19 ديسمبر، 2024 4:21 ص

الفهم الصحيح في أحياء مراسم عاشوراء مع التنقيح

الفهم الصحيح في أحياء مراسم عاشوراء مع التنقيح

بأي كتاب أم بأية سنة ..ترى حبهم عارا علي وتحسب – الشاعر الكميت –عاشوراء هو مصطلح للآيام العشرة من شهر محرم التي وقعت فيها أحداث الطف وقتل فيها الحسين “ع” سبط رسول الله المصطفى محمد “ص” وهو من الذرية الصالحة , ومثلما كان للآصطفاء أية قرأنية ” أن الله أصطفى أدم ونوحا وأل أبراهيم وأل عمران على العالمين ” – 33- أل عمران – كذلك كان للذرية الصالحة أية قرأنية ” ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم ” – 34- أل عمران – وأصبحت عاشوراء عرفا تعني شهر محرم الحرام , ومثلما أصبح العام الهجري في كل سنة يدخل في ضيافة شهر محرم لآهميته بين الشهور, ليس لآنه من ألآشهر الحرم ألآربعة , وأنما لآنه أحتضن شهادة ألآمام الحسين “ع” سنة 61 هجرية ومنذ ذلك التاريخ دخل شهر محرم بضيافة ألآمام الحسين “ع” لآهمية الحدث , ولآهمية الرجل صاحب الحدث  , والناس عبر التاريخ أعتادت أن تسمي ألآشياء بأسماء العظماء , وألآمام الحسين ” ع” هو من أولئك العظماء الذين يستحق أن تسمى ألآشياء من حوادث وزمان ومكان بأسمائهم , فالحادث هو ملحمة الطف , والمكان : كربلاء , والزمان : اليوم العاشر من شهر محرم الحرام , أما صاحب الحدث فهو من الذين قال عنهم ألآمام علي بن أبي طالب عليهما السلام : نحن النمرقة الوسطى , بها يلحق التالي , واليها يرجع الغالي ” والنمرقة : هي الوسادة , وأل البيت أشبه بها للآستناد اليهم في أمور الدين كما يستند الى الوسادة لراحة الظهر وأطمئنان ألآعضاء , ووصفها بالوسطى لآتصال سائر النمارق بها , فكأن الكل يعتمد عليها أما مباشرة أو بواسطة مابجانبه , وال البيت على الصراط الوسط العدل يلحق بهم من قصر , ويرجع اليهم من علا وتجاوز, والغالي : المتجاوز الحد في حبه بسبب غيره , أو دعوى حلول الاهوت فيه ونحوذلك , والقالي : المبعض الشديد البعض , وبذلك جاء حديث رسول الله “ص” لعلي بن أبي طالب : هلك فيك رجلان : محب غالي وعدو قالي ”  – نهج البلاغة – ص 524- 526 –
وعيون ألآخبار ج1 –ص 326- وتحف العقول ص216- المسلمون جميعا يتبعون الكتاب والسنة  هذا ألآمر لاخلاف , وفي الكتاب  نصوص لاينكرها الفهم الصحيح في حب أهل البيت مثل أية ” المودة ” ” قل لا أسألكم عليه أجرا ألآ المودة في القربى ” وأية التطهير ” أنما يريد الله ليذهب الرجس عنكم أهل البيت ويطهركم تطهيرا ” وأية ” وأنذر عشيرتك ألآقربين ” , وفي نصوص الكتاب أيات كثيرة نزلت بحق ألآمام علي مدحا حتى تلقي الحجة على الجميع مثل أية الولاية ” أنما وليكم الله ورسوله والذين أمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ” -55- المائدة – وقد ثبت عند الجميع أنها نزلت في ألآمام علي “ع” الذي كان يقول لمن يسأل ولايعرف أسباب الخلاف الذي دب في المسلمين بعد أنتقال النبي “ص” الى الرفيق ألآعلى قائلا : لم نحتلف فيه وأختلفنا عنه , وكان يرد على الذين أحتجوا بالقرابة وبالشورى شعرا كما روى ذلك الشريف الرضي حيث قال عليه السلام : أذا كنت بالشورى ملكت أمورهم .. فكيف بهذا والمشيرون غيب , وأن كنت بالقربى حججت خصيمهم .. فغيرك أولى بالنبي وأقرب , ويريد بالمشيرين أصحاب الرأي في ألآمر وهم علي وأصحابه من بني هاشم – نهج البلاغة – ص541- وهذا ترجمة حقيقية مدهشة للنص القرأني المعبر عن واقع أختلاف المسلمين عن النبي “ع” وليس في النبي “ص” قال تعالى :” وما محمد ألآ رسول قد خلت من قبله الرسل أفا ءين مات أو قتل أنقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين ” – 144- أل عمران – ولقد ظهر خطأ الذين لم يتدبروا القرأن ولم يحسنوا تأويله من صحابة رسول الله “ص” وأن كانوا مخلصين الذي قال منهم بعد وفاة النبي “ص” من كان يعبد محمدا فأن محمدا قد مات ” وأصبحت هذه الكلمة ثقافة خاطئة لعدد كبير من المسلمين نتيجة سوء الفهم وتقدم من هم ليسوا أهل الرأي على من هم أهل الرأي والمشورة الذين قال عنهم رسول الله “ص” لاتتقدموا عليهم فتهلكوا , ولا تتأخروا عنهم فتندموا , ولا تعلموهم فهم معلمون ” وهم أهل البيت الذين لايخطئهم الفهم الصحيح مثله مثل عدم أساءة فهم أحياء مراسم عاشوراء التي سنأتي على تبيانها وبيان مايصاحبها من شوائب ليست منها : كالتطبير بالسيوف , وألآكثار من الصور والتماثيل التي لاعلاقة لثورة ألآمام الحسين بها ,   وأية ” ياأيها الرسول بلغ ما أنزل اليك من ربك وأن لم تفعل فمابلغت رسالته والله يعصمك من الناس أن الله لايهدي القوم الكافرين ” – 67- المائدة – وأية المباهلة ” فمن حاجك فيه من بعد ماجاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين ” – 61- أل عمران – وقد ثبت من خلال مشاهد وأحداث المباهلة : أن ألآبناء هم الحسن والحسين , والنساء فاطمة الزهراء الكوثر ألآنسية , وأنفسنا : هو علي بن أبي طالب عليهما السلام , ولو كان الفهم الصحيح حاضرا لما عانينا من كل هذه العصبيات الطائفية  التي أنتهت بأنتاج الخوارج في الزمن ألآول للآسلام , ثم أصبحت مطية للوهابية ألآرهابية التكفيرية التي أنتجت ” داعش ” والوهابية  التي ولدت بولادة محمد بن عبد الوهاب عام 1703 م وهو تلميذ لم يكمل دراسته الدينية في مدارس البصرة , ورجع الى نجد وبعض مدنها التي نشب فيها قرن الشيطان ورفض دعوته أبوه وأخوه , وتبعه الرعاع ومن لانصيب له في معرفة دين الله ,  كما أخبرنا بذلك من لاينطق عن الهوى أن هو ألآ وحي يوحى وهو حبيب القلوب المؤمنة محمد “ص” الذي قال : لايؤمن أحدكم حتى يحب الله ويحبني أكثر مما يحب أباه وولده وأخاه وزوجته وعشيرته , والفهم الصحيح لشخص رسول الله “ص” لايقول بموته وفنائه وكأنه لاوجود له في نفوس المؤمنين , فذلك مما يتعارض مع النصوص القرأنية عن الشهداء ألآحياء , فكيف لايكون رسول الله “ص” حيا ” حتى بعد مماته وهو ألآنتقال الى الرفيق ألآعلى , والنص القرأني الكريم :” أنك ميت وأنهم ميتون ” تقرير لحقيقة الموت ولسنته في بني أدم كما رسمها الله تعالى وأضاء مشهد مابعد الموت للذين أحسنوا وأتقوا حيث قال سبحانه ”
والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم ” والنبي “ص” هو الشاهد على الشهداء وعلى الناس أجمعين قال تعالى ” ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس .. ” – الحج – 78- وتأتي هنا الترجمة العميقة الغور لما بعد الموت فيما يخص الرسول وأهل البيت حيث يقول ألآمام علي عليه السلام : أيها الناس خذوها عن رسول الله “ص” أنه قال : يموت الميت منا وهو ليس بميت , ويبلى من بلى منا وهو ليس ببال ” وهذا التخصيص حق من الله سبحانه لمن أطاعه حق طاعته , ومن جاهد فيه حق جهاده , ومن أتقاه حق التقوى , ولا أحد من المسلمين حتى المخلصين منهم وأصحاب السابقة في ألآسلام وألايمان ينافسون عليا وفاطمة والحسن والحسين عليهما السلام في ألآجر والمنزلة والفضل , وأذا كانت رسل الله وأنبيائه قد فضل بعضهم على بعض كما في النص القرأني , فمن ألآولى أن يشمل ذلك صحابة رسول الله “ص” حيث يفضل بعضهم على بعض ولا ضير , فكيف بمن نزلت فيهم النصوص بالولاية وأمرة المسلمين كما أسلفنا في ألآيات الكريمة في سورة أل عمران , وسورة المائدة , ونصوص أخرى كثيرة مثل قوله تعالى ” ويتلوه شاهد منه .. ” والمقصود هو رسول الله “ص” والشاهد منه هو علي بن أبي طالب , وقد ثبت في أية المباهلة أنه نفسه , والنفس هي جزء من وجود الشخص لايمكن فصله عن بقية الجسد , وعندما نعرف كل ذلك , ونعرف أن النبي “ص” هو من تولى تسمية الحسن والحسين عليهما السلام وهو من عق عنهما مع وجود أبيهما , وهو من قال بحقهم : الحسن والحسين أمامان قاما أو قعدا , وقال “ص” الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ” بعد كل هذا لم يبق أشكال في أن الحسين قيمة أيمانية ووجود لآمامة مبرأة للذمة , ولايبرئ الذمة ألآ من كان تقيا ” ذلك الكتاب لاريب فيه هدى للمتقين ” البقرة -2- ولايستحق ألآمامة ألآ من كان معصوما ” وأذ أبتلى أبراهيم ربه بكلمات فأتمهن  قال أني جاعلك للناس أماما قال ومن ذريتي قال لاينال عهدي الظالمين ” – 124- البقرة – وسوء الفهم جعل البعض لايدرك معنى العصمة فجرد منها أهلها وهم ألآنبياء وأهل البيت وفي مقدمتهم رسول الله “ص” الذي جردوه من بعض عصمته وتركوا له بعضا كأنهم يقسمون رحمة الله , وهؤلاء لم يعرفوا أن العصمة هبة ربانية ولطف ورحمة للناس , فلولاها لظل ألآلتباس والخطأ وضياع الحقيقة يحصد عقول الناس بالجهل والضلالة الى يوم القيامة مثلها مثل التقية التي أنكرها البعض تعسفا , ولولا التقية لماتت الحكمة ولآضطربت أمور الناس , ولهلك من هلك دون بينة , والذين يتحاملون على التقية لم يعرفوا أن كل الناس بما فيهم المتدين وغير المتدين يمارسون التقية في حياتهم لآنها ضرورة حياتية , بل أن منكري التقية أنفسهم يمارسونها دون أن يعلموا , وسؤال الخليفة عمر بن الخطاب ” رض ” كعب ألآحبار عن معنى التقية يؤكد أهميتها ووجودها مثلما يؤكد ضرورة وجود ألآعلم المعصوم الذي يكشف للرعية غوامض ألآمور لا الذي يسأل من الرعية عن غوامض ألآمور لاسيما أذا كان بعض الرعية ليس مسلما , لقد كان رسول الله “ص” حجة على أهل الكتاب من اليهود والنصارى لابقوة السلاح والسلطة , ولكن بقوة العلم وخير العلم ماكان علم من الكتاب كالذي ظهر عند أصف بن برخيا أيام سليمان النبي عليه السلام , وكالذي ظهر عند العبد الصالح ” الخضر ” أيام موسى عليه السلام , وكالذي ظهر عند ذي القرنين الذي يسمى عند أهل الكتاب بالرجل الجوال الذي مكن الله له في ألآرض وهيأ له ألآسباب , وتمكين من هذا النوع يقرب للآفهام السليمة تمكين ألآمام المهدي المنتظر “عج ” ومثلما أصبحت بقية أل موسى وهارون من التابوت ومافيه من ألواح وعصى موسى بركة وسكينة وهو فضل ولطف من الله تعالى ” وقال لهم نبيهم أن أية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك أل موسى وأل هارون تحمله الملائكة أن في ذلك لآية لكم أن كنتم مؤمنين ” – 248- البقرة – وألآمام الحسن “ع” قال لآحد الشاميين ممن وقع تحت تأثير ألآعلام ألآموي : تعال معي الى بيتنا حتى أريك بقية ريش أجنحة جبرائيل في بيتنا وذلك في دلالة حسية لمن لم يعرف قدر عترة رسول الله “ص” , وألآمام الحسين يوم عاشوراء كان يرتدي عمامة رسول الله “ص” حتى يثبت لمن وقعوا في أغراءات بني أمية  أنه أحق برسول الله “ص” من يزيد ومن أبيه معاوية وجده أبي سفيان الذين كانوا من الطلقاء يوم فتح مكة , والطلقاء لايجوز أن ينافسوا ألآحرار فضلا عن أن ينافسوا عترة رسول الله “ص” وفي مقدمتهم ألآمام علي عليه السلام الذي نزل بحقه قوله تعالى ” أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن أمن بالله واليوم ألآخر وجاهد في سبيل الله لايستون عند الله والله لايهدي القوم الظالمين ” – 19- التوبة – ألآمام الحسين عليه السلام أستجمع كل مايتصل برسالة جده محمد “ص”
من أخلاص وعلم وتقوى وجهاد وكان يقول : عميت عين لاتراك متى غبت حتى تحتاج الى دليل ” وكان يقول : مثلي لايبايع يزيد شارب الخمرة قاتل النفس الزكية , وكان يقول : لم أخرج أشرا ولا بطرا وأنما خرجت لطلب ألآصلاح في أمة جدي محمد “ص” وطلب ألآصلاح توفرت كل دلائله وحججه , بحيث وجب على كل مسلم الجهاد والعمل لرفض المنكر بكل الوسائل والمستويات التي حددها رسول الله “ص” وهي : اليد , واللسان , والقلب , وألآمام الحسين عليه السلام لما رأى الفساد يستشري والمنكر لايتناهى عنه قام بحركته المباركة التي نوه عنها وذكر المسلمين والعالم بوقوعها رسول الله “ص” عندما قال : أن أبني هذا يقتل بشط الفرات ” وبهذا الحديث أحتج عبد الله بن عمر بن الخطاب طالبا من ألآمام الحسين أن يرجع عن توجهه الى كربلاء , فكان جواب ألآمام الحسين لعبد الله بن عمر بن الخطاب : أن هذا يوجب عليه الخروج الى كربلاء لآن رسول الله “ص” لاينطق عن الهوى أن هو ألآ وحي يوحى ؟ بهذا الفهم كان يمضي ألآمام الحسين عليه السلام وهو فهم حجة على المسلمين جميعا لاتسقطه روايات بني أمية التي وضعوها ليحرفوا أذهان الناس عما حدث للآمام الحسين يوم العاشر من محرم سنة 61- هجرية حيث هتكت حرم رسول الله “ص” في عترته التي شاء الله تعالى أن تكون هي ألآمتداد الرسالي لدينه ولذلك قال ألآمام الحسين يوم العاشر من محرم :-

أذا كان دين محمد لم يستقم .. ألا بقتلي ياسيوف خذيني ؟

أن حب الشهادة في سبيل الله , وسبيل الله هو الخدمة المجردة للناس هو الذي جعل ألآمام الحسين يضحي بكل شيئ في سبيل الله , فيحمل معه عائلته وأهل بيته بما فيهم ألآطفال والخلص من أصحابه الذين لم يتجاوز عددهم أثنين وسبعين رجلا وأمرأة , في مقابل ألآف الجند الذي حشدهم عبيد الله بن زياد , وعمر بن سعد بأمر من يزيد بن معاوية , ومشهد من هذا النوع بقيادة عالم من علماء أهل البيت , وقائد من قادتهم من بني هاشم الذين قال عنهم ألآمام علي : نحن أنصح وأفصح وأصبح , فمن يمتلك ناصية النصح للناس لايمكن أن يخدع نفسه ويضعها في موضع الخطأ كما يحلو للبعض , فالنصح لايكون تاما مالم يصدر عن علم وملكة تعصم صاحبها عن الخطأ , وهذا ألآمر يحتاج الى فهم عميق لآسرار الرسالة ألآسلامية وأغراضها ألآنسانية الشاملة للكون والحياة وهو المقصود بقوله تعالى ” .. ويتخذ منكم شهداء والله لايحب الظالمين ” – 140- أل عمران – والله سبحانه وتعالى لايجعل من الظالمين شهداء لدينه ورسالته , وأنما يرفع الذين أوتوا العلم درجات قال تعالى ” … يرفع الله الذين أمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير ” – المجادلة – 11- وألآمام الحسين عليه السلام من الذين أتوا العلم درجات بشهادة النص القرأني , وبشهادة رسول الله “ص” وماتركه الرسولعترته من أل البيت عليهم السلام الذين أصبح لهم أصطلاح قرأني حتى يميزهم عن زوجات النبي “ص” ورضوان الله عليهن حيث أصبح لهن شأن تكفله أصطلاح ” أمهات المؤمنين ” وهي لم يعرف ويفهم كرامة لرسول لله “ص” وليست عصمة لهن , لآن منهن من تظاهرن على رسول الله “ص” ونسجن المكائد كما في سورة التحريم قال تعالى ” أن تتوبا الى الله فقد صغت قلوبكما وأن تظاهرا عليه فان الله مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير ” – 4- التحريم – وأغلب المفسرين يذهبون على أن المراد بصالح المؤمنين هنا هو ألآمام علي عليه السلام , ومن يذهب الى القول بأن صالح المؤمنين يراد به عموم المؤمنين يكون صحيحا لو لم يكن مسبوقا بأشارات الى ألآمام علي ولو لم يكن نفس النص خاصا لآشتماله على ذات الجلالة في الولاية وجبريل والملائكة , وعندئذ لايكون عامة المؤمنين في نفس الدرجة من الولاية الخاصة التي ذكرتها ألآية , ثم لايخفى على من عرف التاريخ ألآسلامي أن البعض من زوجات النبي شاركت في حرب الجمل بتحريض من طلحة والزبير, وأن القرأن أعتبر بعض زوجات ألآنبياء كافرات قال تعالى ” ضرب الله مثلا للذين كفروا أمرأة نوح وأمرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما .. ” فلماذا كل هذا الدفاع عمن خان ألآمانة ولم يلتزم بحدود الله ووصية رسوله ” أيكن تنبحه كلاب الحوأب ” وقد حدث ذلك ولكن البعض يهرب من مواجهة الحقيقة فيظل يلف ويدور بعيدا عن الحق  , ولمن يريد أن يعرف ويفهم فأنه سوف يعرف لماذا رفض ألآمام علي أن يكون طلحة والزبير شركاء له في أمر الولاية , وقال لهم أنتم لستم شركائي في هذا ألآمر , وأنما عليكم المعونة والمؤازرة , لآن أمر الولاية نص من الله تعالى , وألآمام الحسين عليه السلام منصوص عليه من الله بواسطة الرسول “ص” ” الخلفاء من بعدي أثنا عشر كلهم من قريش ” وبالتالي فهو يحمل بقية أل محمد وقد أظهر ذلك للجيش ألآموي اليزيدي الذي قدم للكوفة فأخذ من أخلاطها ومن رعاعها مثلما جمع من غيرهم ليقيم الحجة عليهم ولكنهم كانوا في سكرة أغراءات الدنيا وشغب السلطان ,
فبقية أل محمد هي كبقية أل موسى وأل هارون فيها سكينة الله وبركته , وعليه فأحياء مراسم عاشوراء شهادة ألآمام الحسين وأهل بيته وأصحابه في سبيل الله بصورة لم يشهد لها تاريخ ألآنسانية مثيلا وهو المشهد الذي هز الضمير العالمي فكتب عنه الباحثون والمؤرخون من الشرق والغرب بما لايسع ذكره هنا , وظل البعض مغيبا بفعل تأثيرات الرواية ألآموية والعباسية التي حاولت تشويه الحقائق وطمس كل مايتعلق بخصوصية أهل البيت ومقعهم من الرسالة ألآسلامية نصا وروحا جعلت منهم منارات للعلم شهد بها الخليفة ألآول أبو بكر في حواره مع فاطمة الزهراء حول فدك , وشهد بها الخليفة الثاني عمر بن الخطاب عندما قال في مسألة كسوة الكعبة وحليها لا أبقاني الله لمسألة ليس لها أبو الحسن مثلما أعترف بها الخليفة الثالث عثمان عندما طلب النجدة والحماية من علي بن أبي طالب ومقابلة الثوار المحتجين على سوء تصرفه بالمال عندما دخلت أبل عبد الرحمن أبن عوف محملة بألآموال فضجت فقراء المدينة وهو مما يطعن في حديث العشرة المبشرة بالجنة مثلما يطعن بحديث أخر مفبرك يوزع الصفات الحسنة بطريقة أنتقائية واضحة الفساد على مجموعة من صحابة رسول الله “ص” بحيث يحصرون ألآمام علي بصفة واحدة وهي القضاء ويعطون البقية للآخرين من الذين نقدر ونحترم ولكن من وضعهم ندا لمقام ألآمامة والولاية هو من أنزل من قيمتهم وجعلهم في موضع هم يرفضون المساواة بمن هو أعلم منهم ذلك هو ألآمام علي مثلما يرفضون أن يسدل الستار على شخصيات العترة النبوية كفاطمة والحسن والحسين عليهما السلام .

وعليه فأحياء مراسم عاشوراء الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام في كربلاء أمر مندوب يقبله الشرع ويحث عليه ” ومن يعظم شعائر الله فأنها من تقوى القلوب ” والحسين بما تحدث به عنه رسول الله وبما أوصت به السيدة فاطمة الزهراء أبنتها زينب الحوراء بطلة كربلاء التاريخية , وبما تحدثت به السيدة أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها , وجابر بن عبدالله ألآنصاري “رض” الصحابي , وبما توفرت عليه زيارة وارث من معاني ومفاهيم , وباللوعة التي ظلت ملازمة للآمام زين العابدين السجاد ” علي بن الحسين ” وبألآحاديث والوصايا المتواترة عن ألآمامين الباقر والصادق عليهما السلام ومعهما ألآمام الكاظم سجين بغداد , وقصيدة الشاعر دعبل الخزاعي التي كانت تثير أشجان ألآمام الرضا ” علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين ” كل ذلك جعل من الحسين قيمة جهادية أيمانية , ومن ثورته حركة تنويرية حضارية , ومن شهادته معلما من معالم الصبر والمرابطة وألآحتجاج والرفض للباطل  التي ليس لها مثيل  في تاريخ الثورات .

أن شهادة ألآمام الحسين عليه السلام وفصولها الدامية كما نقلها مقتل أبي مخنف وغيره , لهي شهادة دخلت الوجدان ألآنساني بدون أستئذان لصدقها وخلوص نواياها وجلالة قائدها ومن معه , ومن توفر وسائل العصر من أعلام ووسائل أتصال , وأقبال المحبين والمعجبين بثورة ألآمام الحسين الى العراق وكربلاء من كل بلدان العالم , ومايقوم به العراقيون من أندفاعة ذاتية مبهرة في توفير مستلزمات الطعام والشراب والسكن للزوار الذين أصبحت عادة المشي على ألآقدام وسيلة مفضلة لمواساة عترة النبي “ص” بهذا المصاب الجلل , ولآن النبي “ص” عندما توفي ولده أبراهيم قال : ” أن القلب ليحزن وأن العين لتدمع وأنا عليك لمحزونون يا أبراهيم , وأن ألآمام علي عندما زار ألآشعث معزيا بوفات أبنه قال له : أن الحزن على القريب جسرا للمودة , وفي نفس الوقت عندما أقيمت المجالس على قتلى صفين من أصحاب ألآمام علي نهى أصحابه عن كثرة بكاء النساء ومن قبله نهى رسول الله “ص” عن لطم الخدود ونشر الشعور , وألآحاديث والوصايا في ذلك متواترة , ولكن الحزن شعور أنساني وجداني لايرفضه الشرع وما حزن يعقوب النبي على فراق ولده يوسف ألآ من دلالات جواز الحزن وعدم ألآفراط  الى حد الجزع  , فالجزع مرفوض لآنه أعتراض على قضاء الله وقدره , ومثلما طرأت على مجالس الفواتح عادات وتقاليد ليست من روح العقيدة ألآسلامية وكذلك على مناسبات الزواج وألآفراح مما هو ليس من الشريعة بشيئ والسبب في ذلك يعود  الى أن الناس جيل عن جيل يدخلون في عاداتهم وتقاليدهم ممارسات ليست موجودة في أصل العقيدة ولا في أصل العادة والتقليد , وهذا ألآمر ينسحب على المناسبات المقدسة ومنها مناسبة شهادة ألآمام الحسين عليه السلام التي أصبحت محطة لآشتراك شعوب وجماعات لها ثقافات خاصة بكل واحدة منها , فالشعب الباكستاني , ومسلمو الهند , والشعب ألآفغاني , والكازاخزتاني وألاذربيجاني والتركي كل منهم له نمط خاص به في أداء وأحياء مراسم عاشوراء , وأن كان القاسم المشترك في مراسم العزاء الحسيني يكاد يكون واحدا , حيث يتخذ المنبر الحسيني موقعا مركزيا في أستمرار المراسيم ثم تأتي المواكب الراجلة التي دخلت عليها كثير من التغييرات بعضها مقبول وبعضها مرفوض لاأصل له في العزاء الحسيني كالتطبير بالسيوف والردات التي أتخذت طابع المقامات الغنائية من حيث الترجيع واللحن , كما أن قطع الشوارع من قبل بعض المواكب بدون تنسيق مع الجهات المسؤولة مما يؤثر على أعمال الناس وحاجاتهم الضرورية كنقل المرضى , ونقل البضائع التجارية وتوقف حركة تنقلات الطلاب والموظفين , وعمل من هذا النوع محرم شرعا حيث رود عن رسول الله “ص” قوله : أياكم والجلوس على الطرقات , فأن أبيتم فأعطوا الطريق حقه , قالوا وما حقه يارسول الله ؟

قال “ص” غض النظر , ورد التحية , ومساعدة الصغير , وأحترام الكبير , وعدم قطع السابلة , لذلك قطع الطرقات بدون تنظيم من قبل بعض المواكب لايجوز وهو محرم شرعا , كما أن المشاة أي مواكب الراجلين عندما تمر بالمدن يجب أن تكون منتظمة تتعاون مع الجهات المسؤولة حتى لاتحدث فوضى مرورية كما يحصل ألآن في بعض المدن حيث توجد شوارع عريضة لمرور مواكب الراجلين ولكن بعض العاملين في الهيئات الحسينية يصرون بدون مبرر على أن يسلكوا طرقا وسط المدينة مما تربك المرور وتؤخر أعمال الناس وهذا العمل شرعا لايجوز , قال “ص” : لله لله في نظم أمركم وصلاح شأنكم ” وضرب الرؤوس بالسيوف عمل لامبرر له وهو ليس من أصل الشعيرة الحسينية , وموكب السبايا رغم كل المعاناة والمرارة والهوان الذي تعرض له من بقي من عترة رسول الله “ص” بقيادة زينب بنت علي بن أبي طالب , وعلي بن الحسين زين العابدين السجاد اللذين خطبا في مجلس يزيد بن معاوية حتى أبكوا من حضر من أهل الشام , هذا الموكب العلوي الحسيني الحزين لم ينقل عنه أنه خرج عن رباطة الجأش وظل يكتم كمده وحزنه صابرا محتسبا , وما ينقل عن ضرب السيدة زينب رأسها بالهودج ليس له مايؤيده , ثم أن السيدة زينب “ع” في وسط المعركة غير المتكافئة ظلت تكتم أهاتها وتحبس عبراتها ودموعها حتى كانت نعم المرأة المواسية لآخوتها وأصحابهم وأختيار ألآمام الحسين لها لم يكن عبثا ولقد كشفت ألآحداث لاحقا صواب ألآختيار الذي جعل من تلك المجموعة الصغيرة في عددها الكبيرة في معنوياتها وأرادتها تدخل التاريخ كقدوة للثائرين المجاهدين في سبيل الله , وأسوة حسنة للمؤمنين وللمستضعفين في كل زمان ومكان , وهذا هو معنى كل أرض كربلاء , حيث أصبحت كربلاء المكان شعارا وقدوة للآمكنة لآنها ضمت جسدا طاهرا هوجسد  سبط رسول الله “ص” بكت عليه السماء كما بكت على يحيى بن زكريا نبي  الله وهذا ما أتفق عليه المفسرون حتى قالوا كما عن أبن عباس أن لون السماء أصطبغ بالحمرة , وبكاء السماء ليس أفتراضا من أحد وأنما هناك نص قرأني يوحي بهذا المعنى ” فما بكت عليهم السماء ” .

ولآن أحياء مراسم عاشوراء يتكرر سنويا في العاشر من محرم وهو يوم الشهادة , وفي العشرين من صفر وهو يوم ألآربعين , ولآن الحسين “ع” أعطى كل ماعنده من عيال وأطفال وأصحاب في سبيل الله , وهجر الدنيا وطلقها كما طلقها من قبله أبوه علي بن أبي طالب “ع” الذي قال : والله لقد رقعت مدرعتي حتى أستحييت من راقعها ” ثم قال : أيها الدنيا اليك عني طلقتك ثلاثا ” ورجل قائد من هذا المستوى النادر الذي قال عنه غاندي زعيم الهند : تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوما لآنتصر ” وأمام يمتلك ناصية المشورة والتقوى المسبوقة بالعصمة يستحق من العارفين به كل التقدير والوفاء والمتابعة لنيل ثواب الدنيا وجزاء ألآخرة , ولآن المشاركين بالملايين والفعاليات كثيرة من تحضير الطعام وبناء الخيام وتهيئة السكن والطبابة والحراسة والحماية والنقل وكل هذه مفتوحة للنشاطات ألآجتماعية , وألآجتماع يحتاج الى التنظيم والمراقبة والمتابعة والتوجيه لآن الشوائب محتملة الوقوع , والمخالفات غير المقصودة وارد حدوثها , كان رسول الله “ص” يرعى المسلمين ويوجههم , وعندما توفي ولده صادف كسوف الشمس أو خسوف القمر , فقال بعض المسلمين أن هذا بسبب موت أبن النبي ولما سمع “ص” خرج مسرعا الى المسجد وجمع الناس وخطب فيهم قائلا : أيها الناس أن الشمس والقمر أيتان من أيات الله لايخسفان أو يكسفان لموت أحد ” وعالج وصحح الموقف وهذا هو دور القائد , وعندما جرح أحد في أحد المعارك في سبيل الله وكان الجرح في رأسه وكان مجنبا وأراد أن يصلي فسأل من معه من المسلمين هل يغتسل أو يتيمم فقالوا له بل أغتسل لآن الماء موجودا , فأغتسل وصلى ونام , فأصبح ميتا لآن الجرح قد التهب , ولما أخبروا رسول الله “ص” بماحدث للرجل , قال “ص” : قتلوه قاتلهم الله , قاصدا بذلك الذين أفتوا بدون علم , وضرب الرؤوس بالسيوف عمل بدون علم لما قد يحدث من أضرار وتهلكة المرء في غنى عنها , والله لايريد منا ذلك ولا الحسين يريد ذلك , وأنما يريدون منا التأسي بما وصانا به الله والتي ترجمها لنا علي بن أبي طالب عندما قال : أحرص أن لايراك الله في معصية , ولا يفتقدك في واجب , وقطع الطرقات بدون تنظيم وتنسيق معصية , وألآنشغال بالتماثيل والتي يسمونها تشابيه من شناشيل وزخرف وأضواء مصابيح على شكل مخروطات ومثلثات هو لهو وألهاء للناظرين  لايحمل العبرة ولايستحضر العبرة , وهو ليس أرثا حسينيا ولا عربيا ولا علاقة له بركب الحسين وموكبه الجهادي من المدينة  ومكة الى كربلاء , لقد كان موكبا للخشوع والعبادة والتفكر في ألآصلاح وفي شؤون ألآمة ألآسلامية , ولم يكن يحتفي بزخارف الدنيا ومظهرها , والتبذير بألآكل ورمي ألآطعمة في الشوارع والطرقات ليس من أداب ألآكل في ألآسلام , وترك الوظائف وتعطيل ألآعمال وشل حركة ألآقتصاد ليس من خصوصيات التنمية البشرية في ألآسلام , ولا من متبنيات التربية ألآسلامية التي تعلمنا الجد والمثابرة وأستثمار الفرص , فتعطيل المدارس والجامعات لآيام بحجة قطع الشوارع والطرقات وهي حجة مدفوعة لو كان التنظيم سيد الموقف , ولو كان ألالتزام بتوجيهات المرجعية حقيقيا وجادا .

أن الكتلة البشرية التي تتحرك بأحياء مراسم عاشوراء هي كتلة ضخمة أذا وجهت توجيها صحيحا يمكن من خلالها تغيير المجتمع والدولة وهي مشروع جماهيري للقضاء على الفساد محليا والقضاء على ألآرهاب عالميا لآنه المشروع الوحيد الذي يمتلك خصائص النقض الحقيقي للآرهاب التكفيري , وليس محور الدول التي تحارب ألآرهاب جوا بقادر على محاربة ألآرهاب التكفيري لآنه لايحمل مشروعا مناقضا بل قد يتفق معه في بعض الحالات كما في حالة التعاون الصهيوني مع الجماعات التكفيرية ألآرهابية  , ويمكن تحويل الكتلة البشرية في الزيارات الكربلائية  الى نموذج عالمي للآعمال وألآندفاعات الشعبية الذاتية في التطوير وألآنتاج والتنظيم , لآن أطعام وأسكان ونقل الملايين في زمن قياسي يصعب على الدول أنجازه ويصعب على الحكومات تكفله مثلما عجزت منظمات ألآمم المتحدة والدول المانحة التي عقدت مؤتمرات دعائية غير حقيقية لمساعدة ألآجئين السوريين , واليوم تعلن جميعها عدم تمكنها من تحمل نفقات ألاجئين , كل ذلك لآنعدام المشاركة الشعبية وعدم وجود الدافع الذاتي كما يحصل لتحمل نفقات الزائرين لكربلاء من حيث الطعام والشراب , ومن حيث المواكب الراجلة : أطعاما وأسكانا وهي ظاهرة تحتاج الى دراسة , وهذه الظاهرة تختص بها المسيرات المليونية الكربلائية وهي في تصاعد , وتصاعدها أمر حسن ومطلوب وتنقيح الشوائب هو ألآخر مطلوب كمطلوبية ووجوب نجاحها , وتنقيح الشوائب يحتاج الى جهود تبدأ من المرجعية بأعتبار الفقه يدور مدار الدين ومعاملات الناس يتقدمها الدين منظرا ومسددا , ثم تلتحق بالفقه علوم ألابدان , وهي الصحة والهندسة والتربية والبيئة والتجارة  والصناعة من فيزياء وكيمياء , وعلوم الدفاع وألآمن , وعلوم الفضاء .

أن التنقيح والتصحيح  منقبة من مناقب رسول الله “ص” وأهل بيته ألآطهار فلنمارسها في مشروع أحياء مراسم عاشوراء دون مجاملة أحد , ودون الخوف على مقامنا الشخصي ومكانتنا ألآجتماعية , فلا خير في مقام ومكانة تخشى غير الله , ولا خير في منزلة تريد البقاء على حساب الحق كالذين خذلوا الحق ولم ينصروا الباطل كما عرفهم ألآمام علي بن أبي طالب عليهما السلام.

أحدث المقالات

أحدث المقالات