التحولات الدراماتيكية التي شهدتها المنطقة العربية بعد احتلال العراق من قبل إدارة المجرم بوش ،هي ليست وليدة الصدفة المحض ،وإنما هي نتاج نظرية المؤامرة التي يؤمن بها العرب منذ وعد بلفور ومعاهدة سايكس بيكو،فالأولى وهب الغرب ارض فلسطين كلها لليهود، وأنكر الوجود العربي فيها ،وحدثت نكبة العرب الكبرى في عام 1948،بعد أن فرضت علينا نحن العرب ،المعاهدة الاستعمارية الثانية بتقسيم المنطقة برمتها الى دويلات ومستعمرات غربية للحلفاء، وعرفت فيما بعد بمعاهدة سايكس بيكو 1916،وظلت نظرية المؤامرة بنظر البعض بأنها (فزاعة للعرب ) ،وإنها لا توجد إلا في عقول من يؤمن بها ويتخوف منها ،ولكن جميع الأحداث والمعارك القومية والقرارات الدولية المجحفة بحق العرب وأهل فلسطين خاصة ،تؤكد هذه النظرية ،ولكن دعونا اليوم ننظر الى واقعنا العربي المتشرذم ،ونضع ما يحدث فيه ،والذي يسميه الغرب وادارة اوباما ورهطها وبعض المتصهينين والمتأمركين والبطرانين بأنه ،(ربيع عربي)،وهو في الحقيقة لا ربيع ولا عربي ،وإنما هو فوضى أمريكية خلاقة في جلباب الربيع العربي،واليكم الدليل،حصل غزو أمريكي وحشي واحتل العراق ودمر جيشه وشعبه وقتل الملايين منهم ورحل بقوة المقاومة العراقية الباسلة،وزرع فيه الفوضى الخلاقة التي يسميها هو الديمقراطية،من طائفية مقيتة أنتجت حربا أهلية ذهب ضحيتها ملايين العراقيين شهداء ومهجرين ومعتقلين أبرياء،ثم اوجد فيه حكومات طائفية وقومية وعرقية تتصارع وتتقاتل فيما بينها منذ بدء الاحتلال الى يومنا هذا ،مع تفجيرات واغتيالات واعتقالات غصت بهم سجون الحكومة السرية والعلنية ،وفساد مالي وإداري قل نظيرة في العالم ،وسوء خدمات في جميع نواحي الحياة ،مع فقر مدقع للشعب ،وإقصاء وتهميش وتفرد دكتاتوري للسلطة، لكل قوميات ومذاهب المجتمع العراقي، وبهذا وباعتراف الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني والعفو الدولية،و قادة إدارة بوش واوباما وكل العالم، أن أمريكا فشلت في فرض الديمقراطية في العراق بغزوها له ،ثم انظروا ماذا حل بمصر العروبة ،بقدوم ربيع أمريكا العربي ،إدارة اوباما ساهمت بشكل كبير بإيصال مرسي الى الحكم (الإسلام السياسي المتطرف)،لضرب الوحدة الوطنية المصرية وهاهو شعب مصر يقاوم هذا الربيع الكاذب والخداع،وحاله حال ربيع تونس ووصول الإسلام السياسي المتطرف للسلطة فيه ،وما نشهده من فوضى خلاقة في كل من مصر وتونس هو نتاج ربيع أمريكا العربي لهما ،والذي كان الكثير( منا )،قد هلل لرحيل حسني مبارك وزين العابدين بن علي ،بوصفهما نظامان دكتاتوريان،وكانت إدارة اوباما والغرب يتفرجان على ما حصل ويحصل ،وكأن الأمر لا يعنيهما ،إلا أن الأمر ليس كذلك ،وانكشفت عورة أمريكا وحلفائها ،ولكن بعد فوات الأوان، وحدوث الفوضى الخلاقة فيهما ،والأمر نفسه حصل مع ليبيا بعد الخراب والتدمير والقتل الذي مارسه الناتو فيها بمباركة أمريكا والغرب ،واقرب مثال نعيشه الآن عن نظرية المؤامرة وتداعياتها الكارثية ما يحصل في سورية،من ثورة شعبية عارمة ضد نظام قتل شعبه لمجرد المطالبة بالإصلاح والتغيير والحرية التعددية ،وإدراك أمريكا والغرب إن ما يحصل في سورية هو ربيع عربي حقيقي ،لم يستند على سلاح الغرب ولا تمويل أمريكي وصهيوني ولا غطاء دولي وتدخل إقليمي لثورة الشعب السوري ،لذلك تخلت عنه لأنه لا يخدم أجندتها في المنطقة ومصالحا الإستراتيجية ومخططاتها المشبوهة في إقامة مشروعها في المنطقة الشرق الأوسط الكبير ،فهي الآن تماطل في دعم ثوار سوريا لإطالة أمد فترة حكم بشار الاسد الدموية،إذن أين ربيعها العربي المزعوم في دعم الشعوب المتطلعة نحو الحرية والاستقلال من نير الدكتاتورية البغيضة لنظام دموي طائفي ،وتغاضيها عن برنامج ايران النووي العسكري الذي يهدد امن واستقرار العالم كله ،أليست هذه هي معنى من معاني نظرية المؤامرة وتطبيقا لها على الأقل بالنسبة للقضايا القومية العربية ،فهل ما حدث في مصر وتونس تسميه أمريكا ربيعا عربيا ،وما يحدث الآن في سوريا تسميه سيطرة المتطرفين على الحكم ،أليست هذه ازدواجية أمريكية ومؤامرة ضد العرب ،أم إنها وقعت ضحية الإسلام السياسي المتطرف في تونس ومصر …وتخشى أن يتكرر في سوريا ، لكن بالتأكيد هو ربيع عربي أمريكي لإحداث فوضتها الخلاقة في المنطقة العربية،وليس الربيع العربي المطلوب عربيا لتغيير الدكتاتوريات………