23 نوفمبر، 2024 4:45 ص
Search
Close this search box.

الفن الروائي وسيلة جدلية في البحث عن حرية المرأة..

الفن الروائي وسيلة جدلية في البحث عن حرية المرأة..

حين قرأتُ كتاباً عنوانه (هروب الموناليزا) انسابت فكرة الحرية امامي، عبر أقوال كثيرة قيلت عن حرية الإنسان  تحمل كثيراً من المعاني والحركات الكامنة لدى كتاب وكاتبات قادرين على تقريبها ،حياتياً، بالشكل والمضمون في قالب روائي. تردد أمامي سؤال: إلى أي الأنواع من الحرية تنتمي هذه الرواية..؟

 أدركتُ  خلال قراءتي تفاصيل ملازمة لمكان جغرافي اسمه (العراق) ليس فيه، لزمن طويل،  غير قوة القهر والظلام . فقد جسدت رواية عنوانها  ( هروب الموناليزا)  بعض مظاهر هذه القوة  وقد خرجت وقائع قهرية متنوعة من صوان ملابس امرأة  طــُـــوّح بها ذليلة فوق سرير زواج ،  او امام شرطي من حرّاس السلطة الحاكمة  ، او في زنزانة تعذيب مظلمة في ظل سلطة غاشمة، او وسط معاناة نساء هجرن رجالهن او عشاقهن او في حال شعورهن أنهن لسن سوى خادمات فاضلات في احسن حالات الزواج, أو من حرّاس الحدود عند محاولة  الهرب من ظلم وظلامة بلادها.

حمل الكتاب طاقة ابداعية – سردية كامنة لدى المؤلفة  بلقيس حميد حسن المعروفة بغريزتها الشعرية الفنية ،التي مزجت بين واقعية المفردة الجنسية – الغزلية  مع المفردة السياسية – الاخلاقية في شعرها المعروف بأسلوبه الملـّـون بالخيال الانساني ، بميزة كتابة نسائية منمقة ، صادمة وجها بوجه، حاملة  مفارقات ممتعة، بلهجة هادئة أحياناً وبنماذج ذات صوت  عال ٍ يستفز أسماع أو عيون القراء  في أحيانٍ اخرى .

بدأت الصفحات الأولى من كتابها  بحالة (خوف امرأة )  وانتهت الصفحات الاخيرة بالخوف من جسم اجتماعي كبير اسمه الوطن.  قامت في وطن هذه المرأة علاقات منحرفة ضالة منبعثة اساسا من الصورة المنحرفة الضالة لسيادة الذكورية الشاملة ، بسيادة حق الرجل في ممارسة اساليب البرابرة لفرض ارادته على انثى  ، حتى غدا  كل كلام رجولي  موجه الى اي امرأة ، بمثابة أمر مطلق متجدد عبر العصور ، ما عليها الا تنفيذه في البيت ، الذي تعيش فيه وفي الدولة التي تنتمي اليها،  حيث نرى صورا متعددة من حقائق  جاءت بها وقائع هروب الموناليزا . هذا الهروب بشكله المسرد في الرواية برهن على فقدان (وحدة وجود العائلة)  مثلما برهن على انعدام (وحدة وجود الوطن) ، طالما لا تتوفر فضيلة الحرية وعدالة الحرية وصداقة الحرية . صوت المرأة العراقية ما زال مخنوقا حتى اليوم . ما زالت هي نفسها تميل الى الركون وراء الرجال لإيصال وجهة نظرها في الحياة، او تقديم عروض صريحة عن طريق الصحافة ،او ضمن النتاج الروائي والقصصي والمسرحي وغيره.  لذا فأن نصيب المرأة في نجاح صوتها او اخفاقه كان  ولا يزال مرهونا بالرجل الفرد وبمدى سعة افقه او جدية فلسفته .

منذ اكثر من نصف قرن كان الصدق الكامن في صوت المرأة العربية عن معاناتها الانسانية الكبرى وعن رتابة حياتها اليومية الكالحة لم نكن نحن أبناء ذلك الجيل  نتخيله  إلا من خلال صوت ام كلثوم باعتبارها واحدة من النساء العربيات اللواتي استطعن ايصال صوت المرأة التابعة وصدقه  عن طريق الغناء والموسيقى ، بما  تضمنه صوتها واغنياتها من قدرة على ايصال رسالة إلى جماهير واسعة ، رجالا ونساء ، من خلال نجاحها في تكوين امة عربية من السامعين للأغاني والموسيقى ، خاصة وأن السامعين والسامعات لنداء الحرية  في العالم العربي قليلون .

في خمسينات القرن الماضي كنا نحن الشباب ، في العراق والعالم العربي كله،  نجد حقيقة التطلع التقدمي للمرأة الغربية من خلال الافلام السينمائية، الأمريكية والأوربية، ومن بلدان أوربا الاشتراكية ،يضأ حيث كان بعضها يحرّك عندنا الكثير من الاسئلة الجمالية والايديولوجية والانسانية عن مستقبل حرية المرأة الشرقية وحقوقها ، مقارنة بحرية وحقوق المرأة الأوربية عموماً..  كان  نص واخراج وحوار  وتصوير وموسيقى أي فلم يمجد مكانة المرأة ودورها النضالي يدفعنا الى الاتساق والتماسك معه . كان فيلم (الباحثات عن الحرية) بطولة داليا البحيري وهو انتاج مصري – فرنسي أخرها في الألفية الثالثة نتاجاً فنياً أثار الكثير من أسئلة الحرية. ها انا اليوم بعد قراءة السرد الذكي في (هروب الموناليزا)  اجد نفسي داخل الواقع الموضوعي لرواية عراقية عن (الحرية) أقول عنها كلاماً سريعاً.

 اهم قضية في (الفن الروائي) هي قضية (البطل الروائي) وقد قال الناقد الادبي الماركسي جورج لوكاش عن ضرورة أن يكون هذا البطل شخصية نموذجية . بينما اهم شرط من شروط رواية (السيرة الذاتية) هو الوعي بـ(الحرية الذاتية) أولاً واخيراً للتعبير عن رؤية محددة للعالم المحيط ، مما يستوجب التجسيد الروائي بالتفاصيل الوافية عن الوضع الاجتماعي، والتاريخي ، والبيئة الاقتصادية، والوضعية السيكولوجية، والظروف السياسية كافة .. فهل استطاعت بلقيس حميد حسن في كتابها هروب الموناليزا أن تقدم عملاً كتابياً استثنائياً تخضع فيه لانضباط السرد الروائي او لانضباط سحر السيرة الذاتية ..؟

لا شك انني استطيع القول انها تجاوزت (مراحل الارتباك السردي) وهي اخطر المراحل التي يمر بها كل كاتب روائي،  خاصة الكتــّـاب الذين يروون لقرائهم اعمالا من مدرسة (الواقعية المأساوية)  بما تحمله من علاقات حب، او قتل، او عذاب، او نجاح، او فشل ، في نظام الغابة السائد ، مثلاً،  في عراق 1968 – 2003 حيث دُمج المجتمع العراقي دمجاً كلياً ، داخل حزب واحد ، يقوده رجل مستبد، يملك وحده زمان السلطة والسطوة على الرجل والمرأة في آن واحد.

حتى في ظروف اجتماعية  مغايرة ، كهولندا مثلاً، حيث تفشل مطامح (الزوجة الثانية) بطلة رواية  الموناليزا الهاربة من العراق  بالحصول على انفراد رابطة العلاقة الجنسية مع زوجها المقيم في هولندا ، الذي كان جوهره الشرقي يجعله  يرى في الزوجتين، الأولى والثانية،  مجرد خادمتين لمتعته . هناك مسألة روائية تحتاج الكاتبة فيها الى رفع كل الاقنعة والخفايا عنها ، أعني بها تبعية المرأة الجنسية لرغباتها الحالمة باحتكار رجل، حتى ولو كانت زوجة ثانية أو ربما ثالثة  أو رابعة كما طرحها مسلسل مصري عنوانه (عائلة الحاج متولي) حيث تبعية الزوجات الاربع لزوجهن الواحد ، القوي بثرائه المالي،  أمراً محتماً. انها قضية معقدة من المستحيل تناولها روائيا من دون تحليل العلاقة بين الواقع الاجتماعي والوهم الجنسي.

سعتْ بلقيس حميد حسن بصوت عالٍ لتوكيد مكانتها  الخاصة وخطابها السردي الخاص، حيث صنعت لقرائها صوتا من اصوات صادحة للمساهمة في تغيير ايجابي لواقع المرأة العراقية بقصد تأصيل الوعي بـ(حق المرأة)  وتوسيع مدارك (الذات الأنثوية) بكتاب حاولت فيه المزج  في صفحاته بين بعض مواصفات  السيرة الذاتية و بعض مواصفات الخيال الروائي . جاء في صفحة 3 (ان الرواية هي فصل من سيرة ذاتية للكاتبة ولنساء عرفتهن في طريق الحياة)  . بمعنى انها انتمت مباشرة الى مرجعية نسائية جديدة لا تقلد صوت ام كلثوم فحسب ،بل انها نحتْ منحىً واقعياً نحو البحث عن (ذاتية الأنثى) والدعوة بنوع من سرد مدهش ،جريء وصريح،  الى مزايا هذه الحرية ، التي لا يفهمها الكثير من الرجال،  سواء كانوا حمقى أو واهمين  وُضعوا بعد صيحات ام كلثوم تحت المجهر المكبر بأعمال العديد من الروائيات ، العراقيات والعربيات، من مثيلات الجزائرية أحلام مستغانمي  والمصرية نوال السعداوي والعراقية عالية ممدوح.. ترى هل تمكنت بلقيس حميد إضافة اسمها للمجموعة الروائية النسائية الجريئة التي تجتاز منذ جيلين او ثلاثة زمان الرواية النسائية التجريبية التي لم تتوصل حتى الآن الى ايجاد خط موحد أو متمكن لتوظيفه من اجل حرية المرأة العربية..؟

الازمة الرئيسية في هروب موناليزا ليست في مشكلات سياسية واجهتها بلاد البطلة فحسب، بل في نظرات السلطة الحاكمة للمرأة ، مما عرضها لأنواع من  سطوة الرجل عليها . فقد كانت اعمال العنف الحكومي ضد الناس والعنف ضد المرأة أيضاً، هما السبب في ان تقطع  البطلة اكمال مراحل دراستها في بلادها ، ثم وفرت لها قناعة الهروب من الناس والوطن والعائلة والعشيرة ، بحثا عن مكان جديد ومستقبل جديد فيه أناس جدد ووطن جديد وقيم جديدة  لكن بلا عائلة ولا عشيرة . ساهمت هذه الذريعة في استيقاظ الوعي الوطني في اعماقها الى جانب استيقاظ الوعي الانساني ، الوعي الأنثوي . حتى امها في وطنها العراق كانت عنيفة الاخلاق معها حين اطلعت ذات يوم على حيازة مجموعة من كتب لا ترتضي لابنتها حيازتها فهددتها بالقول:  ( سأحرقك في المرة القادمة ..سأسمك بالسم واكون فخورة بموتك). ص 124 . هناك صار (الخوف) حتى من الأم مدفونا في اعماقها دافعاً إياها إلى (البحث عن الحرية) المتوفرة في افكار وكتابات جيمس جويس وفرجينيا وولف وكافكا وبروست.. أي أن قراءة الكتب صارت (هنا) متاحة بكل اتساع بلا خوف. جميع خواطر وأفكار الحرية صارت حاضرة امام عينيها لتصبح امرأة جديدة النوع منفية من الحياة العائلية، ومن الطفولة ، في محاولتها لاكتشاف هويتها الجديدة من خلال الحرية ، من خلال الوعي الفني بالكلمة المكتوبة،  اذ يمكن ان تكون (فرحة الكتابة) لديها جزءاً من (فرحة الحرية) مثلما استطاعت الفنانة صباح أن تحوّل (فرحة الفن) في حياتها كلها إلى (فرحة الغناء) إذ كانت أغلب أغانيها مليئة بالحبور عكس أم كلثوم المليئة أغلب أغانيها بالحزن.  الحوار الدائر مع سومر في رواية بلقيس حميد  من ص 134 الى ص 142 حول العشق ،الموسيقى، الفن ، وخداع الرجال والازواج، كانت تعبيرا عن لحظات او ساعات او علاقات معقدة تماما  في حياة المرأة الشرقية المحرومة من كل انواع الفرح.

 عموما  اتمنى ان تواصل بلقيس الكتابة السردية فقد ادركتْ ان تجربتها في هروب موناليزا كانت ذات قيمة ادبية سيكون لها تأثير غير قليل في ساحة الادب العراقي واذا ما اردات سلوك الدرب الصحيح عليها ان تبقى في خضم هذا الاتجاه  لكي يكون لها سهمها في اعادة ابتكار الروح الوثابة عند المرأة العراقية بعد ألف عام  مرئية من تاريخ القهر والعزلة لم تتجاوز نتائجها  ، بعدُ.

في نموذج هروب الموناليزا يلف الغموض تحركات البطلة مرة،  والوضوح مرة اخرى، ليجد القارئ نفسه امام تفسيرات متباينة لمختلف العوامل المؤثرة، السياسية والاجتماعية والنفسية ، بما في ذلك دور وتأثير عوامل الانتماء الحزبي ، مما جعل الريح تطوّح بالبطلة وبشخصيات الرواية عموما على حافات الحياة ،داخل الوطن وخارجه. لكن وجدنا سرد بلقيس حميد حسن في روايتها لا يتضمن اية مناورة، بل يتضمن رحلة صعبة في دروب  تفتقر الى الراحة حيث تظل مثل  المرأة المكافحة من اجل ( البحث عن الحرية) سائرة ما تزال في ارض وعرة .

في التفسير السردي والوصفي  لهروب الموناليزا وجدتُ مغامرة أو مغامرات عديدة. اول واهم انواع المغامرة هي (المفردة) المستخدمة  تقدم  بها بلقيس حميد  العديد من الاسئلة على لسان المرأة داخل اطار الرواية وحوارها  مثل : من انا ..؟ ما هو دوري في الحياة..؟ ما هو الهدف من وجودي..؟  لماذا يريد الرجل ان اكون خاضعة له..؟ لماذا تبدو حريتي ضيقة جدا في حدود الدولة..؟ لماذا تكون المرأة بمفاهيم الرجال حقلا للتجارب الجنسية ليستعيد بها حيويته..؟ . كما كانت بساطة اسلوب جان جاك روسو المـَشـَغل الرئيسي للكاتبة في علاقتها مع القارئ اضافة الى أنها كانت مقتربة كثيرا من مفردات دوستويفسكي في فهم الحرية الانسانية وحرية المرأة بالذات،  رغم انها لم تعتمد على اهمية الخيال في السرد ، الذي قد يقدم شكلا من اشكال التجارب الانسانية  ،خاصة اذا ما بدا واضحاً جداً أن السلطة الحاكمة، القهرية وغير المحدودة ، هي صانعة الشر والظلم الواقعين على البشرية من الرجال والنساء، خصوصاً إذا أدرك الجميع أن الحرية الحقيقية والعملية  هي العلامة الاولى من علامات التقدم الانساني ،الفردي والجماعي، كما حدد ابعادها فريدريك انجلز لخلق (السعادة والسلام) وهما الشيئين الاكثر طبيعية في نموذج الحياة الانسانية في العصور القادمة .

هذه الرواية  لها دلالة هامة آملا ان يكون بناؤها الروائي مقتربا من الكمال في جزئها الثاني الموعود  لأنها تكشف عن الطريق الصعب، الذي تسير فيه المرأة العراقية خصوصا والمرأة الشرقية عامة. هذه الرواية اذا ما اعتمد بوحها التالي وفق صياغة الفن الروائي وتجسيد اشكالية (حرية المرأة) فمن الطبيعي ان تكون رواية بلقيس حميد حسن من ضمن الكتابات العراقية الجديدة ، التي قد تقدم توضيحا جديدا بعقل سردي نيّر متوافق مع التقدم الطبيعي العاقل، الذي حققته زميلتها  المرأة الغربية.

  خلال وجود بلقيس لمدة طويلة في هولندا جعلها أكثر قدرة على استيعاب المشاعر الديمقراطية في اقوال عمر بن الخطاب وجان جاك روسو وفريدريك شيلر وميرابو ، عن الاستعباد والحرية .كما استوعبت واقع تجارب المرأة الهولندية التي ناضلت وتناضل من اجل كل نوع من انواع الحق لإعادة تنشيط وتحديث جميع المفاهيم الاولية الداعية الى اطلاق حقوق المرأة وحريتها في انتاج مجتمع ليبرالي جديد، يوفر في نهاية المطاف المساواة الحقيقية بين الذكور والاناث في مجتمع يسمو فيه (الفرد ) و (المجموع) في آن واحد تحت ظلال العقل الانساني ووضعه القانوني بعدلٍ مشترك، ومنفعة مشتركة، رغم سيادة السلطة الرأسمالية  لتمجيد الفائدة المرجوة من عالم يخلقه الانسان على الارض التي يقيم فيها وعليها .

المشكلة الواضحة في رواية هروب الموناليزا تتأكد من محاولة الكاتبة في ان تصبح روائية معروفة بأسلوب الجرأة الجدلية والوصفية بعد ان عرفها جمهورها بانها (شاعرة) انجزت الكثير من دواوين الشعر الحديث.. أي أنها لم تسترشد لا بتجربة الفيلسوف  جان جاك روسو ولا بتجربة السياسي مكسيم غوركي ولا بأي كاتب آخر، بل اعتمدت عل (الحدس الذاتي) كنموذج للبناء الروائي. جاءت الرواية تجسيدا لشكل محدد من اشكال السيرة الذاتية خلقتها المؤلفة عن نفسها بصورة مثالية من خلال كتابة رواية جادة فيها جهد وصناعة لكن بغياب العديد من التفاصيل  الذاتية المطلوبة في أصول وأسس الدراما الروائية،  التي تتصاعد حبكتها ،عادة،  من فصل الى فصل او من صفحة الى اخرى.

في فصول رواية بلقيس حميد حسن الاولى نجد خطابا مستترا ذا ثراء معرفي منشوراً بين طيات الحوار الداخلي مع النفس. غير ان خطاب الرواية لم يوفر الحبكة الروائية كشيء رئيسي محدد في هروب الموناليزا. نجد وصفا لحالات البطلة من فصل الى اخر بحركات وكلمات وممارسات تعتمد على وتريات وصفية: وتر الطفولة،  وتر العشق، وتر الاحتراق، وتر الجنس،  وتر الغرق، وتر الضياع، وتر البكاء، وغيرها من الأوتار عن مشاكل الفطرة الشخصية، خاصة وان البطلة كانت حالمة دوما بيوتوبيا الاشتراكية لكنها تحولت روائيا الى مجرد امرأة مسافرة في هذا الزمان من بلد الى اخر، باحثة عن رغبات وفانتازيا مرْكبة نسائية تتميز بالحرية في الارادة والحركة،  مما اوجد لدى البطلة تبصرا ليس كاملا ، ناتجاً عن تبصر ليس عميقاً عن الفن الروائي خصوصاً بمشاكل الرواية ذات السمة  (الواقعية  المأساوية) بالذات. أي أن فعلها الروائي عن السيرة الذاتية لم يكن كما كان  فعل جي اج ويلز حين كشف في روايات السيرة الذاتية انه (كازانوفا) كشخصية مبنية روائيا تفرضها الحالة النفسية في طبيعته . لقد كشفت جميع وتريات الرواية ان مصدر الحرية هو اضطهاد الرجل للمرأة بينما ظلت حرية المرأة ليست سوى انشودة او حلم .

على اية حال يمكن القول ان هروب الموناليزا ستظل موضوعة امام مرافعة قضائية – فلسفية  قادمة في محكمة المستقبل لرفض مقولة ان الحرية هي الطاعة المجردة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أحدث المقالات

أحدث المقالات