18 ديسمبر، 2024 5:07 م

الفكر الصدري/ الكون ومفهوم “الإستهداف”…

الفكر الصدري/ الكون ومفهوم “الإستهداف”…

“أن معنى الاستهداف هو اختيار الطريق الأفضل للوصول إلى ذلك الهدف، وأي أسلوب كان هو المعين وجوده في الكون ، دون غيره، سواء كان هو الديالكتيك أو النظرية النسبية ، أو غيرها”[1]
هذا ما كتبه الصدر، عن القوانين التي تدير الكون. ويبدو ان “الإستهداف” قريب الى مفهوم المفاضلة (optimization) . أي إن العقل الكوني يسير بالطرق المثلى لتحقيق المشروع الإلهي.
واعتقد أن ما كتبه الصدر وقاله، هو أهم ما قدمه العقل البشري، حتى الآن. لإن الصدر قد قدم منظومة فكرية متكاملة عن الواقع الكوني والبشري.
ويمكن تقريب فكرة ادارة الكون، او ماهية القوانين التي تديره، بافتراض إحتمالين، كالتالي:
1️⃣ الإحتمال الأول: أن الكون يسير حسب تصورات البشر، وهي “قد تكون هي القوانين الكيماوية – الفيزياوية بوجودها الساذج أو بتصورها البسيط . وقد تكون هي النظرية النسبية وقد تكون هي الديالكتيك الماركسي ، وقد تكون هي نظرية المجال الموحد”[1].
2️⃣ الإحتمال الثاني: أن الكون يتحرك لتنفيذ مهمته، كما هو يسير في الواقع، بالطرق المثلى لتحقيق المشروع الإلهي.
أي لا يخضع لتصوراتنا ونظرياتنا المادية.
▪️واعتقد أن الشهيد السيد محمد الصدر، قد قدم للقاريء، إجابات مفصلة عن هذا الموضوع.
وأعتقد أن ما كتبه الصدر عن مبدأ “الإستهداف” وقانون ادارة الكون، قد لا يجده القاريء اللبيب في الفكر المادي ومنشوراته، ولا عند علماء الدين و كتبهم.
▪️ويمكن تقريب الفكرة، حسب فهمي المحدود، لكلام الصدر، في كتاب “اليوم الموعود” بمقدمات او نقاط. وأهم تلك النقاط هي كالتالي:
1️⃣ إن النظريات هي تصورات، تتناسب مع قدراتنا العقلية، المحدودة. وفيه تفصيل.
2️⃣ إن عمر صاحب النظرية، أقصر من عمر الكون. أي لا يمكن للعالم وضع تصور للكون، الا خلال مدة عمره، ليس الا.
▪️ويمكن ان يقال، ان النظريات البشرية متراكمة، والتصور كان خلال عدة أجيال.
الا ان هذا التصور، مهما طال عمره، يبقى قاصرا عن استيعاب عمر الكون. بل ان عمر البشرية عموما اقل من عمر الكون.
3️⃣ إن فهم مسيرة الكون، يتطلب معرفة “الهدف” من وجود الكون. وهذا متعذر لأغلب أصحاب النظريات المادية.
4️⃣ أن الكون، يسير بشكل قسري نحو تكامل لا متناهي. الا أن سيره يتناغم (يتساوق) مع تطور البشرية، بإعتبارها جزء من الكون.
وهذا يعني الى حد ما مفهوم “جناح الفراشة”[2]
5️⃣ أن الكون، يسير بشكل قسري ، الا أن مساره ليس جامدا، كسكة الحديد، بل هو متحرك وفقا لما تقرره “المشيئة الإلهية”[3].
وللحديث بقية.

▪️▪️الهوامش▪️▪️
[1] المصدر: محمد الصدر/ موسوعة الامام المهدي//ج4/اليوم الموعود/ هيئة التراث/ص520 وجاء ما نصه:
ان استهداف تلك النتائج العليا يكون بالأسلوب الذي تتخذه تلك القوانين
وهذه القوانين قد تكون هي القوانين الكيماوية – الفيزياوية بوجودها الساذج أو بتصورها البسيط . وقد تكون هي النظرية النسبية وقد تكون هي الديالكتيك الماركسي ، وقد تكون هي نظرية المجال الموحد ، وقد تكون أمراً آخر . ان مجرد الاستهداف لا يعين واحداً منها ، بل يعمل في حدود ما هو الموجود .
هذا ، ولكن الصحيح اننا تارة تنظر إلى الاستهداف بصفته واقعاً وكونياً مخططاً من قبل الخالق الحكيم. وأخرى ننظر إلى مقدار معرفتنا بذلك . فإن نظرنا إلى الواقع ، لزمنا أن نكرر ما قلناه من أن معنى الاستهداف هو اختيار الطريق الأفضل للوصول إلى ذلك الهدف، وأي أسلوب كان هو المعين وجوده في الكون ، دون غيره، سواء كان هو الديالكتيك أو النظرية النسبية ، أو غيرها ، ويرجح تعيين الأفضل إلى الخالق الحكيم نفسه . إذن ، فالاستهداف يعين القانون في الواقع، لا انه يجري في ضمن حدود القانون . واما طبقاً لما قلناه من إنكار وجود القوانين الكونية ، فالأمر أوضح ، كما هو واضح لمن يفكر . وإن نحن نظرنا إلى معرفتنا بالاستهداف ، فإن كنا جاهلين بالأسلوب الأفضل له، وكانت كل هذه القوانين التي عددناها على حد سواء في احتمال انطباقها على الكون ، … إذن ، تكون عاجزين عن تعيين واحد منها بالنسبة إلى الاستهداف . وهنا يصح هذا التعبير : ان الاستهداف لا يعين قانوناً كونياً معيناً ، يعني في حدود معرفتنا . وإن كنا عالمين بالأسلوب الأفضل من هذه الأساليب أو غيرها ، فنستطيع أن نجزم أنه هو المتعين ، في الاستهداف الكوني العام، وأيضاً ، لو كنا عالمين بعدم صلاحية بعض الأساليب أو القوانين للاستهداف ، تستطيع أن نجزم بعدم وجوده وعدم سريانه في الكون ، كما استطعنا البرهنة عليه بالنسبة إلى قانون الديالكتيك في القسم الثاني من هذا الكتاب.
وهذا الذي قلناه في التخطيط الكوني، منطبق تماماً على جزئه ، وهو التخطيط العام لتكامل البشرية .
ويمكن للقاريء الكريم الرجوع لكتاب “اليوم الموعود” او تحميله على الرابط ادناه:

https://t.me/sadr_ideas_nadhim/90

[2] يشير هذا المصطلح “تأثير اجنحة الفراشة” إلى أن الحركة الصغيرة في الكون، تؤثر. او أي تغيير جزئي، يغير في الحالة الأولى لنظام متحرك ديناميكي، وقد ينتج عن ذلك التغيير الجزئي، في المدى البعيد، فروقات كبيرة في تصرفات وسلوكيات هذا النظام العام (الكون).
[3] قد يبدو غريبا للقارىء اللبيبب، ما يطرحه الفكر الصدري، بسبب هيمنة المشهور او الفكر التقليدي، على العقل الجمعي. الا ان طرح هذه الاسئلة، قد يكون مقدمة لفهم جديد أوسع.
على سبيل المثال:
▪️هل الكون مخلوق حي؟
▪️ هل الكون له عقل؟
▪️ هل الكون له تكليف؟
ويمكن التمعن بالآيات التالية، ذات العلاقة:
1️⃣ وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (الرعد15)
2️⃣وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (النحل49)
3️⃣أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ ۖ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ ۗ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (الحج18)
4️⃣وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ (الرحمن6)

▪️ كذلك تحدث الشهيد الصدر عن شيخوخة الكون. انظر الرابط؛