9 أبريل، 2024 8:46 ص
Search
Close this search box.

الفوضى واستمرارية الفوضى ابريل 2003 – ابريل 2020

Facebook
Twitter
LinkedIn

ما نعيشه اليوم فى العراق يعبر عن كارثه متعددة المستويات, ان دولة المحاصصه الهلاميه تقودها وزاره ذو صلاحيات محدوده, حكومة تصريف اعمال وبرئاسة السيد عادل عبد المهدى الذى يوقع عقودا واتفاقيات وتعين المئات من الدرجات الدرجات الخاصه خلافا للقوانين والدستور. لقد فرضت عليه الاستقاله ولكنه مازال رئيسا لمجلس الوزراء لان الكتل الشيعيه, بعد رفض اثنان من المرشحين من قبل الحراك الشعبى وفى النهايه بعد الجهود التى بذلها السيد محمد علاوى قدم اعتذاره ذلك لان كتل المحاصصه فرضت عليه مطاليب وشروط لم يكن مستعدا لتنفيذها. واخيرا كلف رئيس الجمهوريه السيد الزرفى بتشكيل الوزاره, وبدات سلسه من التحفظات والرفض لـ ” تطاول” رئيس الجمهوريه على الدستور وعدم الاخذ بالكتله الاكبر, تم اخيرا تسميه السيد الكاظمى لرئاسة الوزراء, بعد ان حضر” ولى الامر”الى بغداد ووضع خريطة الطريق التى ترفض السيد الزرفى لانتمائه للعدو الامريكى, وجاء هذا قبل ان ينتهى السيد الزرفى من تشكيل كابينته, هكذا بكل بساطه . ان ما يحل فى اروقه الكتلة الشيعيه هو نوع من الكوميديا السوداء ومن النوع البأئس جدا, من نوع الخرافه واللامعقول: الاسود يمكن ان يكون اخضر ويمكن ان يكون ابيض او اى لون اخر حسب الحاجه والظروف المحيطه. تجرى الامور وتتخذ القرارات بكل صفاقه واصرار دون الاكثراث بالمنتفضين والحراك الشعبى الذين يناضلوا من اجل استعادة الوطن السليب بشجاعة كبيره واصرار وبالاساليب السلميه.
كان احتلال العراق واسقاط نظام ديكتاتورية صدام حسين ابريل 2003 عملا مخطط له مسبقا, استخدمت لذلك مختلف انواع الاكاذيب والافتراءات, واصبح واضحا من خلال تاكيد قوات الاحتلال على وزارة الداخليه والنفط وبعض القصور الرئاسيه التى ترتبط بالمصالح الستراتيجيه لها, وبات واضحا ايضا ان المؤسسات الثقافيه المرتبطه بالذاكره والتراث الحضارى العراقى لم تكن ضمن حسابات قوى الاحتلال, اللهم سرقة وتهريب اعدادا كبيرة من مقتنيات المتحف العراقى لتزين متاحف اوربا وامريكا وتعرض فى الاسواق لجنى الارباح. ان الفوضى العارمه وترك مؤسسات الدوله ومخازنها بدون حراسه وفتح ابوابها للحراميه والسراق كانت ضمن خطة تشويه صورة الشعب العراقى, كـ ” جاهل , جائع متخلف, فوضوى وبعيدا عن الشعور بالمسؤلية والمواطنه…”. انها خصوصية الحاله العراقيه التى افرغت على مدى 35 عاما من القوى الوطنيه القويه المجربه نتيجة البطش والارهاب, المطالارده والاغتيال, السجن والتعذيب. ان الذين دخلوا العراق مع الدبابات الامريكيه كانوا متفقين على المخطط الامريكى سلفا وعندما جاء السيد (بول بريمر) حاكما مدنيا للعراق, مجهزا بتفاصيل هيكلية الحكم, وكالعادة ان يكون شكليا نظام ديمقراطي برلماني قائم على اساس المحاصصه الطائفيه والقوميه لـ “مكونات الشعب العراقى”. ان نظام المحاصصه هو النظام الاكثر قدره على خلق الخلافات والنعرات الطائفيه وعرقلة الوحدة الوطنيه وغياب المشروع الوطنى. ومن اجل ان تكتمل الصوره تم تشريع دستور ملغم بالتناقضات يتحمل اوجه كثيرة استخدمتها قيادات المحاصصه وفقا لمصالحها وتم اختراقه وتجاوزه مرات عديده
ان الحرب الاهلية اللبنانيه فى سبعينيات القرن الماضى وانتهاكات وبلورة ميليشيات وزعامات طائفية سيطرت على السلطه والامتيازات كان لها الاثر الاكبر فى عدم استقرار لبنان وتبعيته لفرنسا كمرجعية فاعله وحاليا يعلن اللبنانيون الاضراب والعصيان وتغيير هيكلية الحكم. ان نموذج المحاصصه اللبنانى وجد تطبيقاته منذ 2003 فى العراق بشكلها البشع وتبعاته الكارثيه وما زالت الكتل مستميته فى الاحتفاظ به والدفاع عنه. نحاول فى هذه المقاله نقتصر على دراسة وتحليل تركيبة المحاصصه ودورها فى تخريب العراق وبلوغه حافة الهاوية فى جميع المجالات. ان من جاء مع قوات الاحتلال, الاغلبية الشيعه وعددا لابئس به من الاكراد, كانوا لاجئون ” سياسيون” فى عدد من الدول الغربيه ودول الجوار ولم يكن لهم مؤهلات علمية ومهنيه ناهيك ان شغلوا مواقع حكوميه مهمه , كما انهم لم يستفيدوا من السنين الطويله من اقامتهم فى عواصم الدول الغربيه ورفضوا الحداثة ومقوماتها ولم يبذلوا جهدا حتى فى تعلم اللغه الانكليزيه. ان القيادات الشيعيه قد استمرت على لقاءاتها فى الجوامع والحسينيات يتداولون وباستمرار ما كانوا ينشطون فيه ويعيدون قراءة الموكب الحسينى بكل المبالغات والاساطير الخرافيه والتاكيد على الجهل والغيبيات والشعوذه ومختلف انواع النذورات والمستحبات والزيارات المليونيه التى كانت واصبحت ايديولوجيه دوله, انهم تابعين ينفذوا ما يطلب منهم, فى مقابل الحريه الكامله فى سرقة المال العام والاستحواذ على ثروة البلاد وممتلكاته. كانوا وما زالوا طائفين وفاعلين
فى سياسه انتقاميه كانت نتيجتها اغتيال وقتل وتشريد اعدادا من الضباط والطيارين الذين كانوا ضمن وحدات الجيش العراقى واعضاء بدرجات فى الحزب الحاكم انعكست على طائفة السنه فى حالات من القلق والخوف والتهميش كما انهم انتهجوا فى سياسه طائفيه انتقاميه مقيته ” …لنا ثارات الحسين, .. ما نطيها…الخ”.
ان الكتله السنيه كالشيعيه متعددة الاجنحه والانتماءات قاومت فى البدايه الاحتلال ورفضت العملية السياسيه ولابد من اسقاطها او فشلها ولكن جاءت المشاركه متاخره, بعد تفكير برغماتى , وبنفس الوقت كانوا فى الصباح بالوزارات ودوائرها وبعد ذلك يخططوا وينفذوا عمليات ارهابيه فى الميادين العامه والاسواق والحسينيات والتى احدث ضحايا كثيرة بين المواطنين. ومع الوقت والتفكير البرغماتى النفعى تلاشت الحرب الاعلاميه ولم يعد مكانا لمصطلحات مثل الفرس المجوس وابناء المتعه..الخ حيث تبلور تيارا جديدا من شباب الطائفة الطموحين الذين يجيدوا شروط اللعبه وبنفس الوقت منفتح على كل الاتجاهات والتغيرات المحتمله التى يمكن المشاركه فيها. اما عن كتلة الاكراد فهى المستفيد الاكبر من تدهور وضياع البلد, فهم مع العملية وبنفس الوقت خارج العملية السياسيه, اقليم يتمتع باستقلاليه ويتصرف القادة فى حقيقة الامر كرؤساء دوله وقد اكملوا مقوماتها خاصة فى وجود جيش(البشمركه) الذى يملك سلاحا قويا متنوعا ومدربا احسن من الجيش الاتحادى, وبفضل عشق السيد عادل عبد المهدى اصبحت حصتهم من الميزانيه 21% ولم يعيروا اهتماما بتسليم 250 الف برميل من النفط للحكومه المركزيه. ان حوالى 50 نائبا كرديا فى البرلمان, وعدم وجودهم لا يشكل خسارة كبيره للدور الرقابى للبرلمان العراقى , بالاضافه الى ذلك فان تشكيل اى وزاره لايمكن ان يحصل دون تنفيذ شروطهم والتى تعنى قضايا سياديه وملياردات اضافيه. ان القياده الكرديه بزعامة السيد مصطفى البرزانى تخطط وتعمل وتحلم فى دولة كردستان الكبرى التى تبدأ من شمال ايران الى شمال العراق, نحو كركوك, ديالى وتكريت وواسط وتمتد الى الاناضول حيث يكون منطلقها من شمال العراق فى كردستان. ان تنفيذ هذا المخطط يقوم اولا على تأكيد الصراعات والخلافات بين القياده الشيعيه والسنيه واحباط اى محاوله لبلورة مشروع وطنى وقيادة مركزيه قويه مؤهله, هذا بالاضافه الى الابتزاز المستمر لحكومة المركز ووضع العراقيل امامها, ان تحبو ولا تقوى على المشى.
ان الاختلاف الكبير بين كتل المحاصصه التى تعيش حالة التناقض فى الاهداف والعمل والارتباطات بدول الجوار وعم توفر شروط الاستقلاليه لاحد الكتل منفردا او بالاتفاق مع كتلة اخرى, من ناحية ثانيه ضرورة المحافظه على العملية السياسيه لان الكتل بدونها ليس لهم اى اهميه وبذلك فقد كان لابد ان يتفقوا على تمشية وتسليك امور الدوله, ليس سياسيا وانما من خلال تقاسم الحصص واحترامها والذى يتم على عدد الوزارات نوعيتها وما يمكن ان تقدمه من منافع, عمولات, عن مقاولات واتفاقيات لشراء اسلحه ومختلف انواع المعدات والاجهزه ومواد غذائيه والتى تقدر بالمليارات. لقد ابدعوا جميعا فى سرقة موارد الدوله خاصة وان وزارات الكتل هى فى الحقيقه قلاع, امارات لا يحق التدخل فى شؤنها وحيثياتها من قبل الكتل الاخرى. لقد فقدت الدوله مكانتها واهميتها واصبحت اداة ووسيله للارتزاق, بكل ما يتطلب ذلك من كذب, وعود, احتيال ومناورات ونشرافكار الخرافه والتجهيل والتأكيد على المؤامره وضرورة استمرار الاوضاع على ما كانت عليه منذ قرون. ا فى وجود وهيمنة كتل المحاصصه والاسلام السياسى منذ 2003 ومع وجود التناقضات فيما بينهم اندلعت الفوضى واذا حلت لبضعة اسابيع حالة من الهدؤ تعقبها اشهر من النزاعات المسلحه, وكما يبدو فأن الفوضى هى احد الاساليب الفعاله التى يقوم بها بعضا من الشركاء لاضعاف الاخروفرض شروط جديده عليه, وهو يقوم بها بتكليف من مخابرات احد دول الجوار التى يرتبط بها وقد ابحت منهج يعمل به من قبل كتل محايه قد استخدمت اساليب والافكار المعهوده للمافيا ذائعة الصيت ان القتل على الهويه, الارهاب والارهاب المقابل, جرف الصخر ومنصات الغربيه, مجزرة سبايكر وليس اخيرامطاردة , اغتيال وقتل المئات من المنتفضين والالاف من الجرحى والمعوقين منذ اكتوبر 2019 فى ساحات التظاهر والاعتصام, ولا يمكن تجاوزالكارثه الوطنيه باحتلال ثانى اكبر مدينه عراقيه, الموصل, وحوالى ثلث مساحة العراق من قبل قوات الجريمه والتطرف داعش. مع ان تحريرها قد كلف الالاف من الضحايا البشريه وملياردات الدولارات ومدينه لها عمقها التاريخى العراقى التى ابحت خرابه واطلال, لم يفتح تحقيق مع الزعامات والمسؤلين السياسين والقادة العسكريين الذين شاركواوخططوا فى هذه الخيانه الوطنيه, انهم ما زالوا يتمتعون بمواقعهم الحزبية ونسبهم المحاصصيه ورواتب تقاعديه خياليه وكأن شيئا لم يكن, انها كبقيه الجرائم والخيانات منذ 2003 والتى لم يفتح فيها تحقيق وتأخذ الطريق القانونى . فى واقع الامر, ومن مضمون تركيبة نظام الحكم المحاصصى والتناقضات الرئيسيه بين الكتل وولائاتها وارتباطاتها المخابراتيه لا يمكن ان تكون حالة البلد الكارثية والفوضى الدائمه خلافا لذلك, انه العقل البغيض والمنطق الخرافى الذى قاد الى بلورة حالة التسيب والاهمال المتعمد واللامبالاة الذى يقود الى الفوضى والخوف والارهاب والذى يفتح المجال واسعا امام الطموحات الشخصيه المثقله بعدم الكفاءه والدوني الذى حول الدوله الى شى هلامى ليس له قيمه وعديم الفعاليه, تسيطر عليه مليشيات مسلحه خارجة عن القانون تخطط لها وتوجهها ارادات غير عراقية وغير وطنيه . ان كتل المحاصصه تتحمل المسؤليه كاملة عما جرى فى العراق وما زال يجرى لحد اليوم.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب