مع بدء عمليات الفلوجة اختارت فرق الاعلام الحربي الرسمية والجماهيرية هاشتاك بعنوان (الفلوجة تتحرر) وهو شعار جميل ويحمل في طياته مشاعر وطنية تعبر عن الوحدة الحقيقية التي يضمرها كل مقاتل يستعد ان يضحي بنفسه وهي اقصى وارقى واثمن تضحية في سبيل تخليص الفلوجة وأهلها من براثن الدواعش الانذال .إلا انني وبخلاف ذلك اخترت هاشتاك خاص بي قد لا يعجب الكثيرين وخصوصاً دعاة الوحدة الوطنية إلا انه يعكس واقع العمليات العسكرية الجارية على قدم وساق لتحرير الأراضي العراقية من دنس الفواحش الدواعش، هاشتاكي كان شعاره (الفلوجة تتطهر) وهو أقرب للواقع وللحدث وارهاصاته ومجرياته طوال الأعوام السابقة .فالحقيقة ان الفلوجة كانت ولا تزال وربما ستظل قاعدة آمنة لكل بعثي ووهابي معارض للتغير الذي حصل في 2003 ، ولذلك كانت الفلوجة مصدراً رئيسياً للارهاب وماوئ آمن للارهابيين على مدى ثلاثة عشر عاماً بداية من اولى التنظيمات الإجرامية ككتائب ثورة العشرين وتنظيم القاعدة في العراق ووصولا الى داعش ، العمليات الإرهابية الأشد عنفا ووحشية وقسوة التي تعرضت لها عناصر الأجهزة الامنية والمدنيين كانت فلوجية التنفيذ ، الخطاب السلفي التكفيري الاكثر كراهية وتحريضا كان مصدره مآذن جوامع ومساجد الفلوجة. والفلوجة كانت على الدوام عصية على الدولة العراقية ليست لبسالة خفافيشها الارهابية وإنما لأن قادة وزمر الارهاب فيها قادرة على التخفي بسهولة بمجرد وضعها للزي الديني او العشائري او العسكري على الرؤوس فتصبح شيوخ للدين وللعشائر وقيادات للاجهزة الامنية فيها او ان ترتدي البدلة الرسمية ليصبح قادتها مسؤولي في البرلمان او الوزارة او من حماياتها على اقل تقدير .الفلوجة تمردت حتى أصبحت اقليما خارج سلطة الدولة ومعقلا لكل أعداءها واعداء الشعب ، لذلك كانت على الدوام بؤرة للقتل والتخريب والدمار لكل ابناء الشعب العراقي ، وربما لا يعلم الكثير ان علم دولة صدام والبعث هو الذي لا يزال يرفرف على سطوح بناياتها الحكومية طوال السنوات السابقة. تأخير تحرير الفلوجة تأخر كثيرا لانه كان على الدوام خاضعا لضغوط دولية وإقليمية ، بالإضافة الى التهديد بالانسحاب من العملية السياسية من قبل القوى السنية وكتلها البرلمانية ، واذا كان الموقف الأمريكي والخليجي الرافض لتحرير الفلوجة واضح الاسباب والنوايا والأهداف فإن غير المفهوم والمحير هو الإذعان والاستكانة من قبل مسؤولي الحكومات المتعاقبة على التجاوب والتناغم مع هذه الرغبات .مشاهد القتل والارهاب والتمثيل بعناصر القوات الامنية العراقية لم تكن له بداية ولا نهاية الا اننا نقتطف بعض مشاهدها التي تركت مرارة وحسرة في قلب كل عراقي غيور ، واولى تلك الجرائم البشعة هي عملية القتل والتمثيل الوحشي بجثث الشباب الاربعة في الفرقة الذهبية ، وكذلك صورة الجندي الكردي الشهيد سمير مراد الذي تم ذبحه من قبل شيوخ العشائر في الفلوجة ابتهاجاً بانعقاد مؤتمرهم الاول في ظل حكومةالخلافة الداعشية ، او مصطفى العذاري الشاب الذي طاف به شذاذ الآفاق في شوارع الفلوجة التي خرج شيوخها ونسائها وشبابها واطفالها الدواعش للرقص والهتاف ضد الأسير مصطفى ولم يكتفوا بذلك الاستعراض ليتم تعليقه على جسورها مشنوقا لأيام وجسده الطاهر يتعرض لرشقات من الحجارة والضحكات من دواعش الفلوجة الأبرياء. ثلاثة عشر عام والفلوجة تحتضن الارهابيين فتقدم لهم الطعام والمأوى ولم يتورعوا حتى عن تقديم بناتهم قربانا للدواعش الاسيويين والافارقة والاوربيين والأمريكيين وغيرهم من حثالاث الوهابيين، الاجيال التي أنتجتها هذه العلاقة الهجينة غير الشرعية بالتأكيد لا تحتاج إلى تحرير للمدينة من مظاهر الدواعش وغيرهم من الارهابيين وإنما تتطلب تطهير المدينة وعقول وقلوب أهلها المتطرفين والمتورطين في قتل العراقيين ، وإعادة فرمتة عقولهم الملوثة بالفكر المتطرف العنيف ليعاد دمجهم مرة أخرى في صفوف المجتمع العراقي ويتطلب كذلك الإنتباه والتصدي لمحاولة اخفاء المجرمين او محاولة الانكماش والسبات المؤقت للعودة ربما ليس بعد وقت طويل لممارسة هواياتهم الحيوانية الوحشية ضد العراق والعراقيين ، والآن الا تتفقون معي بأن العملية يجب ان لا تكتفي بالتحرير وانما تستوجب الاستئصال والتطهير .. أظن ذلك..