23 ديسمبر، 2024 6:09 ص

الفياض والمظفر ومَنْ معهم ليسوا شهداء!

الفياض والمظفر ومَنْ معهم ليسوا شهداء!

مر أحد العارفين على رجل يبكي على قبر، فقال: يا هذا، ما الذي يبكيك؟ فقال الرجل: أبكي على مَنْ أحببتْ ففارقني، فقال له العارف: ذنبك أنك أحببتَ مَنْ يموت، ولو أنكَ أحببتَ الحي لا يموت لما فارقك أبداً!
كربلاء تتخرج منها يومياً، كوكبة جديدة من الأحرار والشهداء، وكلٌّ بإبداعه يتوج شهيداً، فمنذ عامين بدأ عطاء الدم ضد الدواعش، وكان الحسين سر قوتهم، وصورهم ترنو إليها الأبصار والبصائر، وكل مجاهد منهم يقول في نفسه: ما أفعله أنا يراه إبني ثم حفيدي، فكيف بالطريق صوب كعبة الحرية! التي تطوف بها حشود مرجعية، وتحلق في السماء نداء: هيهات منا الذلة طمعاً بكرامة الشهادة.
شهداء حشد المرجعية يتميزون بكثير من الصفات، وأعظمها أنهم ملبون للنداء، سائرون على منهج أهل البيت عليهم السلام، والذين يتبنون قضايا الأمة الكبرى، ولا تهمهم القضايا المادية، والجزئية، والفئوية، فهذا المقاتل الذي ترك حياته، ولبى نداء الجهاد إستوعب خطورة المرحلة، التي عاشها العراق عند إستباحة ثلثه من قبل التكفيريين.
 عشق القضية الحسينية، هو عشق للشهادة في سبيل الحق، وقد تحرك في ضمير العاشق، وقلبه، وعقله، فكان التعامل مع الفتوى من خلال جوهرها ومضمونها، ولم يتعامل معها بشكل شعائر وطقوس ظاهرية، وإلا ما الذي تفعله عمامة سوداء، وبيضاء في سوح الوغى، تقاتل الأوغاد، وتقارع التطرف، وتساند الجيش، وتسقي عطاشى النزوح، وختامها مسك بين دفات التراب الطاهر، معفرة بدم الشهادة، الله أكبر، كم أنتِ مقدسة وزكية، أيتها العمامة المجاهدة؟!
هناك حكمة تقول: (قد يبعد الله عنك ما تحب، ليشغلك بما يحب، ففي أقداره حكمة ورحمة، فهو يعلم وأنتم لا تعلمون)، فكيف بهذا البلاء؟ الذي يقترن بقمة العطاء وهي الدماء، حين جعلت من تحرير الموصل سبباً لوحدة العراقيين، وأن هؤلاء الغيارى على دينهم وعقيدتهم، يأبون أن يتصدرهم المارقون، لذا زحفوا صوب التحرير، يملؤهم حب الباريء عز وجل، والبشارة بلقائه، وجنون الحرية، وعشق كربلاء، لأن هذه المعطيات تجعلك في عليين، مع الشهداء والصالحين وهو الهدف الأسمى.  
ختاماً: السيد عبد الرضا الفياض، والشيخ جعفر المظفر، ومئات مثلهم من رجال المرجعية، لم يكونوا شهداءً فحسب، بل عاشقون حقيقيون، لأن العقول تدرك جيداً، أنهم قد رحلوا لمعشوقهم، لذا فهم قدوة في تنفيذ أدب الأئمة وشجاعتهم، وإبائهم وتضحيتهم، التي ستُخلد في سفر التأريخ، لتذكرهم بأحرف من نور، لأن الفكر الدموي، لا يمكن إزالته بطريقة فكرية اعتيادية، بل يحتاج الى فتوى عقائدية ملحمية، فهنيئاً لكم يا عشاق الشهادة.