جميل ان ينفتح أتحاد أدباء الديوانية في نشاطه الحالي على فضاءات معرفية وانسانية وابداعية مختلفة ومتنوعة ، فها هو يلج في امسية هذا الاسبوع التي استضاف فيها الباحث ” كامل داود ” حقلا من حقول انتاجنا الفكري ذلك هو حقل الفلكلور الذي يشمل الامثال الشعبية والكنايات والمأثورات الشعبية ولغة العوام ، هذا الحقل الذي ظل غائبا عن العديد من مؤسساتنا الثقافية بالرغم من جهود فلكلورية مبكرة قد ظهرت في العراق قدمها عدد من الاعلام أثروا مكتباتنا العراقية بمؤلفاتهم العديدة والمتنوعة ومن أبرزهم الأب انستاس الكرملي والشيخ محمد شكري الآلوسي ، أعقب ذلك جيل آخر من الباحثين لايقل عطاءا ومثابرة أمثال الشيخ جلال الحنفي في كتابه ” الامثال البغدادية ” وعبد الرزاق الحسني في كتابه ” الاغاني الشعبية ” الذي اصدره عام 1929 وعبود الشالجي في كتابه الذائع الصيت ” موسوعة الكنايات العامية ” وحسين علي الحاج حسن في ” جمهرة الامثال الفراتية ” وعبدالرحمن التكريتي في موسوعته ” جمهرة الامثال البغدادية ” وكذلك مساهمات عبد الحميد العلوجي واحمد حامد الصراف وغيرهم . ولم يكن هذا الاهتمام نابعا من ترف فكري بل هو وعي متقدم أدرك أهمية تسجيل التراث وحفظه مساهمة في دعم الهوية الوطنية العراقية .
وقد اختار ضيف الامسية موضوعة ( الالفاظ الفارسية في المثل الشعبي العراقي ) مشيرا الى تسلل العديد من الالفاظ الفارسية والتركية اليها بسبب المشتركات الجغرافية والدينية والمذهبية التي تجمع بيننا وبين هذه الدول اضافة الى التبادلات التجارية وغيرها من العلاقات التي اسهمت في انتشار المفردات الفارسية في لهجتنا العراقية وتحديدا في امثالنا الشعبية ، مشيراً ان الامثال تمثل تجارب الشعوب وخبراتها كما هي موقف اجتماعي مشترك وخزين ثقافي في الذاكرة الجمعية ، سرعان ماتثب الى الذاكرة فتلهج بها الألسن دون عناء في ايصال الفكرة وتعزيز القول . وأشار الباحث الاستاذ ” كامل داود ” ان امثال العراق تحمل مداليل البيئة العراقية المحلية ولايعني ذلك انغلاقها امام الاخر او ايصاد الابواب بوجه التجارب والقيم الوافدة والمتوافقة مع روح المجتمع العراقي . كما ذهب في سرد تاريخي لنشأت الأمثال مشيرا الى أهم المصنفات الكبيرة التي جمعتها وحققتها وبوبتها عدد من الاعلام ومن بينهم المفضل الضبي وابي عبيد القاسم بن سلام وابي هلال العسكري والميداني والزمخشري والابشيهي وغيرهم ، ثم استشهد بعدد من الامثال الشعبية العراقية ليدعم موضوعه بالشرح الوافي ومتوقفا عند المفردات الدخيلة والاجنبية الواردة في المثل منها ( باوع الجهرة واضرب الصطرة ) ( فوك درد الله ضربني ابميجنة ) ( العندة جفجير ماتحترك ايده ) هذا وقد كان للحوار الذي جرى في نهاية حديث الباحث اثرا في اغناء موضوع الجلسة