كل عام يتعطش المسلمون في كثير من دول العالم، للتأسي بذكرى مقتل الإمام الحسين في محرم الحرام، هذه المناسبة تحتل صدارة الأحداث لتاريخ العرب والمسلمين، وهي مقدسة عند أتباع أهل البيت ومؤلمة لقلوب أغلب المسلمين، لكنها مرفوضة ومستهجنة وتعتبر كفرا عند المذهب الذي فرخ داعش والقاعدة.
هذه الذكرى لها طقوس وشعائر، تحدث جدلا واسعا، فبين مؤيد لها، ويمارسها بجنون، ولا يمكنه التخلي عنها، وبين من ينظر لها بعين الكفر وبعصبية مقيتة، تجعل منه “إرهابي” يفجر نفسه في سبيل قتل من يتبناها، وهذا ما يحصل في أيام محرم من كل عام، بتفجيرات تطال
الشعوب التي تمارسها.
أيام شهر محرم زاخرة بالحركة الدينية والمجتمعية، وفيها نشاط غير طبيعي للناس، ينسى أكثرهم مشاكله مع الآخرين، ومصاعبه في الحياة، فالشعائر الحسينية نعمة كبيرة بالنسبة لهؤلاء، ولا يعرف فوائدها الا من يمارسها، وهي في تزايد مستمر، وتقتحم عاما بعد اخر المجتمعات الإسلامية في كل دول العالم، وبقاراته المختلفة.
الشعائر الحسينية واقع يعيشه بلدنا، ويمارسه مجتمعنا بشغف وحب قل نظيره، بحيث يصبح المجتمع كتلة واحدة، ويعيش حالة عجيبة من التكافل الاجتماعي والعطاء اللا محدود، ومع ذلك هناك من ينتقد هذه الشعائر، لكن بشكل معتدل ليس كسابقه المتعصب، ويهجو من يمارس اللطم “والزنجيل” والتطببر”، عازيا ذلك لإيذاء النفس، مع أنه لم تسجل حالة إعاقة أو وفاة واحدة من جراء ذلك.
التأسي بحال أهل البيت، من جراء ما حصل لهم من قتل وسبي، عمل حسن وليس مستهجن، عند أغلب المسلمين، ماعدا “داعش” وآباءها وأمهاتها من الوهابية والقاعدة، وهذا أمر طبيعي، نظراً لما نراه من أعمال وحشية، مورست بحق الأبرياء والمدنيين من قبل داعش ومن يتبعها من أمراء النفط، وشيوخ التكفير.
فوائد الشعائر المنظورة كثيرة للمجتمع، لكننا نريد أن نضيف اليها فائدة أخرى، هذه المرة ليست للمجتمع، وإنما لمن يتحكمون بمصير هذا المجتمع والشعب المغلوب على أمره، من مسؤولين وسياسيين متحكمين، والسبب لأنهم جزء من المجتمع، وكذلك فهم مؤيدون لممارسة هذه الشعائر، بغثها وسمينها، فمن جرب أن يعارضها سابقا، ندم وأستغفر وأصبح مؤيدا لها، برغم علمانيته في الحكم، وخلفيته الإسلامية.
لا ضير أن نرى مسؤولا، “من أي ملة أو مذهب”، يجلد نفسه بالسلاسل، وبعنف في أحد المواكب الحسينية وأمام الناس، ليكفر عن سيئاته السابقة، أو ينزل السيف على رأسه، كما يفعل “المطبرون” مثلاً، أو يلطخ جسمه بالطين، ويمرغ أنفه بالتراب، كما يفعل البسطاء، أو يسير على جمر ملتهب، ويجلد جسمه الناعم بالسياط ندما على ما جنت يداه، ويبتعد عن أنفته ولو في شهر محرم الحرام فقط.
عاشوراء فرصة كبيرة وعظيمة لكل مسؤول، يبحث عن الغفران، “وفاتته” ممارسة الشعائر الحسينية، وخاصة ممن سرقوا أو قصروا في أداء واجباتهم، فلذتها “عينية” يحسها المسؤول “المقصر” عند أول ضربة “زنجيل” يتلوى على جسده الممتلئ بالسحت والمال الحرام.