23 ديسمبر، 2024 12:28 م

الفنان صباح السهل/88

الفنان صباح السهل/88

{إستذكارا لدماء الشهداء التي ستظل تنزف الى يوم القيامة، من أجساد طرية في اللحود، تفخر بها أرواح خالدة في جنات النعيم، أنشر موسوعة “دماء لن تجف” في حلقات متتابعة، تؤرخ لسيرة مجموعة الابطال الذين واجهوا الطاغية المقبور صدام حسين، ونالوا في معتقلاته، خير الحسنيين.. الشهادة بين يدي الله، على أمل ضمها بين دفتي كتاب، في قابل الايام.. إن شاء الله}
الشهيد الفنان صباح محسن محمد السهل، صوت عذب.. من الناصرية، ولد في الشطرة، العام 1945 وقضى طفولته ويفاعته فيها، عمل منذ الصغر، رساما وخطاطا وخياطا وحلاقا، ومطربا هاويا.. بين أهله وأصدقائه وأبناء المنطقة، قبل ان يحترف، معتمدا في الاذاعة والتلفزيون، وموظفا فيها.
غنائيا قلد عبد الحليم حافظ وفهد بلان والتحق بالخدمه العسكريه العام 1967، وتسرح منها 1970، مشاركا في الفرق المسرحيه وقطاع الشباب والمسرح العمالي والمسرح الغنائي والابريتات.قدم الى فرقة الانشاد واجتاز الاختبارات وعاد للدراسة طالبا في معهد الفنون الجميلة، وإشتهر بأغنيات “نوبة شمالي الهوة” و”بلاية وداع” وسواهما.
 
خيانة زوجية
عاد من زيارة الاهل، في “الشطرة” العام 1991؛ متأثرا بما ألحقه نظام الطاغية المقبور صدام حسين، بأهل الجنوب، من قصف فظيع وإعتقالات عشوائية؛ ردا على إنتفاضة آذار.
بث حزنه لزجته، مسترسلا معها، كما لو يفكر بصوت عالٍ، وهذا طبيعي بين رجل وشريكة حياته التي إختارها أما لأولاده بعد قصة حب رصينة!
مواصلا الإستفاضة الى التسفيه القصدي للثقافة من خلال إقحام سطوة عدي صدام حسين، باسطا تفاهته على الصحافة والغناء والادب، من خلال تلفزيون وإذاعة الشباب والتجمع الثقافي، داخل بيته ووسط عائلته، كلما تطرق الحديث الى ذلك، على مدى سنتين متواصلتين، بطمئنينة تامة.
وإذا بجهاز المخابرات يستدعيه يوم 13 كانون الثاني 1993، وحققت معه عن تهجمه على اولاد الرئيس، وبين يدي المحققين أشرطة كاسيت سبق أن رأها بيد زوجته ولم يسال عنها؛ بإعتبار وجودها جزء من مكملات البيت.
بعد إثنين وستين يوما، مرت على إعتقاله، اي في 15 آذار 1993، ابلغ اخوه ناصر بالحضور؛ لتسلم جثته، في الساعة العاشرة، مع قائمة شروط، أبسطها عدم إقامة مجلس فاتحة، ولا تشييع ولا شاهدة على قبره، في “الكرخ المركزية” إنما رقم 34 في القاطع 19.
 
تداخل سلطات
تداخلت في منظومة الجور الصدامي، سلطات أجهزة الدولة؛ فالمخابرات التي تعنى بالشأن الخارجي.. دوليا، لكنها إعتقلت مواطنا داخل البلد، بقضية تخص الداخل اولا وآخرا، وهو شأن مديرية الامن العامة؛ إلا ان جهة ثالثة ألقت القبض عليه هي “جهاز الامن الخاص”.
ثمة وثيقة حصل عليها ذووه، صادرة من رئاسة جهاز المخابرات، الى أنه تم القاء القبض على “المتهم” صباح محسن محمد والمعروف بالاسم الفني صباح السهل، من قبل جهاز الامن الخاص، بتاريخ 4 نيسان 1993واودع في سجن المخابرات! بتهمة تهجمه على شخص “الرئيس” وعائلته و”القيادة السياسية”.
إعترف ان الكلام بصوته.. مكررا أنه كان في حالة سكر، ومثلما هي مدونة بملف التحقيق الذي اجراه اياد طه شهاب، وهو كلام تفوه به في بيته وامام زوجته فقط.
 
مصادرة
تشكلت محكمة المخابرات، في بغداد بتاريخ 2 أيار 1993 برئاسة القاضي ابراهيم سهيل نجم وعضوية راضي سعد احمد وصلاح مهدي كريم المأذونين بالقضاء واصدرت قرارها بالاعدام شنقاً حتى الموت، استناداً لاحكام المادة” 225 “ من قانون العقوبات الشق الثاني الفقرة الاولى، ومصادرة امواله المنقولة وغير المنقولة.
الذي يدقق النظر بتاريخ اعتقال صباح السهل وهو يوم 4 / 4 / 1993 وصدور حكم الاعدام وهو بتاريخ 2 / 5 / 1993 سيجد ان المدة بين استجماع فصول التحقيق في جهاز المخابرات وتشكيل المحكمة واصدار الحكم، هو مدة شهر واحد فقط، لان التهجم على شخص الرئيس بألفاظ نابية تعد في عرف النظام السابق جريمة لاتغتفر، ومن الكبائر ، التي تؤدي بصاحبها الى حبل المشنقة، لذلك طويت صفحة الفنان السهل بشكل سريع وسهل ايضاً، ليس هذا فحسب بل مصادرة امواله المنقولة وغير المنقولة، وماهو المبرر القانوني، لشخص اساء بالكلام الى الرئيس السابق بمصادرة امواله المنقولة وغير المنقولة ؟