هناك مسافة بين ما يتم عمله وما يجب عمله وهذه المسافة تمثل طموح الانسان ورغبته في الوصول للكمال ، وهي ليست ثابتة بل متطورة ومتغيرة تتفاعل مع كل عنصر حسب منجزاته وتطلعاته وامكانياته وتقنياته .
ان المجالات التربوية التي تنضج فيها بشدة هذه الظاهرة وهي ان ما يجب عمله هو المنهج وما يمكن عمله هو التطبيق العملي للمنهج ، كلما ضاقت المسافة بين المنهج والتطبيق كلما كان الاداء متميزاً والانجاز رائعاً من خلال تحقيق اهداف المنهاج وفي حالة اتساع هذه المسافة فان الواقع العملي التطبيقي يكون متدنياً بشدة وذلك بسبب احتمالات كثيرة منها المبالغة المثالية في الهدف ( ربط المنهج بالادب والفنون اثناء تطبيق الحصة ) ويدرك العاملون بمجال التربية والتعليم من خلال تناولهم لتطبيق المناهج المعتمدة لهم ان هناك الكثير من المشكلات التي تعترض
التطبيق العملي المناسب لهذه المناهج لذلك يحتاج هذا الوضع الى تحليل علمي مناسب يتناول كل المفردات بشمول ولا يترك ايا منها بدون بحث وتحليل لان هذا التناول والحل الامثل المؤدي الى التطور الايجابي في المناهج هو الذي يقلل المسافة بين النظرية والتطبيق .
وتشكل الفلسفة التربوية اساساً هاماً من اسس بناء المنهج في المؤسسات التربوية والتعليمية ذلك لانها تعتمد على البحث والنقض والتحليل والتأمل في القيم والمعاني والخبرات والمهارات التي يجب ان تصوغها الاهداف ويشتمل عليها المحتوى فتساعدنا على الاختيار المنطقي والانسب للمواد والانشطة والبرامج في ضوء الاختبارات التربوية التي تقدم الاتجاه الملائم للمنهج تصحيحاً وتنفيذا وتقويماً .
وحيث ان الفلسفة في تعريف فينكس Phenix ( ليست مجموعة من المعارف ولا تؤدي دراستها الى تجميع عدد من الحقائق) وهي ايضا ليست طريقة من طرق الحصول على المعرفة او طريقة من طرق البحث . بل هي طريقة من طرق المنظومة للمعرفة التي لدينا فعلا وهي تتضمن تنظيم وتفسير وتوضيح ما هو موجود بالفعل في ميدان المعرفة والخبرة تعمل كمادة تتضمنه العلوم والفنون المختلفة والدين والادب من معارف تستعمل المفاهيم العامة والعادية .
والفلسفة لا تهتم بالجزئيات من الحقائق العلمية والتربوية ، ولكنها تعبر عن الطرق الخاصة التي تنظم لهذه الحقائق بحيث تضفى عليها المعنى وتبرر وجودها وتطبيقها في الحقل التربوي .. لذلك فلكل فلسفة دور هام في اضفاء المعنى على النشاط الانساني وحث المناهج على تقديم ألوان من الانشطة والخبرات وفلسفة المنهج في المؤسسات التربوية عليها ان تتبنى احدث الاتجاهات والتيارات التربوية المعاصرة ، والتي تثبت مداها بسائر الانشطة والمواد التعليمية وترك الاشكال القديمة والانشطة وطرائق التدريس العقيمة والتي ثبت عدم جدواها فمن التقدم والارتقاء ان
نحاول جاهدين اللحاق بالتيارات المعاصرة من التربية والتعليم .
وهناك العديد من الاسس الفلسفية للمنهج بالامكان الاطلاع عليها للاستفادة منها في تطوير المناهج التعليمية والتربوية ومنها:
1- الفلسفة الازالية : وهي ترى ان الحقيقة مطلقة وتثق بالعقل وتتصور على انه قادر على فهم العالم وحده .
2- الفلسفة المثالية : هي مطلقة وموجودة في عالم المثل وان الانسان يتكون من عقل وبدن ولكن العقل اهم من البدن .
3- الفلسفة الواقعية : تقول ان العالم موجود حقيقة وهناك قوانين طبيعية تحكم سلوك الفرد فالواقع هو الاساس في كل شيء وليس العقل والروح .
4- الفلسفةالبرجماتية: وهي تقول ان العالم سيء وحقائقه ليست مطلقة وهو في تغير مستمر فالانسان متكامل من جسم وعقل ومشاعر والمجتمع دينامي دائم التغير .
5- الفلسفة الوجودية : وهي تقول ان وجود الانسان سبق ماهيته لذا فان عليه ان يعمل على ايجاد هذه الماهية بنفسه وان تتوفر له الحرية التامة .
6- الفلسفة الاسلامية : وهي ديننا الحنيف وهي تقوم على ان الله سبحانة وتعالى هو خالق الكون وما في الكون لاجل عبادته وهو الذي يصرف اموره بدقة متناهية .