17 نوفمبر، 2024 5:34 م
Search
Close this search box.

الفهمُ الخاطئ للدِيموقْراطِيّة يقودنَا إلى الهاوية

الفهمُ الخاطئ للدِيموقْراطِيّة يقودنَا إلى الهاوية

غَنِيٌّ عَنِ البَيَانِ أَنَّ معاناةَ شعبَنا لسنواتٍ طوال مِنْ سلبيةِ آثارِ سياسات النظام الدكتاتوري القائمة عَلَى توجهاتٍ ورؤى مِنْ شأنِها تكريس محاولاته الرامية إلى إذلالِ الإنسان وامتهان كرامته، لا ينبغي أنْ تكون مبرراً لركوبِ موجة الانفلات وسريان الفوضى، فضلاً عَنْ مساهمتها فِي إحداثِ التوترات.

كنا نعيش لنحوِ أربعةِ عقود مِنْ الزمانِ فِي وطنٍ عزيز عَلَى قلوبنا، إلا أَنَّ مَنْ قدر له حكمه وإدارة مقاليده، كان يأبى العيش بمعزلٍ عَنْ سياسةِ القهر، ولن يهدأ له بال أو يغمض له جفن مِنْ دُونِ سماعه لدوي التصفيق، حتى وأن كان هدير هذا النشاطِ لا ينبع مِنْ أعماقِ عامة الناس، الأمر جعلنا ننتظر فرجاً مِنْ الله تبارك وتعالى يمنحنا معجزة الخلاص مِنْ براثنِ النظامِ الشمولي الاستبدادي، فكان أنْ تحققتْ المعجزة حين قدر للدكتاتورية الانهيار، إلا أَنَّ شدةَ آثارها فرضت عَلَى بعضِنا الانتظار لسنواتٍ بعد زوال العهد الدكتاتوري؛ لأجلِ تجاوز عقدةِ الخوف والتخلص مِنْ اضطهادِ شرنقتِها.

مِنْ دُونِ تمعن الكثير مِنا فِي ماهيةِ الدِيموقْراطِيّة، ومحاولة الاقتراب بأوسعِ المديات إلى مضامينِها، انطلق شرع البعض فِي السباحةِ بفضاءاتِ الدِيموقْراطِيّة غير آبهين بما تمليه الدِيموقْراطِيّة مِنْ ضوابطٍ ملزمة، فضلاً عَنْ موجباتِ احترام المنظومة القيمية المتمثلة بعاداتٍ وتقاليد راسخة توارثناها جيلاً عَنْ جيل، وَالَّتِي تلزم القيادات الإدارية الحرص عَلَى عدم تجاوز الدِيموقْراطِيّة أقصى حدودها مثلما هو حاصل فِي تجاربِ بعض البلدان الأوروبية الَّتِي أقرتْ تشريعات لا يمكن هضمها فِي مجتمعنا؛ لتعارضها مَعَ خصوصيةِ المجتمعات العربية والإسلامية.

لا اعتراض لأحد عَلَى تشجيعِ العراقيين لأنديةِ كرة القدم العالمية، طالما ابتعد نطاق هذه الفعالية عَنْ الممارساتِ الَّتِي تتعدى عَلَى التشريعات القانونية النافذة، بالإضافةِ إلى عدم تجاوزها عَلَى حقوقِ الأهالي وإثارة الرعب ما بين صفوفهم، وَلاسيَّما الخوف والهلع الَّذِي يداهم الأطفال والنساء، إلا أَنَّ ما ظهر مِنْ سلوكياتٍ طارئة عَلَى مجتمعِنا فِي المدة الماضية، يفرض عَلَى الحكومةِ البحث المعمق فِي أسبابِ هذه الظاهرة الَّتِي بدأت مِنْ تشجيعِ الأندية العالمية، لتنتقل بعدئذ إلى ملاعبنا.

فِي ساعاتِ الفجر الأولى مِنْ أحد الأيام القليلة الماضية، استيقظ الكثير مِنْ الناسِ عَلَى أصواتِ الإطلاقات النارية المنبعثة مِنْ فوهاتِ مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، فضلاً عِنْ الأصواتِ العالية، وَالَّتِي كانت لوحدها كافية للتعبيرِ عِنْ مظاهرِ الفوضى الَّتِي أعقبت انتهاء مباراة إحدى البطولات العالمية بكرةِ القدم؛ بالنظرِ لسوءِ فهم البعض لمعالمِ الدِيموقْراطِيّة وضوابطها، بالإضافةِ إلى ضعفِ سلطة القانون المتأتية مِنْ عواملٍ كثيرة لسنا بصددِ البحث عنها فِي موضوعِنا الحاليّ.

الْمُلْفِت أَنَّ حمى صراع المشجعين انتقل بسرعةٍ متناهية إلى مواقعِ التواصل الاجتماعي، لتظهر لنا نماذج مِنْ الفعالياتِ الَّتِي تجاوزت حدود المعقول بفعلِ حملِ بعضها مضامين مسيئة لمعتقداتنا، وَالَّتِي مِنْ بينها توظيف إحدى الآيات القرآنية الكريمة لتحديدِ ما جرى خلال المباراة بعد تحريف نص الآية الكريمة، فضلاً عَن وضعِ اسم (ميسي) بدلاً مِنْ لفظِ الجلالة فِي التصديق!!.

فِي أمَانِ الله.

أحدث المقالات