قصره ونحافته ، وإبتسامته التي لم تفارقه ، وهو الحالم دوماً بإلاشتغال في تقديم ما هو جميل ومنشط للذهن والعقل ،وذهنه المتوقد جراء القراءات العديدة للكثيرمن الكتب الادبية ،وخاصة الكتب المتعلقة بالمسرح العربي والعالمي ، دور كبير في نشاطاته المسرحية التي لايملً منها ولا يكل ، يتابع العروض المسرحية سواء في المسرح “القومي ” أقصد الفرقة القومية انذاك ، أو في فرقة ” بيت المسرح العمالي ” أو معهد الفنون الجميلة ” وكلية الفنون الجميلة ” في فترة السبعينيات وهي الفترة التي كانت أكثر أزدهاراً وأكثر حراكاً في مشهدنا الثقافي العراقي ،كنا مجموعة أو لنقل فرقة مسرحية متكاملة ، فيها الممثل والمخرج وعامل الديكور والإضاءة والمؤلف ، وكانت هذه الفرقة المسرحية التي يترأسها الفنان المبدع ” جليل عودة “الذي كان يقوم بإعداد المسرحيات الكوميدية أو التراجيدية ، لكي نقدمها على خشبة المسرح في قاعة “مركز شباب القدس العربي ” في مدينة ” الثورة ” أو منطقة ” الجوادر” تلك المنطقة التي كانت تضم كوكبة كبيرة من الشعراء والكتاب والإعلاميين والتشكيلين ومنهم ” عبد الزهرة زكي ، حسن فرحان مروان ، جاسم التميمي ، حميد المختار ” نصيف فلك ،فيصل حامد ،هادي السيد ، كريم العراقي ، حسن متعب ، علي حميد حسن ، عباس جاور ، حسن خلف ، عباس الكعبي ، والكثير من الأسماء المهمة في الساحة الادبية ولا يتسع المجال لذكرها ،تنظيف خشبة المسرح كانت من مهام أولوياته التي يساعدنا بها وهو يقول ” تهيئة الخشبة ” وهذا الحماس الكبير في داخله متأتياً من القراءات الكثيرة التي كان يجمع فلسفتها ويصوغها لنا متناسياً دروسه المدرسية مما أفقده دخوله الى معهد الفنون الجميلة أو كلية الفنون الجميلة ، فظل حبيساً لمرحلة ” المتوسطة ” ولم يتخرج منها ” فأصبح محبوباُ من الجميع وأخذ اسمه يتردد على كل لسان من المعنيين بالفنون المسرحية أو الأدبية ،والدليل عندما تناوله الكاتب ” خضير ميري ” في روايته ” الجنون والعسل ” تلك الرواية التي حولها الفنان ” سامي عبد الحميد ” الى مسرحية بنفس الأسم وقدمت على قاعة منتدى المسرح العراقي ، وهو من الشخوص الذين غيبهم النظام السابق في فترة الحرب العراقية الايرانية إلى جانب كوكبة ” رعد شوحي ، فلاح ابراهيم ” باقر درويش ، ستار سكوندي ، فوزي داخل ” والقائمة تطول ،كان يواجه ” البعثين ” ويتغيب كثيراً عن الذهاب الى بيته ، ويتجول في بيوتنا المفتوحه أمامه وهي محطة استراحته في الليل والنهار ، وذات مرة قال لي دعنا نذهب الى بيتنا ، وعندما ذهبنا وطرق الباب،خرجت لنا فتاة نحيفة ، وقالت لنا تفضلوا ، بعدها اخذته في حضنها ، استغربت من المشهد ، قلت له من هذه قال هذه أختي لم تراني منذ أكثر من ستة شهور، وبدأت تعانقه كأنها تعانق أبيها الذي كان عائداً من الحرب تواً ، بلاسم من عشقه للمسرح ظل ينتظر الفرصة المناسبة للتخلص من النظام البعثي الذي كان ثقيلاً علينا وعليه ، فكانت مسرحيته ” الاشجار تموت واقفة ” وهي مجموعة قصائد شعرية فيها نكهة وطعم عن أوجاع الحروب التي أصبحت عائقاً لمسيرتنا الإبداعية التي كنا نحلم بها ،ظل متذمراً من الألم الحارق الذي ينتشر في صدره ، وعاش أياماً كئيبة قاسية حتى جاءتنا الاخبار السيئة التي أنتشرت بين من يعرفون ” الحميد ” بإنه هرب خارج العراق هو مجموعة من المثقفين وبينهم ” الكاتب ” خضير ميري ” الذي لا يزال حياً في مصحته العقلية ، بينما ” بلاسم ” نظراته ظلت هائمة تجوب شوراع المدينة ومسارحها المغلقة الا من مسرح ” التعبئة ” .