ربما تنزلق إلى يوم الحريق بالجملة ، وعند أول ناصية خطر ، وأول إشارة مرور إلى الجحيم , صورة ( الفلوجة ) الجديدة ما بعد التحرير في عين الكاميرا ـ تبدو مدينة ( تحترق ) ولا يكاد يمر يوم واحد دون تفجير وحريق كبير ، اليوم بدأت التفجيرات تعود من جديد إلى ( الفلوجة ) وكأن الفلوجة اليوم تحترق من الجنوب للشمال ومن الشرق للغرب ، حرائق هائلة وتفجيرات متوالية لسلسلة من الإعمال الإجرامية التي تنطلق يوميا في مناطق كبرى ( الفلوجة ) كانت وما زالت يلقبها الأحباب مدينة (المساجد )
واحترقت مدينة العز والكرامة والشهامة والكرم في مناطق مختلفة ـ لعشرات الشوارع والمنازل والأبنية ، ولا أحد يصدق الأسباب المعلنة من السلطات السياسية ومن عينة انفجار ومن أية جهة ، أو عود ثقاب ألقى به عاطل على العمل ، فلا أحد يصدق أن مصادفات صغيرة تنتهي إلى حرائق كبيرة ، وبأحجام دمار مفزعة ، وغموض وتضارب في الأقوال ، وحرائق تستمر لساعات طويلة ، وأحيانا لأيام ، وتشل مظاهر الحياة في الرمادي تماما ، ثم أن الحرائق موصولة ، وبوتيرة متصارعة ، وقبل شهور كانت التفجيرات تضرب مواقع حكومية , ومن بعده اليوم أصبحت التفجيرات تضرب المواطن نفسه ، ثم عشرات التفجيرات والحرائق الكبرى من بعد ومن قبل ، وكأن هناك يدا خفية تنتقل باللهب والتفجير ، ولأسباب لا تبدو مقنعة ، وحتى لو كانت أسبابا حقيقية وواردة الاحتمال ، لكن لا أحد يصدق ، وكيف يصدق أحد دولة تحترق بالعجز، وسوس الفساد ينخر في عظامها البالية ، وتدني الكفاءة وانحطاط الأداء يبدو ظاهرا في قلب الصورة ، وزوال الجهاز المدني والبيروقراطي يبدو جليا ، فقد ظهرت أجهزة الأمن , عاجزة عن إطفاء نار التفجيرات في ( الفلوجة )
الحبيبة رغم أن تدخل نار الحرائق والتفجيرات من أحكام العادة المستجدة في العراق الجديد ، وكأننا بصدد حرب تشتعل لأسباب طائفية عرقية ، وظهر الأداء الحكومي غاية في التواضع ، وظل الناس يتندرون ، ويطلقون النكات أيام حريق الشوارع ، وهم يرون المواطنين تحوم كطفل تائه ، وتلقي بمخزون اللوم على الساسة في هذه المحافظة العنيد ثم كان استدعاء الجيش في الحفاظ على الأمن اليوم في محافظات العراق بلا بديل ، فقد بدا حريق تفجيرات الفلوجة المهول كأنه يد النار في طريقها لالتهام مدينة ، وبدت قصة العاطل وعود ثقابه كأنها الإشارة الرمزية لحرائق تأتي ، وأيقظت في الذاكرة وقائع حرائق ( الفلوجة ) ودون إن يعرف أحد أسبابه إلى الآن , وتحول إلى موضوع بحث تاريخي مسكون بالألغاز والروايات المتضاربة ..