الى الله نشكو من جهالة بعض الموظفين , وسذاجة ومحدودية كثير من المسؤولين .
يكثر حديث المواطنين عن معاناتهم مع دوائر الدولة وغطرسة موظفيها الذين أصبح الغالبية منهم من محترفي الرشوة , ولبيان حقيقية تلك المعاناة والواقع المتردي والمتخلف للدوائر ألادارية والقانونية في كل مؤسسات الدولة بلا أستثناء والذي لم يعد تنفع معه هيئة النزاهة ولا المفتشيات العامة ولا الدوائر القضائية , بعد ما ثبت أن هذه جميعا تحتاج الى أعادة النظر بأدائها وأداء أفرادها .
وسنأخذ مثالا على ما يجري من فوضى وفساد في دوائر وزارة الصحة بأعتبارها أكبر وزارة خدمية في البلاد , وسنعرض سياق ألامثلة بصورة دراسة بعيدا عن التشهير والتسقيط الذي يمارس في مثل هذه الحالات .
مثال الفوضى القانونية : شارك أحد ألاطباء مرشحا ورئيس قائمة أنتخابية في أول أنتخابات جرت في العراق بعد 2003 وحسب ألاصول المرعية ألاجراء أخذ أجازة أدارية للتفرغ لآعمال الدعاية ألانتخابية وهي تشريع حكومي رسمي كما ألانتخابات كان هذا في أعوام 2005- 2006 وفي العام 2008 أبلغ ذلك الطبيب من قبل الدائرة ألادارية والقانونية بأن عليه دفع مستحقات ألاجازات لآنها كانت أجازة بدون راتب , وعندما رفع ذلك الطبيب مطالعة يقول فيها أن ألانتخابات والدعاية ألانتخابية تشريع حكومي وممارستي فيها هو عمل قانوني وأنا أستحق ألاجازة براتب حتى بدون ذلك لما لي من تراكم أجازات لم أتمتع بها ؟ فجاءه الجواب : حسب قانون 1961 لاتستحق راتبا في أجازتك ؟ وقال ذلك الطبيب حسنا أن المبلغ يرجع للدولة فلا ضير من ذلك وطلب أن تستطع من راتبه شهريا بمقدار ” 150000″ دينار عراقي وكان ذلك الطلب رفع في عام 2008 وجاء الجواب نهاية عام 2011 بأستطاع المبلغ شهريا وبأقل مما أقترحه الطبيب ؟ ولو أنهم أستقطعوا من عام 2008 لآستوفي المبلغ للدولة في حدود سنة وبضعة أشهر لآنه ” 2264000″ دينار عراقي , وهنا تظهر صورة الفوضى القانونية , حيث أشترطت الدائرة القانونية للوزارة ضرورة الكفالة العقارية دون الكفالة الوظيفية وأرجو من أهل القانون وخبراء ألادارة أن يتمعنوا بهذا ألاجراء التعسفي غير القانوني , فراتب الطبيب يزيد على ثلاثة ملايين دينار عراقي والدين الحكومي غير القانوني هو مليونين ومائتين وأربعة وستون دينارا أي أن الدين أقل من الراتب الشهري للطبيب فكيف يفرض عليه هن عقاره بهذا السبب ؟
وظلت هذه المماطلة نتيجة وضع معوقات غير منطقية وغير قانونية حتى أضطر الطبيب أن يقول لهم أستقطوه مرة واحدة من راتبي الشهري ولكن لم يفعلوا الى أن أحيل الطبيب على التقاعد , فمن يتحمل هذه ألاجراءات غير القانونية ؟ ومن يتحمل تأخير أستحصال المال للدولة ؟ هذا مثالا من عشرات بل مئات ألامثلة التي تزخر بها دوائر الدولة وتسبب معاناة لامبرر لها للموظفين والمواطنين فمن هو المسؤول عن هذا التسيب والى متى ؟ سؤال برسم كل من يعنيه ألامر ؟
المثال الثاني ألاكثر تجاوزا وتعديا على حقوق الموظفين وهيبة الدولة ؟ :-
في 12|6| 2012 أصدر السيد رئيس الحكومة قرارا بتمديد خدمة تقاعد لطبيب برقم 35| 43| 6779 وأخذ القرار طريقه الى وزارة الصحة وأمانة مجلس الوزراء ودائرة صحة الطبيب عن طريق مفاتحة دائرة صحة الطبيب من قبل وزارة الصحة حول موافقتهم بالتمديد وهذا أول ألاخطاء ألادارية والقانونية لعدم مراعاته القواعد وألاصول المرعية ألاجراء , فرئيس الحكومة أعلى سلطة تنفيذية وأصدر قرارا ولم يقدم مقترحا , وبعد ذلك يبدأ مسلسل ألاخطاء القانونية والتجاوزات ألادارية التي لايقدم عليها المبتدأ من الموظفين بالخدمة , حيث قامت وزارة الصحة بعد أن أخذت موافقة دائرة صحة الطبيب بتمديد الخدمة قامت بعد ذلك في 34|7|2012 بمفاتحة ألامانة العامة لمجلس الوزراء بأن الطبيب الموما اليه هو مفصول سياسي والمفصول السياسي حسب تعليمات شورى الدولة لايجوز التمديد له ؟ ” علما بأن المختصين بهذا الشأن يقول لرئيس مجلس الوزراء حق تمرير قراره لآن تعليمات شورى الدولة ليست ملزمة له عند الضرورة ؟ وسنجد أن هذه المعلومة لم يعمل بها في مكتب رئيس الحكومة لعدم معرفة الموظفين بتفاصيل القوانين , ثم أن أمانة مجلس الوزراء تأخرت في ألاجابة ووزارة الصحة لمتجب دائرة صحة الطبيب على أستفسار قدم لها عن مصير التمديد على ضوء كتابها في 24|7|2012
والطبيب سلم قرار التمديد وقرار الفصل السياسي الى مدير مكتب المدير العام “علما بأن قرار الفصل السياسي صادر في 19|1| 2009 ألا أنه لم يصل الى دائرة صحة الطبيب علما بأنه قد وصل الى وزارة الصحة التي أشارت اليه في كتابها في 24|7|2012 الى أمانة مجلس الوزاء ” وفي 4|11| 2012 قدم موظف التقاعد وبتوقيع مدير ألادارة مطالعة لمدير الصحة يطلب فيها أحالة الطبيب الى التقاعد فوافق مدير الصحة ” وهنا تقع عدة مفارقات , فالطبيب من مواليد 1|7 ولولا قرار التمديد كان يجب حتما أن يحال على التقاعد في 30|6 |2012 فكيف يقدم موظف التقاعد مطالعته الى مدير الصحة بتاريخ 4|11| 2012 ؟ ويبدو أنهم حتى يتلافوا هذا ألاشكال القانوني وقعوا بأشكال أخر حيث أعتبروا أنهم أحالوا الطبيب الى التقاعد بتاريخ 30|6|2012 وبرقم 8653 والطبيب لم يبلغ بهذا أبدا ولو كان صحيحا كيف أستمر الطبيب يستلم رواتبه لغاية 18|12|2012 ؟
ونتيجة لآجتماع أخطاء متعددة أعترف بها مدير الصحة لاحقا لآحد أعضاء مجلس المحافظة الذي تابع الموضوع وأكتشف وجود سوء نوايا واضحة عبر عنها مدير الصحة الذي قال : أنهم أي موظف التقاعد ومدير ألادارة قد قدموا هذه الطلب لما يزيد عن ستين مرة له ؟ وعندما قامت دائرة صحة الطبيب بقرار فردي لم يأخذ بالحسبان موقف المرجعيات ألاخرى مثل وزارة الصحة المخاطبة والمعنية بالموضوع حصرا مع ألامانة العامة لمجلس الوزراء ورئاسة الحكومة , فأصدرت أحالة التقاعد في 18|12 | 2012 وأشارت الى أعتبار التقاعد من تاريخ 30|6|2012 ويلاحظ القراء والمتابعين مدى فضاعة المفارقة وتعمد الضرر للطبيب بجهل وسوء نية واضحة , أذ كيف تسمح دائرة لنفسها أن تصدر أمرا للتقاعد في 18|12 وتطلب أعتبار التقاعد من 30|6 أنها تجاوزات على القانون وعدم أحترام لهيبة الدولة التي أصدر رئيس حكومتها قرارا بتمديد خدمة ذلك الطبيب , وهنا طالبت الحسابات الطبيب بأسترجاع الرواتب البالغة ” 14″ ولم تسأل نفسها كيف دفعت هي الرواتب للطبيب ؟ والذي كان يداوم تحت سقف القانون ولم يرتكب خلالا قانونيا ببقائه ؟ وعندما قدم الطبيب شكوى لمعالجة هذا الخطأ , شكلت لجنة للتحقيق لم تكن تعرف مفردات العمل وفصل البينات حتى أستغرقت وقتا لامبرر له أمتد لما يزيد عن خمسة أشهر قررت أولا أن توزع المبلغ تضامنيا على كافة الموظفين المسؤولين عن الخطأ بما فيهم الطبيب المتضرر , وعندما قال لهم الطبيب أنا من تعرضت للضرر بدون مبرر فلماذا أشترك في التضامن , فليتحمل المسؤولية من كان سببا في ذلك وهم كل من مدير الصحة , ومدير ألادارة , وموظف التقاعد , وموظف القانونية الذي تخلى عن مسؤوليته وحول ألاستشارة القانونية الى الوزارة التي لم تجب وكذلك موظف الحسابات ومعاون مدير الصحة الذي أدعى بأنه لاعلم له بالموضوع بعدوقوعه بأكثر من شهرين ؟
ومن مظاهر الفوضى ألادارية والقانونية أن قامت اللجنة التحقيقية بتحميل المبلغ الى مدير مكتب مدير الصحة فقط وهو ظلم أخر يضاف الى كثرة المظالم التي مورست في هذه القضية , ولم ترفع كتابها الى وزارة الصحة ألا في 5|5|2013 مما يدل على التباطئ وتأخير حقوق الموظفين , ولم ترفع قرار التمديد ولا قرار الفصل السياسي الذي سلمه الطبيب باليد الى الموظفة في اللجنة وبحضو ر رئيس لجنة التحقيق , وفي 27|5| 2013 طلب موظفو التفتيش العامة في وزارة الصحة من الطبيب قرار الفصل السياسي وقرار التمديد لعدم وجودهما ضمن الملف التحقيقي ؟ هل رأيتم كيف تصنع معاناة الموظفين والمواطنين نتيجة سوء ألادارة والجهل بالقوانين الذي يعطل أجراءات الدولة ويظلم الموظفين , هل رأيتم كيف تسود الفوضى دوائر ألادارة والقانونية في وزارة الصحة ودائرة صحة بابل مثالها , وهذه الحالة لها مثيلات في كل دوائر الدولة ؟ فمن ينقذ الدولة ومؤسساتها من هذه الفوضى العارمة بلا حدود , والى متى نظل نكتب ولا من مجيب , والكل يلوذ بالصمت متعمدا ومنشغلا بأمتيازاته التي أتت على كل شيئ ولم تأتي بحق ولم تحترم حقوق الناس ؟
رئيس مركز الدراسات وألابحاث الوطنية
[email protected]