على الرغم من بلوغ القوات الأمنية والحشد الشعبي مفاصل مهمة وحيوية في تحرير معظم المناطق التي سيطرت عليها عصابات داعش الإرهابية بعد أحداث حزيران 2014 لاسيما ضمن حدود محافظة الانبار التي تتميز باتساع مساحتها وتباعد مدنها فأن مدينة الفلوجة لا تزال تشكل خطراً كبيراً على الانجازات العسكرية المتحققة كونها البؤرة الرئيسة لتلك العصابات ومركزاً مهماً لها إذ يتركز فيها التواجد العسكري للتنظيم ومخازن الأسلحة والمواد التي تستخدم في التفجير والتفخيخ إضافة الى المنظومات الخاصة بالاعلام والاتصالات التي يعتمد عليها التنظيم في تسويق نفسه.
جغرافياً تكتسب الفلوجة أهمية كبيرة إذ أن قربها الى العاصمة بغداد والذي لايزيد عن 50 كيلومتراً باتجاه الغرب يعطيها هذه الأهمية التي جعلت داعش يتخذ منها مقراً رئيساً لقواته ، بل أنه جمع فيها خيرة مقاتليه سواء كانوا من العراقيين أم الأجانب على الرغم من أن هذا التنظيم الإجرامي لازال حتى هذه اللحظة يسيطر على مناطق متعددة من البلاد أهمها مدينة الموصل والشرقاط والحويجة وبشير والرياض وبعض مناطق الانبار لكنه يعد تمسكه بالفلوجة وسيطرته عليها عاملاً مهماً له يفيد بالضغط على القوات الحكومية وبالتالي السعي للإنطلاق نحو العاصمة بغداد على اعتبار أن الفلوجة المتحصنة عسكرياً من قبل داعش لاتفصلها مسافة بعيدة عن بغداد وأن أي خرق في بغداد سيكون تأثيره سلبياً سواء على الحكومة العراقية أم على مستوى القوات الأمنية والشارع العراقي أيضاً.
عسكرياً لاتزال القوات الحكومية تواصل ضغطها على الفلوجة التي يتحصن فيها أبرز مقاتلي التنظيم الذين أتخدوا من العوائل الموجودة في المدينة دروعاً بشرية تحميهم من القصف الجوي المركز سواء للطيران الحربي العراقي أم لطيران التحالف لكن أسلوب الاحتماء بالمدنيين لابد وأن ينتهي في لحظة ما خاصة بعد أن نجحت القوات الحكومية التي باتت تفرض طوقاً محكماً على الفلوجة في توفير ممرات آمنة لخروج تلك العوائل التي بات التنظيم يقاضيها بطلب مبالغ مالية كبيرة للخروج من الفلوجة مما يزيد من نقمة المدنيين عليه حتى وأن كانوا معه يوماً ما.
المعطيات الميدانية تفيد أن القوات الحكومية نجحت في توجيه ضربات موجعة لعناصر التنظيم الموجودين في الفلوجة مما جعله يفقد الكثير من خيرة مقاتليه إضافة الى ذلك النجاح الكبير في قطع خطوط الإمداد التي تمول مقاتلي داعش المتحصنين داخل المدينة .
ووفق هذه المعطيات فأن تحرير الفلوجة أصبح قاب قوسين أو أدنى لكن العائق الوحيد أمام قرار تحريرها هو وجود العوائل فيها والتي لا تزال ممنوعة من الخروج من قبل داعش الذي بات في وضع لا يحسد عليه بعد أن فقد خيرة مقاتليه وخسر الكثير من الأسلحة والمعدات التي وقعت بأيدي القوات الأمنية إضافة الى السيطرة على عدد كبير من ورش التفخيخ ومخابئ الأسلحة وأماكن تصنيع العبوات الناسفة هذا بالإضافة الى إنضمام الكثير من عشائر الانبار والفلوجة على وجه الخصوص الى القوات الحكومية وتشكيل مجاميع مسلحة باسم الحشد العشائري للمشاركة في مقاتلة تنظيم داعش الإرهابي.
لذلك فأن تحرير الفلوجة من تلك العصابات الإجرامية سيجعل العاصمة بغداد أكثر أمناً واستقراراً مثلما يعطي القوات الأمنية والحشد الشعبي زخماً قوياً في التوجه نحو تحرير المناطق الأخرى ومنها مدينة الموصل وباقي الأجزاء المحتلة من محافظة الانبار ذاتها وكذلك المناطق التي لا تزال تحت قبضة التنظيم في محافظتي صلاح الدين وكركوك كما هو حال الشرقاط والحويجة والاخيرة تعد أيضاً معقلاً من معاقله المهمة لكنها أقل من حيث الأهمية عن مدينة الفلوجة التي إذا ما تم تحريرها فأن ذلك سيعني أن هيبة داعش قد انكسرت كلياً وأن الإرهاب قد ولى و لامجال للعودة الى الوراء