18 ديسمبر، 2024 10:12 م

الفوارق العمرية تهدم عش الزوجية

الفوارق العمرية تهدم عش الزوجية

ان كل العلاقات الاجتماعية ترتكز على التكافؤ العمري لان ذلك يزيد من الانسجام وتقارب وجهات النظر كونهم يتحدثون بنفس اللغة واقصد باللغة هي الافكار التي يتبادلونها وسهولة فهمها من قبل الطرفين وهذا التكافؤ هو الاساس في بناء العلاقات ان كانت صداقة او زمالة او زواج . وللعلم فان الاباء دائما يحثون ابنائهم على ان يكونوا صداقات مع من هم في اعمارهم وهذا الامر هو بمثابة عرف لدى العوائل حيث اني اسمع هذا الكلام من جميع العوائل وهم ينصحون ابناءهم . اضافة الى ذلك فان اي علاقة بين اثنين يكون الفارق كبير بينهما في السن ينظر لها على انها علاقة غير طبيعية وشاذة وتكون عرضة للانتقادات والسخرية، ولكن للاسف الشديد ان الكثيرين ينتقد علاقة الصداقة غير المتكافئة عمريا ولكن يتغاضى عن الفوارق العمرية في العلاقات الزوجية والتي يكون ضررها اكبر من العلاقات الاخرى كونها علاقة مصيرية ويجب ان تدرس من كل الجوانب قبل الاقدام على هذه الخطوة والفشل فيها يكون ثمنه باهضا، بعكس مثلا علاقة الصداقة او الزمالة فان نهاية هذه العلاقات يكون ضررها مؤقتا ولفترة بسيطة او تكون بدون ضرر . اما العلاقة الزوجية فان ضررها كبير جدا ولايمكن نسيانها او تلافيها وكذلك يكون فارق السن من المنغصات التي تقوض اركان عش الزوجية . وسأضرب لكم مثلا حقيقيا : رجل عمره قارب التسعين ولمكانته في عشيرته يتم تزوجيه فتاة في الثلاثين من العمر ولكم ان تسبحوا في خيالكم وتتصوروا الحياة الزوجية لهذين الزوجين، فتاة في عنفوان الشباب ورجل في نهاية المطاف كيف يتم التوافق بينهما ؟ وكيف يلبي احتياجاتها ويلجم جموحها ؟
هو سيختار احد الطريقين، اما يعوض عدم التكافؤ بأن يغدق عليها بالهدايا وأما ان كان لا يستطيع فبالقوة، حيث يكون عصبيا ودائم الشتم والسب في محاولة منه لإسكاتها . وهذا السلوك يأتي من باب إثبات الذات . هنا اقول انه اضافة الى الهدايا التي يغدقها عليها فانه يكون غير مبالي ويغض النظر عن تصرفات وامور كثيرة قد لا تعجبه، مثل كثرة خروج الزوجة او تحكم الزوجة بادارة البيت وفرض رغباتها عليه . وأما إذا كان النوع الاخر العصبي فانه سيضغط عليها كثيرا لانه يفضل عدم خروجها وعدم اختلاطها كي لا تكشف سره (عجزه) وفي كلا الحالتين تكون الزوجة عرضة للوقوع بالخطيئة سعيا لإشباع اولا، غريزتها الجنسية وثانيا، اثبات انوثتها وانها مازالت مرغوبا فيها كونها تعرف انها في افضل الحالات ستكون ارملة ثلاثينية وبذلك حتى فرص الزواج مرة اخرى ستكون ضئيلة جدا في مجتمعنا ذي النظرة القاهرة للمرأة الارملة او المطلقة .
وانا هنا اقول للرجل ان يتجنب هذا الزواج قدر المستطاع لان ما تبقى من عمره قصيرا وان طال فان ايامه متعبة وكلها امراض وهموم ، وان كان لابد من هذا الزواج فعليه ان يتعامل بكل حكمة وهدوء مع زوجته وان يراعي الفارق العمري وان يكون حضنا دافئا لزوجته وان يحتويها بعنفوانها وجموحها ويسعى الى ان يجد فرصة عمل لزوجته ان كانت لا تعمل ويشجعها على اشغال وقت فراغها من خلال نشاطات ويفضل ان تكون هذه النشاطات جماعية وان لا يقف حجر عثرة في طريقها .
اما بالنسبة للزوجة فعليها ان ترضى بما كتب لها بعد الزواج وان تعمل على تعزيز ثقة الزوج بنفسه وكذلك السعي الى اظهار محاسنه والتاكيد عليها وتحاول ان توصل له معلومة انها سعيدة جدا بزواجها منه وانها غير نادمة ولو خيروها مرة اخرى لاختارته وبأرادتها . وايضا تهتم بمظهره الخارجي وعدم المبالغة باظهار مفاتنها عند خروجها بل تتقصد بان تفعل ذلك له لوحده داخل البيت وان تقلل من طلباتها ولا ترهقه باحتياجاتها  .
وهناك نقطة مهمة اود الاشارة اليها هي ان الحمل الاكبر سيقع على الزوجة لانها محور هذا الزواج غير المتكافئ اساسا، ودورها اكبر من دور الرجل في انجاح هذا الزواج لأنها ان اقتنعت فان عمر الزواج سيكون طويلا وان لم تقتنع فان عش الزوجية سيكون دائما مهدد وعرضة للدمار.
يجب ان يعرف القارئ اني عندما اذكر الفوارق العمرية فاني اقصد من عشرة سنوات فما فوق . اما المشكلة الأخطر فعندما تكون المرأة هي الاكبر من الرجل، فان معظم هذه الزيجات هي زيجات مبنية على المصالح وبزوال المصلحة ينتهي هذا الزواج وفي كل الاحوال تكون المرأة هي المسيطرة و تسعى جاهدة الى استعباد الرجل وسلبه حريته ووضعه أمام أنظارها دائما .
انا من كل ما فرضته اردت ان اقول لعوائلنا الكريمة ان هذا الزواج عمره قصير ومضاره اكثر واتمنى منهم ان يفكروا الف مرة قبل الاقدام عليه لان الضحية هي ابنتهم . قد يكون هناك بعض الزواجات غيرالمتكافئة ناجحة هنا وهناك، الا انها في الغالب ليست قاعدة وليسوا هم الاكثر .

* تنويه : يشرّع المستشار النفسي هذا الباب على جميع المشاكل الأسرية التي تخص الطفل بمراحله العمرية والمرأة بكل مستوياته الثقافية والاجتماعية كي يساعد ولو قليلا في زيادة الوعي النفسي لمشاكلها الأسرية، وبذلك سيكون هذا الباب مفتوحا لاستقبال رسائلكم عبر نموذج الإرسال ” راسلنا ” الجهة المستقبلة ( سميراميس ) وسيتم نشر الرسائل ورد المستشار عليها مع محافظتنا التامة على سرية مرسليها .

باحث نفسي / مدير البيت العراقي الامن للايتام