19 ديسمبر، 2024 7:10 ص

الفوضى والارهاب والوطن

الفوضى والارهاب والوطن

المرور والسيارات المفخخة….السلامة الامنية للمقاتل…الشريط الحدودي او الحزام الامني للعاصمة بغداد..
لايعرف العالم المتقدم منه والمتأخر ان سبب استمرار حالة السيارات المفخخة في العراق,ترجع الى فشل الحكومة ووزارة الداخلية ومديرية المرور العامة من السيطرة على الحركة التجارية للسيارات(بيع وشراء ونقل الملكية),فقد يكون هناك عشرة او اكثر من مالك لسيارة واحدة,لعدم وجود الية بسيطة جدا لمداولة ومناقلة ملكية السيارات بين البائع والمشتري,بينما اي دولة لاتقبل ان تترك ملكية السيارات بين اكثر من شخص واحد(في دول الغرب نفس ورقة ملكية السيارة هناك حقل خاص بالبيع والشراء,تقطع الى نصفين اثناء البيع ويتم ارسال الاوراق الى دائرة المرور ليتم تغير اسم المالك الجديد بدقائق,وهناك اليات لكل دولة لكنها متقاربة),اما ان يترك المواطن المسكين كوسيلة للابتزاز من البائع وصاحب السيارة الاول,فهذه حالة مفتعلة بقصد او بدونه لاغراق الشارع بالمشاكل والفوضى ,وتسهل عمليات الاستغلال الارهابي لهذه الالية الغير موجود في اي دولة من دول العالم الحديث,وحالة واحدة لاحظتها من بين العشرات تعكس حجم الاذى, الذي يتعرض له الانسان العراقي جراء تلك الاجراء الخارجة على العقل والمنطق,رافقني شخص في رحلة تكسي من بغداد الى احدى المحافظات الجنوبية,خلص رصيده للموبايل,واخذ بميانة موبايل السائق,وهو يترجى ويهدد البائع,لانه خضع للعبة نقل ملكية السيارة,ومشغول بالذهاب والعودة من والى بغداد ,يبحث عن المالك الاصلي للسيارة,هذه العقليات التي تحكم البلد بهذه الكيفية, ليس صعبا عليها ان تستورد اسلحة فاسدة او مواد غذائية منتهية الصلاحية,او تهدر المليارات كعمولة صفقات كبيرة,تذهب للوسطاء والمسؤولين الفاسدين,لان الدولة عاجزة عن شراءها مباشرة, هكذا دولة لايمكن ان يثق بها احد في انها ستستغل حجم الاموال الطائلة من الموازنة السنوية لتطوير العراق واعادة بنائه بشكل سليم وصحيح,
نسأل ادارة المرور العامة اين عملكم ,وماهي التغييرات التي حصلت منذ سقوط النظام البائد,وماهي مساهماتكم في الحد من الاستغلال المتكرر للارهابيين للسيارات المفخخة,وماهي العقبة الاعجازية التي منعتكم من استكمال مصانع ارقام السيارات,اين تكنولجيا المعلومات,هل تحسنت خدمة المواطن ,اسئلة اخرى كثيرة لدينا ولدى المواطن تنتظر الاجابة والحل?
اما مسألة السلامة الامنية للمقاتل(سواء كان من الداخلية او الدفاع او بقية الاجهزة الامنية)فهذه قضية شائكة,تبدأ من الكفاءة وتستمر وصولا الى الية التنظيم والاهتمام والادارة والحس الامني,تكررت حالة استهداف نقاط التفتيش,وبدأت تظهر على السطح مجددا ظاهرة السيطرات الوهمية,اظهر احد الافلام الذي نشر على اليوتيوب والفيسبوك ولانعلم تأريخه تحديدا,ان مجموعة من الارهابيين قاموا بارتداء ملابس تشبه ملابس الفرقة الذهبية او ماتسمى بسوات(صاحبة الزي العسكري الاسود),وهم يخططون لاقتحام سيطرة مدينة حديثة,يرومون تنفيذ الهجوم الارهابي بسيارات مصبوغة باللون الاسود,ثم وضع اضوية اشارات الانذار فوقها
(وهذه متوفرة بسهولة في الاسواق المحلية او الخارجية القريبة من العراق)أعد الرتل الارهابي ظهرا كما يبدوا للهجوم,لم يشك احد بهم لا الاهالي ولا الدولة,وصلوا ليلا للسيطرة,وكانت سيطرة كبيرة بالمساحة وعدد افرادها,تصور امسوك بهم واحدا واحدا,بل ان افراد السيطرة انخدعوا بهم وينادون احد الارهابيين بسيدي?
نحن نعلم منذ عرف العراق مهنة الحارس الليلي كان هناك كلمة سر(سر الليل),والجيش لايتحرك ليلا دونها,التحليل لهذه الحالة الموثقة بالصوت والصورة(ولعل مئات من هذه الحالات التي حصدت ارواح الشباب دون ذنب), هو عبارة عن  وجود حالة فوضى عسكرية مخيفة جدا ولاتبشر بخير,كان لدى حكومة البعث هواجس ومخاوف من احتمالات الانقلاب العسكري,فتشددت ومنعت حركة الارتال العسكرية بين المدن بسهولة,بل ومنعت دخول اي سيارة عسكرية الى داخل المدن,في مثل الوضع الحالي والاستهداف المستمر لنقاط التفتيش,وظهور السيطرات الوهمية,والضرورات العسكرية التي تستوجب دخول القوات الامنية الى المدن لمطاردة  العناصر الارهابية والاجرامية,المفروض ان تكون هناك تعليمات امنية صارمة لاتقبل الخطأ اطلاقا,تحدد طبيعة حركة القوات العسكرية وطبيعة مرورها من امام نقاط التفتيش,وكذلك هناك انظمة وضوابط واضحة وصريحة تسمح لرجال نقاط التفتيش من اتباعها في حال ظهرت شكوك حول اقتراب اي عجلة عسكرية او مدنية من تلك المواقع,ليس الامر صعبا,ولكن التغاضي عن الاهتمام به يسبب المزيد من الخسائر في الارواح,كان بالامكان تجنبها بقليل من الانضابط الاداري والامني,
اولا وكما ذكرنا ذلك في عدة مقالات سابقة,الاهتمام بالانظمة الادارية والحركية والمعلوماتية للقوات العسكرية يعطيها كفاءة في الاداء مع خسائر قليلة في الارواح,قلنا للقائد العام للقوات المسلحة,ليس احتضان الارهابي صاحب الحزام الناسف حلا مقبولا,انما تزود السيطرات ونقاط التفتيش بصفارات انذار (وهي رخيصة الثمن ومتوفرة ),بحيث يمكن تشغيلها عند الشعور او الشك بوجد حالة خطرة,ومن ثم يسمح للمواطن بالابتعاد او النوم على الارض لحين انتهاء انذار الخطر,اما بخصوص تفتيش السيارات فيمكن اعطاء الاوامر والتعليمات لاصحاب السيارات,بحيث يمكن قراءتها عبر لوحات مثبتة او قراءتها عبر مكبرات الصوت ,وهي اجراءت بسيطة وسريعة,ترك العجلة فتح ابواب السيارة وبقية اجزاءها الامامية والخلفية,ثم يبتعد السائق عدة امتار ليقترب رجل الامن لتفتيشها,اما بالنسبة للرتل العسكري يتوقف على مسافة تبعد اكثر من عشرين متر ,ثم يرسل شخص غير مسلح الى السيطرة الامنية لابلاغهم بكتاب رسمي بالحركة
(لاتأخذ العملية دقائق) ,ويتم التأكد منه عبر الاتصال,وهكذا حركة العقل الامني ضروري في مواجهة ارهاب متجدد تقنيا وعسكريا وتكتيكيا,الاوامر العسكرية وكثرة التركيز عليها,تجعل رجل الامن دائم النشاط والحركة والفعالية,يعمل بحيوية كبيرة عندما يرى ان قادته تتابع وتراقب وتفكر فيه ,وفي حمايته وتطوير اداءه ….
ان نتائج الحرب الاخيرة على الارهاب في الشريط الحدودي المحلي للعاصمة بغداد,وكثرة الخسائر من الجانبين(القوات الحكومية,والجماعات الارهابية داعش والقاعدة),تشرح وتؤكد بوضوح ان الاوكار الارهابية في تلك المناطق (الانبار الموصل ديالى تكريت)غير قليلة وليست بالعادية,بل يبدوا انها كانت على موعد ونقطة صفر غير محددة,خرقتها القوات الحكومية بالصدفة(بعد حادثة استشهاد القائد الكروي وبقية الجنود) ,فما يظهر على الارض يؤكد هذه الحقائق, ان الارهاب في هذه المناطق في الاعم الاغلب ارهاب محلي,مزيج من بقايا الاجهزة الامنية السابقة لنظام البعث المنحل,مضاف اليه المنتمين من ابناء السنة في تلك المناطق الى الحركات الارهابية(السلفية الجهادية,علما ان هناك  اقلية شيعة بسيطة تحولت في فترة الحصار الاقتصادي على العراق الى الدين الوهابي الخارجي),مع وجود ارهاب خارجي بالطبع,لكن الاستمرارية ودقة التخطيط والاستهداف والاحتضان المحلي,ترجح كفة الارهاب العراقي ,تصوروا ان  الجيش منتشر بكثافة هناك,والمعارك دائرة بشراسة في تلك المناطق,وطيران الجيش ينفذ عشرات الطلعات ويقصف عدة اهداف,ومع ذلك يتحرك الارهاب بسهولة فيضرب في الطرق الخارجية,وفي داخل المدن,ويصل العاصمة بغداد,ثم ينسحب بطرق مؤمنة,وهذه اسئلة ايضا نتوجه بها مباشرة الى القائد العام للقوات المسلحة والقادة المسؤولين عن الملف الامني في تلك المناطق,
ونسأل السياسيين والبرلمانيين الممثلين لتلك المحافظات,اين انتم,ومن اين يأتي هذا الرصاص الغادر ليضرب قواتنا المدافعة عن العراق والمنطقة والعالم,والمتصارعة مع اخطر الجماعات الارهابية التي عرفتها البشرية في العصر الحديث,
لماذا يسكت السياسي السني عن الخونة,ولايقدم المعلومات للقوات الامنية,بل يعربد في تصريحاته الغير متزنة ضد تلك العمليات الوطنية,والتي تثبت للعراقيين وللعالم العربي, انها اول ضربات عسكرية وطنية,ينفذها اول جيش وطني عرفه العراق والمنطقة,يضحي بنفسه حتى لايقع اي انسان ضحية خطأ امني,والا فيمكن للمقاتل ان يحمي  نفسه امام اي خطر يشك به, كما كان يفعل جيش صدام وجلاوزته في محاربتهم للشعب عام 1991(ينقل احد الشهود عن احد مرتزقة صدام ابان احداث انتفاضة شعبان ,انه اي الارهابي الصدامي اطلق النار عن بعد في محافظة البصرة على امرأة عبرت الشارع تحمل شيئا تحت عباءتها  مدعيا انه اعتقد انها تخفي سلاحا فأرداها قتيلة,ولما اقترب منها وجد تحت عباءتها خبزا يابس,فيقول ناجي عبد الامير المسرحي العراقي المعروف ,الذي كان يسكن فنادق بغداد خوفا من التسفير مع عائلته المهجرة منذ ثمانينات القرن الماضي, قلت له لماذا قتلتها ماذنبها, لعلها كانت تحمل الخبز لاطفالها ,يقول يرد صاحب العجل والقشمر ويول خاف انت
غوغائي مثلهم),اليوم الجيش جيش الوطن,من يطلق عليه الرصاص او يتخاذل عن نصرته او الدفاع عنه,خائن بلاشك او تردد او خوف,قبل وبعد نظام صدام عرفنا ميدانيا وواقعيا معنى ان تكون عميلا للاجنبي, تنفذ اجنداته واوامره الامبريالية دون خجل, او ذرة ضمير, بل بسفالة غير معهودة بعراقنا,وان تنفذ عملية قذرة اسماها الغرب بتفريغ القوات ليسهل استهدافها بعد انسحابها من الكويت, كوسيلة وكثمن مقبول لبقاء صدام والبعث في الحكم,وان تخون شعبك وتجوعه وتشرده خارج الوطن,كله من اجل ان لايكون العربي الشيعي مواطنا من الدرجة الاولى,بطريقة خبيثة اوهمت بعض العرب السنة ان الدكتاتور سيرحمهم يوما ما ,حتى وان كانت اخطاءهم بسيطة,فأمطرها المغبون المنحط عدي بقذائف الهاونات وبقصف الطائرات بعد ان شاهد عشيرة محمد مظلوم الدليمي ورفاقه اثار التعذيب الوحشي البادية على جثث الضحايا.
الارهاب ليس خارجيا كما كانت الكتل الشيعية وحكومة المالكي تدعيه مجاملة للاخوان في المناطق السنية المحشوة بالارهاب,وانما ارهاب كما قلنا اغلبه محلي ومن ابناء تلك المناطق,ومطالب الاعتصامات كانت واضحة اطلقوا سراح الارهابيين والارهابيات من السجون,وكادت الكتل الشيعية والكردية ان تمرر قانون العفو الثاني عن هؤلاء المجرمين لولا رفض الشعب واسر الضحايا ومواقف بعض البرلمانيين الشرفاء,وكذلك موقف كتلة رئيس الوزراء بوجه هذا القانون المثير بصورته الحالية,
ان الرغبة في العودة الى الارهاب والاسلوب القبلي الجاهلي لادارة الحكم,ليست نموذجا للعيش المشترك,في وطن متعدد الطوائف والاعراق والاثنيات,والحنين للنموذج الاستبدادي الشمولي في الحكم ليس مجديا في عصر العولمة الحالي,بل ان السير خلف المشاريع الخارجية, التي تتبناه دول محور الشر(السعودية قطر تركيا),لن ينفع ابدا,لان هذه الدول هي تعاني من ضغط الشارع والعالم عليها,من اجل تغيير انظمتها السياسية التقليدية,وانها تخشى بشكل واضح من زحف الربيع العربي الديمقراطي الى داخل بلدانها,وقد سجلت فشلا ذريعا في مشاريعها التأمرية الاخيرة في مصر وسوريا واليمن ولبنان وليبيا ,ومن قبل العراق,
اذن لن يبقى امام المواطن العربي السني الشريف ,الا طريق الوحدة الوطنية,والاستمرار بالمشاركة الفعلية القوية في تمتين اواصر الاخوة في الدين والوطن,من اجل استكمال مشروع بناء دولة المواطنة الحقيقية,في عراق يعز فيه المواطن والمقيم والزائر والانسان عموما,
اليوم عالمنا عالم بلا حدود,وبلا هويات او خصوصيات مفروضة ومتشددة او منقطعة عن العالم,عالم يؤمن بحرية العقيدة والرأي,
 واحترام حقوق الانسان والحيوان والطير والحجر والبشر, وكل الموجودات الطبيعية,انها سنن كونية لن تستقيم اطلاقا مع الفوضى,ولن تستقر الا بعقلية الانسان الناضج, واخلاقياته وسلوكياته السوية, البعيدة عن كل اشكال الحدة والعنف والتطرف
,فالتمرد والانقسام لاينتج الا الخراب, ومزيد من الدماء…..

أحدث المقالات

أحدث المقالات