تعريفي للفلسفة والعقل
كوني سأؤكد في كتابي هذا كثيرا أن مبحث الوجود والميتافيزياء من مباحث الفلسفة بشكل أساسي، وليس من مباحث الدين، ولا من مباحث العلم، إلا بشكل جانبي، لا بد لي من وضع تعريف لما أعنيه بالفلسفة. ابتداءً أقول بكل تأكيد لست فيلسوفا بالمعنى الدقيق للفيلسوف بحسب المصطلح، لكن وبكل تأكيد لي فلسفتي في الحياة. لذا أردت أن أدرج هنا تعريفي الشخصي للفلسفة، بحسب فهمي، ليكون واضحا للقارئ، ما أعنيه بالفلسفة، كلما وردت المفردة ومشتقاتها في كتابي. كما يرد في الكتاب الكلام كثيرا عن العقل، لذا فيتبع تعريفي للفلسفة التي أعنيها في هذا الكتاب ما أعني بالعقل.
الفلسفة: هي رؤية المتفلسف، ولا أقول الفيلسوف، وطريقة فهمه وتفسيره للحياة والكون والوجود والفكر، عبر المزاوجة بين عناصر الثوابت العقلية للمنطق والرياضيات من جهة، والتأملات العقلية الذاتية المتغيرة لنفس المتفلسف من جهة أخرى، وهي بالتالي حركة فكرية وسياحة تأملية بين الثابت من رياضيات، ومتحرك من فلسفة، ومن منطق يمثل الجسر ما بين الثابت والمتحرك، وبالتالي هي مزاوجة بين ثابت الحقائق المطلقة ومتحرك الحقائق النسبية. أما حسب تعريف الفلسفة المعتمد من قبل الويكيپيديا (باللغة الألمانية وبترجمتي، فهي وككلمة إغريقية تعني – لغة – وبالمعنى الحرفي (حب الحكمة)، ومهمتها محاولة فهم وتفسير العالم والوجود الإنساني. والفلسفة تختلف عن سائر العلوم بكونها لا تختص بميدان معين أو منهجية محددة، وإنما تمتاز بخصوصيتها الناتجة عن طبيعتها المتسائلة، وطريقتها الخاصة في تعاطيها مع مختلف القضايا على تنوع ميادينها. والميادين التي تشكل نواة الفلسفة هي المنطق (بوصفه العلم المعني بالتفكير الصحيح من حيث الاستنتاج)، والأخلاق (بوصفها العلم المعني بالسلوك الحقاني)، والميتافيزياء (بوصفها العلم المعني بالعلل الأولى للوجود وللحقيقة).
العقل: المقصود بالعقل أو (العقل الفلسفي)، هو ليس عقل هذا أو ذاك الإنسان، أي قابليته الذهنية على الإدراك، والاستدلال، وفحص الأدلة، وملكته الذاتية في استخدام القواعد العقلية، ولا ذلك الجهاز العضوي العجيب في داخل جمجمة كل منا، بل أعني بالعقل (العقليات)، كمنظومة للقواعد والأسس العقلية، بقطع النظر عن ملكة استخدامها من قبل الأفراد، ومدى إصابة أي منهم للصواب، أو وقوعه في الخطأ، تماما كما نتحدث عن (الرياضيات) التي تبقى صحيحة في ذاتها، حتى مع فرض خطأ استخدامها، أو عدم توفر البعض على ملكة استخدامها.