الاحزاب في العراق كلها مشغولة على قدم وساق هذه الايام للاستعداد للانتخابات التشريعية القادمة وعدد الائتلافات والاحزاب المثبتة في المفوضية العليا للانتخابات بلغت 206 ائتلاف حتى الان وهي قابلة للتغيير والتي نأمل أن تكون مغايرة عما سبقتها من الدورات الماضية. و ان تكون نزيهة لتحقيق المطالب باعتبارها ممارسة ديمقراطية و إحدى أهم آلياتها ، تهيئة ظروف ومستلزمات وترسيخ ثقافة الإنسان الحر والفرد لتحديد الهدف من التعامل الحقيقي والاساسي المتحضرعلى أساس ممارسة العمل الذاتي المستقل دون مؤثرات جانبية والمهنة والمصلحة الشخصية الغير منفصلة عن المصلحة العامة ” اذاً العراق على موعد مع استحقاق استثنائي دستوري مهم في الثاني عشر من شهر أيار/ مايو القادم على اكثر تقدير وكما اقره مجلس الوزراء ” الانتخابات ضرورة مهمة من أجل استمرار العملية السياسية وترسم قواعدها وتأجيلها اخلال بالدستور سوف يؤثرعلى استقرار الدولة في ظل صراع داخلي عميق بين القوى السياسية التي فشلت في ادارة الدولة .
وسياسياً حيث تتصاعدُ الخلافات الشيعية– الشيعية و السنية – السنية و الكوردية – الكوردية والغريب في الامر انضمام الحزب الشيوعي الى التيار الصدري وخروجه من تيار القوى المدنية الديمقراطي( تقدم ) والخلاف بين نوري المالكي وحيدر العبادي في حزب الدعوة رغم اعتقاد البعض بانها شكلية قد تعود الامور الى نصابها بعد الانتخابات .المرحلة بلغت من الخطورة وتسودها الضبابية ولازالت غير مفهومة لم يشهد لها نظيرًا وتخبط اجتماعي وتغيرات اقتصادية لا يمكن البتة الاستهانة بها، والجماهير تبحث عمن يعبر بصدق عن تطلعاتها في البناء والخدمة، وتحقيق ما تصبو إليه بعد فقدان الاطر الحقيقية لبناء الدولة وهذه الانتخابات اذا ما كانت حقيقية سترسم صورة الواقع العراقي و للاهتمام بشؤون قطاعات الشعب المختلفة والاستجابة لمطاليبهم في الداخل لتوفير السكن والتعليم والصحة والعمل والبنية التحتية وتطوير علاقات البلد الدبلوماسية مع دول العالم وخاصة بعض دول الجوارفي رفع ايديهم عن التدخل بالشؤون الداخلية بنظرة طائفية وكي تتكامل الرؤى بين القوتين التشريعية والتنفيذية لان العملية مهمة تكمن اهميتها في ان البلاد على اعتاب مرحلة جديدة تتطلب التصحيح لتجاوز اخطاء الماضي وتخليص النظام السياسي من الاشكاليات الكثيرة التي يعاني منها . والتي في متناول اليد ويمكن اصلاحها اذا تم اصلاح العملية الانتخابية التي تعبر عن طموحات واراء الجماهير بعيداً عن المحاصصة والطائفية .
بلاشك ان النشاط الانتخابي الحروالمتزن فرصة مهمة ومؤثرة في السياق التغييري، السياسي ، و الاجتماعي الإيجابي وتعد المشاركة فيها وسيلة هامة وأساسية يمكن للأفراد من خلالها تقرير المصير وانتخاب الاصلح والتأثير على القرارات في الجهات التي يتم الانتخاب لها وعكس ذلك يجعل الناخب على تردد من المشاركة فيها ويجب اعادة الثقة للمواطن بالعملية الانتخابية التي يشكل هو احد عناصرها الاساسية ويجب ان تتجلى فيها الارادة الحرة وضمان حرية التصويت، وان يتم الإقرار بالحق في التصويت كأحد الحقوق الأساسية فيما يخص الأفراد. دون أي تمييز بسبب العرق، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي سياسي أو الغير سياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة، أو النسب، أو غير ذلك من الأسباب.
ولا يجب ان تحرم المجموعات من التمتع بهذا الحق مثل الأفراد المشردين والجماعات المهجرة داخليا فضلا عن أفراد وجماعات أخرى من أولئك المحرومين لأسباب غير منطقية دون قرارات قضائية مدينة لذلك الشخص او الطرف ، بما في ذلك الفقر والأمية والاضطهاد والخوف .
وثمة طرق مختلفة لدراسة العملية الانتخابية يحدد الناخبون بواسطتها المرشح أو المرشحين الذين يختارونهم لتمثيلهم أو يحددون بواسطتها رأيهم فيما يخص الامرالمطروح للاستفتاء، ومنها أن تنظر إليها بوصفها إعجاب بالشخصية ولهذا النوع من الحملة قوة دفع كبيرة، لكنها قلما تبني فائدة على الصعيد العام، والثانية هي أن تنظر إلى الإستراتيجية الانتخابية كطريقة لتعليم المحيط الذي فيه بالقضايا التي تنطوي عليها الحملة وكيف ترتبط بحياة الناس والمجتمع من المرشح، إنها أي العملية أداة يجب أن تُستخدم لإعادة تشكيل طريقة إدارة الدولة، وطريقة حل المشكلات، وطريقة ترتيب مجمل خطوط الحياة الأساسية، أما الطريقة الثالثة لدراسة العملية الانتخابية هي أنها وسيلة لبناء المؤسسات ـ سواء أكانت حزباً سياسياً أو مؤسسة دستورية أو منظمة محلية أو مجموعة ملتفة حول قضية ما، وعموماً ان امام المُنتخب الذي يُنتخب مثلا مسؤولية كبيرة وتضييعها تضييع لأمانة عظيمة، والله تعالى يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) الأنفال/27. والتصويت في الانتخابات النيابية أمانة، ينبغي على المسلم أن يحافظ عليها ويؤديها بالشكل الصحيح، وهي كذلك شهادة سيسأل عنها أمام الله تعالى، قال الله تعالى: (سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ) الزخرف/19، وبما أن الناخب سيسأل عن هذه الشهادة أمام الله تعالى فلا يجوز له أن يأخذ شيئاً من المال أو الهدايا ثمناً لصوته وشهادته من أي من المرشحين مقابل انتخابه لأن هذا يؤدي إلى أن يصل إلى الجهة او المؤسسة من ليس أهلاً لذلك . وأن المواطن الشريف مهما كان لا يبيع صوته ولا ضميره، وإن وجد شيء من ذلك فهي تصرفات نادرة يجب أن محاربتهاا والوقوف ضدها، لا سيما وأن القانون يعتبر بيع الأصوات وشراءها جريمة يعاقب عليها .وكي لا يضعف ويشكك من موثوقية الجماهير بالعملية الانتخابية وهذا يحتاج الى جهود عملية فعلية اجرائية لاعادة ترميم تلك الثقة ورفع مستوياتها لضمان نسبة مشاركة تضفي الجدية والموضوعية عليها.
في كل انحاء العالم عند اجراء اي انتخابات او استفتاء على المستوى الوطني أو الاقليمي أو المحلي تعطي نتائج الانتخابات السياسيين امكانية التعّرف على آراء المواطنين بخصوص القضايا السياسية الوطنية ومقبولية المرشح في الشارع وهو الشخص المؤهل لحمل أمانة المسؤوليّة، وتمثيل الشعب في المجلس التشريعي، والذي يُختار بحسب شروط عديدة كالكفاءة المهنيّة، والقدرة على تحمل المهام، وعبء المجلس النيابي، والاتصاف بالنزاهة، والصدق، كما يجب أن تكون له قاعدة شعبيّة تختاره بأمانه، دون استغلال، أو استخدام أيّة طريقة غير شرعيّة للوصول إلى الفوز في التصويت، والدخول إلى قبة البرلمان. .والانتخابات تعني. حكم الشعب نفسه، بنفسه سواء كان هذا الحكم بطريقة مباشرة، أو غير مباشرة، ومن هذا التعريف تستمد الدول أساليب ممارسة الديمقراطية بما يتوافق مع مجموعة من القوانين التي أقرّها الدستور، وبما لا يتعارض مع إرادة الشعب، ليتم بذلك تقسيم الديمقراطية إلى ثلاثة أنواع هي: ديمقراطية مباشرة، وغير مباشرة، وديمقراطية نيابية.
الانتخابات التشريعية هي عبارة عن عمليّة ديمقراطية بمشاركة فاعلة من الذين يحق لهم المشاركة فيها ، يقوم فيها الشعب باختيار ممثلين عنهم في المجلس النيابي، كسلطة تشريعية التي لها الحق في اتخاذ القرارات، وسنّ القوانين، وتقييم عمل الحكومة، والقبول بها، أو ردها، والتصويت على القرارات المتخذة من قبل الحكومة، والتي ترد الى مجلس النواب، علماً أنّ القرارات المرفوضة من مجلس النواب في العراق قد لا تقبل بها السلطة التنفيذية إلا بالتراضي بين السلطتين.ختاماً ان التهيئة للانتخابات والفترة الزمنية المتمثلة بالأشهر الخمسة المقبلة هي الفرصة المناسبة التي يجب ان يعمل فيها الجميع على إرساء العملية الديمقراطية من خلال بث أجواء الحوار والتفاهمات وطرح المشاريع الانتخابية والتنافس الشريف والابتعاد عن لغة الخلاف والسجالات لأنها لن تؤدي بنا سوى الى شيء واحد؛ وهو عزوف المواطن عن الذهاب الى صناديق الاقتراع. وهذا ما لا نتمناه ولا نرجو حدوثه.