نجحت الولايات المتحدة الأمريكية في ان تترجم نظرية الفوضى الخلاقة التي طرحتها مستشارة الأمن القومي ووزيرة الخارجية كوندليزا رايس للشرق الأوسط الجديد بربيع عربي قارص جداً بفكره ورؤاه ,وصعود من كن نخشى صعوده لسلطة الحكم ,تحت ذريعة أعطاء فرصة لوجوه جديدة لقيادة المنطقة ,وعندما سألت رايس عن الفوضى عام 2005 في مقابلة ، حين أدلت بحديث إلى صحيفة “الواشنطن بوست” الأمريكية، بعد أن انتشرت الأعمال الفوضى التخريبية في العراق، والتي اتهمت، بأنها: مسيسة من قبل الجيش الأمريكي، فجاء في إجابتها عن سؤال وجه لها، عن الفوضى التي يمكن أن يولدها التدخل الأمريكي في “الشرق الأوسط”، حينها – فقط – قدمت رايس الفرضية التي تقوم عليها النظرية، وهي: “أن الوضع الحالي ليس مستقراً، وأن الفوضى التي تنتجها عملية التحول الديمقراطي في البداية، هي فوضى خلاقة، ربما تنتج في النهاية، وضعاً أفضل من الذي تعيشه حاليا”.
لم تكن فكرة الفوضى الخلاقة سوى انعكاسا للسياسة الأمريكية في المنطقة، والنابعة من إيمان عقائدي لدى صناع السياسة الخارجية الأمريكية – منذ وقت طويل -، تحت مسمى ذريعة الإصلاح الداخلي، ونشر الديمقراطية سياسات متطرفة كهذه، لا بد أن يمتلك صناعها الرؤية المحددة للهدف ,حتى تستطيع الأدوات تنفيذها، وإنجاح مخططاتها، شريطة أن تقاس على مسطرة المصالح الأمريكية، وضمن الإستراتيجية العامة لمصالحها الكلية، والذي سيكون من أبرز ملامحه: دول تحكمها التمزق الطائفي، والتشرذم العرقي ؛ من أجل أن تتحول المنطقة إلى كينونات صغيرة، ومفككة، باعتبار أن العدو الذي يجب تدميره في نهاية المطاف هو أيديولوجي، يقصد به الشمولية الإسلامية.
هنالك مشكلة جديدة لدى صناع القرار الأمريكي والمجتمع الدولي هو البرنامج النووي الإيراني حتى يستكمل المشروع برمته ,نجاح المفاوضات (5+1) مع ايران ,وقبول أمريكا بشروط ايران التي صرحت بها وهي رفع العقوبات عنها دون قيد أو شرط وما خفي وراء الكواليس كان أكثر واكبر وليس كل ما يعرف يقال ,إيران التي استطاعت ان تقاتل أمريكا عبر حلفاؤها في المنطقة وأثبتت انها منتصرة مع مؤيديها ,ففي كل أزمة تخرج أقوى وأكثر تحداً للازمات ,كيف يمكن لأمريكا ان توافق على شروطها دون ان تكون هنالك دولة قوية (سنية ) توازي قوة دولة إيران الشيعية ’حتى تطمأن على مصالحها , ما سرب أن 90/% من المباحثات النووية منها المهنية أكملت بالكامل وما تبقى هو الاتفاق السياسي ,وهو بيت القصيد في الحوار ,ما هو الاتفاق السياسي التي تريد ان تبرمه أمريكا مع إيران ,وتجنب المنطقة صراعات دموية على حساب شعوبها ,والشعوب لا حول ولا قوة لها ,هي تبحث عن رغيف الخبز وهنالك من يستخدم طرق ملتوية لترويضها لثقافة التطبيع في أن يتعايش اللص مع صاحب البيت ,امريكا تتخوف من ان تبتلع إيران المنطقة وتحديداً الخليج العربي ,تبتلعها فكرياً وسياسياً وعسكرياً وتصبح هي الممولة لها اقتصادياً وعسكرياً ويستغنى عنها مستقبلاً ,لا يوجد هنالك شرطي جديد في المنطقة تستطيع ان تؤتمن عليه أمريكا وتدعمه كما كان في السابق ,لكنها تتخوف من عملية تمرد عليها ,كما ان فكرة ضابط امن المنطقة ورجل البوليس لم تعد تجدي نفعاً ,اليوم عصر السيناريوهات والبدائل دون ان تتدخل أمريكا ,لكنها تبحث عن بدلاء بمستوى النفس الطويل الذي تتمتع به إيران ,ضرب الحوثيين هو الاختبار الأخير بعد العراق لمعرفة أين تكمن قوتها من جهة ,ولتوريطها في حرب لأضعاف جبهتها الداخلية وعدم إعطاؤها ما تريده قبل توقيعها على الاتفاق .