23 ديسمبر، 2024 6:06 ص

ذكرت سابقا بأنه في الوقت الذي أدعى فيه الأمريكان ان تحرير الأنبار ليس
وشيكا ، حرر العراقيون الأنبار .
كذلك الحال بالنسبة للفلوجة ، ففي الوقت الذي اعتبرها الجميع عصية على التحرير وبالذات الأمريكان بحكم تجربتهم السابقة في الفلوجة ، وفي الوقت الذي تم فيه لوقت طويل تعزيز وجود داعش ودعمه من قبل كل الأجندات الخارجية وكل رموز المشاريع الأجنبية لدينا بكل مقتضيات بقائه على خاصرة بغداد ، تم تحرير الفلوجة . . وعوت الكلاب السائبة وبنات آوى التي أوجعها وأمض فيها هذا التحرير وخلط عليها أوراق لعبتها وكشف وهتك عورتها ، وسنحتاج لبعض الوقت لكي يتشتت عواءها وتخف وطأته .
مهما قيل ، ومهما سيقال من عواء وطنين فهذا نصر عراقي مؤزر . فالفلوجة تحررت ، ان كلها ، وأن نصفها ، وأن 30% كما يحلو للبعض ان يطبلوا ويواسوا أنفسهم ، فهذا ليس بذي أهمية بقدر أهمية الفعل العراقي ، وأبعاد الفعل العراقي الخارج من دياجير الأحباط وعتمة الفشل ، هذا نصر عراقي قد قلب التوازنات وأعاد رسم الحسابات بشكلها المطلوب ، فلم تعد الحسابات والمعادلات التي تحققت جغرافيا مهمة بقدر أهمية الأعتبارات والأنجازات التي تحققت فوق الأرض عراقيا وعربيا ودوليا ، فالأنتصارات المتتابعة تبدأ هكذا ب (( جدحه )) ، بكلمة ، بعود ثقاب صغير ينير جزء من البصيرة أو كل البصيرة ، اذ سيصبح بعدها الأنجاز الميداني والجغرافي حاصل تحصيل ومجرد مسألة وقت . انها اعتبارات اعادة (( الوعي )) واعادة (( الروح )) العراقية المستلبة واسترجاع العزيمة والأقدام العراقي الذي تم احباطه واستلابه فيما سبق .
كم ظهر عاريا ومثيرا للشفقة موقف ومنظر رموز داعش بمختلف مسمياتهم المنظوين تحت مايسمى ب (( العملية السياسية )) ، وهم يتحينون الفرصة المطمئنة الهادئة المناسبة ويخرجون بحذر وخوف شديد تحت حماية الجيوش لكي يتمكنون من الوصول الى (( فلوجتهم – قضيتهم )) التي يتحدثون عنها وعن (( مظلومية )) من يمثلونهم من خلال كفاحهم السديد في فنادق الخمسة نجوم وفي المواخير والبارات والملاهي في الخارج ، كم هم مثيرون للشفقة اذ يتوسلون الجنود لأيصالهم الى نقطة قريبة فقط للوقت الذي يستغرقه التقاط صورة تمكنه حين يعود الى مخابئه ومواخيره من أن يفتل عضلاته أمام الميكرفون ويظهر جهاده وبسالته المزعومة دفاعا عن ابناء طائفته ، وقد نسي هؤلاء السياسيين ان ابناء طوائفم الذين يدعون الدفاع عنهم قد تشردوا بين المحافظات والقرى والطرقات ، فهل تابع هذا الزعيم والسياسي السني ابناء طائفته خلال تشردهم ، وهل تابع هذا الزعيم والسياسي الشيعي ابناء طائفته اثناء تشردهم ، كذلك المسيحي ، كذلك اليزيدي ، كذلك كل السياسيين الذين يتاجرون بأسماء الطوائف والمذاهب والأديان .
أن تحرير الفلوجة هو النصر العراقي الأروع بكل المقاييس ، لابد من استثماره كما يجب لأجل عراق اليوم والغد .
انها (( غربلة )) لكل الأعتبارات ، واعادة رسم وتفصيل للمقاييس ، وهي (( غربلة وتصحيح )) للتاريخ القريب واعادة احتواء وتصحيح ورسم (( للتاريخ البعيد )) .
علينا كشعب أولا ، وكحكومة و(( عملية سياسية )) أن نعيد الحسابات جيدا ، ونستفيد من الدرس الذي صار (( يلقننا )) اياه أبناء الشعب العراقي الواحد ، سواء كانوا أبناء العشائر الأصيلة المعروفة (( التي تم تشخيصها )) في مناطق الغربية وليس عشائر (( اللملوم والتوابع والمنافع )) ، أبناء بغداد والسماوة والبصرة والحلة والنجف وكربلاء والعمارة والناصرية والكوت والديوانية ، المنظوين تحت لواء ومنظومة (( جيش العراق )) و(( قوة العراق )) بكل أصنافها من تشكيلات عسكرية الى تشكيلات وحشود شعبية . فقد آن الأوان للأصغاء لهم والأذعان لفعلهم الباسل الصادق بصدق الشهادة والدم والنار والتراب في كسر ظهر داعش ومن ينقاد خلفها أو يجر جرها ويرتبط معها بأنفاق وسراديب ممتدة من هناك الى المنطقة الخضراء والخليج العربي واسطنبول ولندن وغيرها .
[email protected]