23 ديسمبر، 2024 1:43 م

الفنان العراقي الراحل عزيز علي … يُبعث في مصر من جديد !

الفنان العراقي الراحل عزيز علي … يُبعث في مصر من جديد !

كم نحن العراقيون خجلون .. لان الساحة الفنية لدينا قاحلة مجدبة لم تلد فنانا تكاملت رسالته الفنية باستثناء المونولوجست الراحل عزيز علي (وخجلون ايضا لاننا لم نخلد ذكراه و رمزه).
لقد كانت دائما رسالة جميع الفنانين هي الفن للفن و القلب و الروح بينما أضاف عزيز علي عليها و جعل الفن للفن و القلب و الروح و (العقل ).
و لا يخفى انه سياتي يوما ما و يذهب جيلنا و لا احد سيقلب ارشيف حسين نعمة و امل خضير و فاضل عواد و حضيري ابو عزيز و داخل حسن … و دليلنا على ذلك ان محمد عبد الوهاب و ام كلثوم و عبد الحليم حافظ و ليلى مراد و نجاة الصغيرة و فيروز و هم من عمالقة الفن سيذهبون مع جيلنا باستثناء مقاطع من الاغاني الوطنية المؤثرة لام كلثوم و عبد الحليم و محمد عبد الوهاب التي تنشرها بعض المنابر الاعلامية عند الحاجة اليها في المواقف الوطنية …
لقد قدّم محمد عبد الوهاب الشيء الكثير و لربما مالم يقدمه غيره .. و خيرا عمل حينما ختم رحلته الفنية باغنيته ( من غير ليه) و هي التي ستبقى من الملاحم الخوالد بالرغم من عدم معرفة الكثير لاهميتها لانها و بحق تعتبر (أرجوزة فلسفية) لها عمقها و تاثيرها الساحر و المُعبّر …
و باستثناء (عادل عكلة) الذي اختط لنفسه طريقا جديدا و منهجا في طريقة الاداء … لكن للاسف لم يجد الدعم المادي و المعنوي و كذا الحال بالنسبة الى ثنائي (وحيد ومي اكرم) و كان بالامكان السير على منهجهما مع التشديد على اختيار الكلمات الهادفة … و لكن توقفت عجلة الحياة الفنية في العراق بسبب الظروف التي مرّ بها .
لهذا يمكننا القول ان الراحل (بدر شاكر السياب) يستحق ادراجه ضمن اصحاب المعلقات لما قام به من حداثة في الشعر ستظل قائمة لما أتى به من تجديد …
ان مطربينا القدماء اعتادوا على محاكاة الذوق العاطفي و الهموم الغرامية فحسب و نسوا رسالتهم الحقيقية .. و مع ذلك انهم معذورون لانهم لم يصلوا بالوعي و الادراك السياسي المطلوب … و لهذا فهم جميعا الى زوال باستثناء الفنان العبقري (عزيز علي) و الذي سيبقى ماثلا في اذهاننا و عالقا في ضمائرنا و خالدا فينا الى ما شاء الله و ستهتز تحت ايقاعاته عروش الظلمة … و يؤسفني ان رسالة جميع الفنانين باستثناء القليل و القليل و النادر جدا كانت قد انصبت على الانصياع لخدمة تطلعات القادة المرضى لتثبيت زعاماتهم و للانشاد لهم و التغني بامجادهم الفارغة مقابل  فتات من العطايا .. و كذا الحال بهدف التماشي مع العواطف التي تلهب قلوب العاشقين و المتيمين بالحب الغادر …و لم نجد من اضطلع باداء رسالته على الوجه الاكمل في معالجة وضع او إرساء نموذج يحتذى به .
نأتي اليوم على الفنان المصري (شعبان عبد الرحيم) و كيف نراه و قد وضع خارطة طريق في غنائه الهادف و الذي أسر عقول و قلوب المصريين و جميع الشرفاء في العالم … و لهذا يحق لنا القول ان الفنان العراقي الراحل عزيز علي … يُبعث في مصر من جديد …
كما نتساءل حينما يكون الفنان شعبان عبد الرحيم نموذجا حياً في مصر .. فهل أدى الفنانون العراقيون رسالتهم ؟ ان شعبان عبد الرحيم يرسم الصورة الحقيقية للواقع المُعاش و يحارب التصنع و التملق و الانحطاط و الظلم و يشد على ايدي الجماهير للنهوض ضد السياسيين الفاشلين و الاطاحة بالرؤوس العفنة .. فما أجرأه و ما أعظم رسالته الفنية …
ان الدور المناط على عاتق الفنانين العراقيين هو دور كبير و عليهم الخروج من التشرنق المعهود و الذي ساروا عليه لسنوات كثيرة خلت .. و ما كان ألاّ للهو و الطرب و مضيعة الوقت و اجترار العواطف و إلهابها (و هذا خسارة كبيرة في الحسابات العملية).
عليهم الان مسؤولية كبيرة في النهوض برسالتهم و المشاركة في تغيير الواقع المزري .. لنجد بصماتهم على مسرح الاحداث فان لهم دورا كبيرا و مؤثر في نفوس الجميع …
اننا و للاسف لم نجد لهم دورا فاعلا في المشهد العراقي و هذا دليلا على قصور ادائهم و عدم معرفتهم بالدور الحقيقي الملقى على عاتقهم ..
ان المقياس الصحيح للاداء الجيد للفن لن يقتصر على صفاء الحنجرة و رقة الصوت و جودة اللحن فحسب … انما المهم في ذلك هو الاختيار الامثل للكلمات .. و لم نجد فنانا أجاد في اختيار الكلمات في مجال الاصطراع مع الظلم و البغي و التخلف و الجهل .. بل لم يقدموا اغنية واحدة باستثناء المونولوجست عزيز علي !!!
عليهم الان مسؤولية كبيرة في محاربة الجهل و التخلف و الظلم من خلال فنهم و من اجل ان يقف العراق على قدميه … و ليكن شرفاء الفنانين في الطليعة …