشكل والصورة وتعني لغة واصطلاحا ( الاتحاد اوالتوحد على طريق المصير الواحد في السراء والضراء ) ، توحد الوطن الام المجزء لا تجزئه والعراق كما معروف ايضا موحد اساسا لا فواصل بين محافظاته والاهم انه متماسك ومتداخل اجتماعيا فلماذا اقاليم فدرالية ( كردية – سنية عربية – شيعية عربية )  في بعض صورها ( اي قومية مذهبية ) رغم ان المذهبين الاخيريين اصولهما عربية صرفة …؟ فلماذا التفريق والتفرقة … ؟ ثم اين هى  حقوق باقي نسيج العراق من الفدرالية المأقلمة الذين لهم بصمات في تاريخ وحضارة البلد يشار لها بالبنان … ؟
(22) اذا جاز لنا اتخاذ فدرالية الشمال العراقي ( اربيل – سليمانية – دهوك ) مثالا يحتذى به  فانها عاشت سنوات  مريرة حتى وصلت الى ما عليها واتحدت بضغوط الدبلوماسية الامريكية بعد ان كانت فدراليتين ( سليمانية ) و ( اربيل دهوك ) قادتها العمة ( مادلين اولبرايت ) رأس الخارجية الامريكية الاسبق رغم خلافاتهما المستديمة التى لا زالت بعضها عالقة ، لذا فان باقي محافظات ومدن العراق في غنى بما عاشت من مرارة وقساوة سنوات الاحتلال من هكذا تجارب تعود سلبا عليها . 
(23) سنوات الاحتلال بعد 2003 من ويلات ومصائب وسلبيات العملية السياسية عاشها العراق والعراقيين  انعكست اثارها غير المرضية على عموم الساحة السياسية والادارية والاقتصادية والامنية والاجتماعية في العراق بما فيها افرازات الديمقراطية ( العجيبة الغريبة ) ديمقراطية المحاصصة ، ديمقراطية التوافق  ،  ديمقراطية  المشاركة ، ديمقراطية معرقلة للبناء والتطور والتقدم اضافة الى ديمقراطية الفساد المالي والاداري وديمقراطية المحسوبية والمنسوبية الحزبية والكتلوية ، العمومية هذه رغم وجودها في المحافظات ستنتقل اليها بشكل اوسع واشمل عند التقسيمات الفدرالية المأقلمة تولد معها كيانات دولة مصغرة تستقوى على الدولة الاكبر منها بما تملك من القوة العسكرية والمالية تؤهلها للانفصال والاستقلال عن الكل شائت ام ابت ازاء مخططات  تقسيم العراق على اسس طائفية عرقية خلف الكواليس والغرف المظلمة وفق خطة بيكر هاملتون وقرار التقسيم الناعم لمجلس الشيوخ الامريكي  وقبلهما وثيقة كارينجا الصادرة من هيئة الاركان الاسرائيلي والمنشورة في كتاب ( خنجر اسرائيل )  .                                                                                                                    اخيراً … وبعد كل ما تقدم نستنتج حقيقة بصوت صارخ .. تقول ان السيدة الفاضلة ( فيدرالية ) والاقلمة في حالة العراق  الراهنة سواءاً كانت ادارية اوسياسية قد اُفرغت من محتواها الحقيقي في القصد والمعنى وبقيت تحتفظ بالغاية والهدف المقصود من ورائها حسب تفسير تيارات اهواء ورغبات المتحكمين بالبلد الجريح رغم وجود كتل من اشد المعارضين لها .
[email protected]

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب