بعد مرور أكثر أربعة أشهر ،على إنتهاء الإنتخابات البرلمانية العراقية، فشلت الأحزاب الطائفية الحاكمة ،والقوائم الكبيرة من حسم موضوع تشكيّل حكومة عراقية ،خارج نظام المحاصصة الطائفية، وإنقاذ العراق من وحل الفشل الاداري والفساد الذي غرقت فيه هذه الاحزاب، منذ الغزو الامريكي على العراق ولحد الآن، والذي بفضله وصل العراق الى أفشل وأفسد دولة في العالم ، حسب التقارير الدولية ،لأن هذه الاحزاب التي جاء بها الاحتلال البغيض، جاءت لنهب وسرقة ثروات العراق ليس إلاّ، ولم تأت لخدمة العراق،كما تدعي، اليوم هذه الاحزاب في ورطة حقيقية، قد تقودها الى حرب فيما بينها، بسبب الصراع على المكاسب والمغانم والاستحواذ والتفرد بالسلطة ، كقوة تساعدها في الاجهاز على ثروة وسلطة العراق والتحكّم بها حسب أهوائهم ولتنفيذ اجندة إيرانية واضحة لاتخطئها العين والدليل التدخل الايراني المباشر والعلني في حضور قاسم سليماني الى بغداد والضغط والتهديد لرموز الاحزاب التابعة لايران بضرورة التحالف وتشكيل حكومة تابعة لها وهكذا الادارة الامريكية تعمل الشيء نفسه،ولهذا تأخر تشكيل الحكومة، هنا قراءة في فوضى التشكيل، وماهو شكل الحكومة القادم، وهل تتشكل وسط هذا الصراع الدامي ، أسئلة ينتظر الاجابة عليها المواطن العراقي، في وقت هو أحوج مايكون الى حكومة عراقية تنقذه من وضعه الماساوي في سوء الخدمات بكل انواعها، وفشل الحكومة في الارتقاء بمستواها لسنوات، إبتداء لاتزال الخلافات بين القوائم على أشدها، بسبب عدم التوافق على التحالفات فيما بينها ،حول المناصب السيادية ورئاسة الوزراء ورئيس الجمهورية وغيرها،والتوافق على مفهوم الكتلة الاكبر الكذبة واللعبة التي إبتدعها نوري المالكي في إنقلابه على إياد علاوي الفائز بأعلى المقاعد انذاك،وهكذا نرى الصراع داخل مايسمى بالتحاف الوطني المُنهارأصلاً، والذي نشمُّ من رائحته حرباً على الارض ، تقوده الميليشيات التابعة للاحزاب وايران، والتي رأينا مشهداً دموياً ،من هذه الحرب في إحراق مقار ودوائر الدولة وإحراق قنصلية إيران،وإستشهاد العشرات من أبناء البصرة الغاضبة الثائرة ،في تظاهرات البصرة السلميّة ، والتي إستغلتها ميليشيات الأحزاب لحرق المقرّات والمؤسسات ،لإشعال حرب أهلية شيعية –شيعية ، بعد أن فشلتْ في تشكيّل التحالف الأكبر بزعامة هادي العامري أو نوري المالكي ،وترشيح شخصية للتسوّية بينهما ،هو عادل عبد المهدي ،الذي رفض هو الآخر الترّشّح ،رغم الضغوطات الايرانية التي مورست عليه، للقبول متذرعاً بأن الاحزاب والكتل لاتتماشى مع رؤيته ،في إدارة السلطة ، لتعود الأزمة متفجّرة داخل حزب الدعوة تحديداً، أي بين قائمة المالكي والفتح من جهة ،وقائمة النصر بزعامة العبادي من جهة اخرى ،والذي يصرُّ على رفض التحالف مع المالكي والعامري، بضغوط أمريكية واضحة ،وهكذا تعم الفوضى ويكبر الخلاف بينهم وينذر بتاخير اكيد تشكيل الحكومة ،للتوافق على إسم مرشح رئاسة الوزراء من بينهم، وهذا الحال نفسه يتصّاعد الصراع بين أكبر الأحزاب في الاقليم ،هما الحزب الديمقراطي الكردستاني ،الذي يتزعمه مسعود البرازاني ،والاتحاد الوطني الكردستاني الذي تتزعمه زوجة جلال الطالباني، حيث رشح الاتحاد الوطني برهم صالح لرئاسة الجمهورية بعد مفاوضات وصلت لشراء المنصب من قبل برهم صالح،حسبما ظهرت تسريبات ربما تسقيطية له، فيما لم يعلن الحزب الديمقراطي الكردستاني مرشحه للآن ، والخلافات تتصّاعد ،ويصرُّ الديمقرطي الكردستاني ،على إنتزاع المنصب من الاتحاد الوطني بأية صورة، معتبراً إيّاه إستحقاقاً تحاصصياً له ، وهكذا يواجه التحالف بينهما باباً مغلقا ً بينهما ،ربما ينفتّح الى حرب بينهما كما حصل في االسابق، إذا لم يحسم طرف منهما ويتنازل عن المنصب ،والتوافق على مرشح توافقي من خارج الحزبين ،ينهي الصراع وينزع فتيل الازمة على المنصب، ولكن في كل الحالات، التحالف بينهما إنتهى وصار من الماضي، كما إنتهى التحالف بين المالكي والعبادي ،وصار من الماضي أيضا لنفس السّبب، إذن هذه الأحزاب والقوائم لم تراعِ ،معاناة العراقيين النازحين والمهجرّين والآف الشهداء وعوائلهم، التي لم تأخذ إستحقاقاتها القانونية ، والمدن المدمّرة ، وخطر داعش النائم على أطراف المدن ، وسوء كبير في الخدمات والاوضاع الاقتصادية، والفساد المرّعب في مفاصل السلطة ،والفشل الاداري المُزّمن في الوزارات والدوائر، لتتقاتل فيما بينهما على المناصب والمغانم، وتعيد العراق الى حرب أهلية ، بمربعها الاول، بعد القضاء على أخطر وحش يهدد العراق والمنطقة والعالم بالفناء، هذه الاحزاب لم تدرك بعد خطر داعش ،وأخوات داعش من الميليشيات المتغوّلة الآن في العراق بشكل مخيف ،يهدّد بحربٍ أشرس وأوحش وأبطش مما فَعلهُ داعش بالمدن المحرّرة منه ، نعم خطر الصراع يهددّ مستقبل العراق، الذي تهدد به ايران وميليشياتها في العراق ، تتحمّله الاحزاب الماسكة بالسلطة، وتتحمّله الادارة الامريكية ، التي أطلقتْ يدَ الفصائل الطائفية التي سلحتها إيران، بزعم محاربة داعش، لترتّدّ على مواجهة المصالح الامريكية في العراق، بعد القضاء على داعش،والآن عليها التخّلص منها، إذن هناك تحدّيات حقيقية كبرى، وهناك مؤّشر واضح ،على حصول حرب بين الأحزاب المتنّفذة التي تمتلك ميليشيات وتقود ميليشيات مع الامريكان في العراق ،وحرب أهلية إذا لم تشكّل حكومة تابعة لها، وعدم التوافق والتفاهم فيما بينها ،على تشكيّل تحالف أكبر هو إشارة لهذه الحرب المشؤومة ، وعلى الإدارة الامريكية أن تعي حجم التحدّي والخطر، الذي يهدّد به علناً مصالحها، قادة الميليشيّات،وقواعدها العسكرية وجنودها في العراق، خاصة بعد أن تنفّذ الادارة وعدّها في تطبيّق الحصار الكامل على النفط الايراني في الرابع من تشرين الثاني المقبل، وتعمل باقصى سرعتها في تشكيل حكومة الإنقاذ الوطني والطوارىء في العراق، وهوآخر دواء الاحزاب الفاشلة والفاسدة، التي تريد أن تأخذ العراق الى قاع المجهول، بعد أن أحرقته وأفلسته ، وهجرّت الملايين من أبنائه وكفاءاته العالية ،من علماء ومثقفين وكوادر وسطّية ، ودمرّت مدنه وسلمّتها لتنظيم داعش الإرهابي الوحشي،هذه هي أنجع وأسرع الحلول، التي يطالب بها الشعب العراقي من شماله الى جنوبه، وما التظاهرات التي خرجت في البصرة وميسان والنجف وذي قاروبغداد، مطالبة برحيل الأحزاب عن السلطة، وطرد إيران من العراق هي وأحزابها ،إلاّ رسالة قوية جداً ،على وصول الشعب العراقي الى حقيقة واحدة بوعي وطني عالٍ،وصوت واحد ومطاليب واحدة ،إندمجت مع مطاليب محافظات الغربية قبل أعوام، التي قَمعها وقتل شبابها نوري المالكي وجلاوزته ، نعم مايطلبه الشعب اليوم ، بعد فوضى الأحزاب وتقاتلها وتصارعها على السلطة، هو حكومة الانقاذ الوطني، قبل ان ينفلت عقال الأحزاب والميليشيات الايرانية لتصدير أزمة ملالي طهران للعراق،وتدخل في حرب لايمكن معرفه نهايته ، ومن ينظر الى التصريحات والتسقيّط بينهما، يدرك حجم التحدّي وفرصة حصول المواجهة بينها ، الأحزاب في فوضى حقيقية عارمة ،نتيجة عدم الشعور بالمسئولية ،وخطورة الاوضاع التي تحيق بالمنطقة بشكل عام ،والعراق بشكل خاص، هذه الفوضى تتحمّلها أحزاب السلطة ،وعليها دفع فواتيرها لاحقاً،نعم الفوضى والصراع ،يعمّ القوائم والأحزاب الفائزة في تشكيّل حكومة عراقية، والتي تَشي بدخول العراق ،بنفق مظلم لايمكن التكهّن نهاياته، ولاننسى أبداً الضعف والوَهن والتفرقة والتناحرالذي تعيشه القوائم( السنية البائسة) ،التي تقف على أبواب القوائم الاخرى ،كما يقف اليتامى على مائدة اللئام في السلطة، لتستّجّدي المناصب الهزيلة ، التي لا تسمّن ولاتغني، وهذه فاتورة عليهم دفعها، وهي فاتورة الذّل والهوان، نتيجة التفرقة وعدم وحدة الكلمة والموقف، في مواجهة جور وظلم وتغوّل الأحزاب والقوائم الكبيرة، التي همشّتها أول سِنيِّ الأحتلال ولحد الآن، ولمْ تستطعْ أن تكون قوة ضاغطة، ونِدّاً لهذه الاحزاب الطائفية التي هَضمتْ حقوق أهلهم ، فلتشربْ كأٍس الذّل ،على يد الأحزاب ،التي تحالفتْ معها، في تدمّير العراق، وإنتزاع حقوق أهلهم المدن المهجورة المحررة من قبضة تنظيم داعش، فخسرت مرتين، السلطة والشعب في هذه المدن وغيرها….