7 أبريل، 2024 2:15 ص
Search
Close this search box.

الفكر الصدري/ العلاقات الاجتماعية…

Facebook
Twitter
LinkedIn

“مو تكول (تقول) كون أسلم على واحد كشخة (أناقة)، اما الفقير، والمتدني، فلا أسلم عليه. إذن أنت خارج من رحمة الله”…

هذا ما قاله الشهيد الصدر في الجمعة 19، ولا يخفى على القارئ اللبيب، تأثير هذا القول في نفوس الآلاف من اتباعه، وبالتالي على المجتمع.

أي حصول ذلك الأثر الأخلاقي والإنساني، بعد هذا التثقيف والإرشاد الصدري. وقد كان الصدر يخطب في مسجد الكوفة، منفعلاً، ومستنكراً، للنفاق الاجتماعي، فأوصى المصلين، كالتالي:

“وأن تُسلّمْ على من تلقى- كائناً من كان – مو مثل ذلك الي يگول: (ما أملطخ شواربي من دم الأرنب).. لا، تواضع له، وسَلّم عليه قربة للعزيز الحكيم …

مو تگول إنّه كون اُسلّم على فد واحد (كشخة)، أما الفقير والمتدني لا اُسلّم عليه. إذن أنت خارج من رحمة الله، وداخل في غضب الله”[1].

ويمكن أن نفهم طبيعة الخطاب الصدري، بعدد من المستويات، أهمها كالتالي:

1️⃣ إن الخطاب الصدري دفاعي، أي يدفع الحرب الأخلاقية، التي شنها الديكتاتور وحزبه، تجاه القيم الأخلاقية.

فقد كانت سياسة صدام طبقية. أي سياسة تفريق الشعب وتقسيمه إلى طبقات، ومراتب، وعناوين متفرقة. لأجل السيطرة، والتحكم. وهذا له تأثيره السلبي على المجتمع وانسجامه.

2️⃣ إن الخطاب الصدري هجومي، أي أن الصدر استخدم اسلوب الدفاع بواسطة الهجوم، فقد هاجم بشجاعة وصراحة الرئيس وحزبه. حين قال:

“الخمر قبحها الله ولعن كل شاربيها على وجه الأرض كائناً من كان”..

فماذا كان يقصد الصدر بعبارة “كل شاربيها”…؟

وماذا كان يقصد الصدر بقوله “كائنا من كان”…؟

ولم يكن خافياً على أي مواطن عراقي، أن الديكتاتور، كان يقيم حفلات شرب ليلية. فيكون هو المقصود، بالتبادر الذهني، من كلام الصدر. أي ان الصدر قد وجه الأتهام لأعلى سلطة.

بل أن الحزب (البعث) والثورة، حينها، كان همهما الأول والاخير، هو إيصال الخمور إلى مناطق العراق كافة، وحتى المدن المقدسة، وقد نجحوا فعلاً.

3️⃣ الصدر، سد الفراغ الثقافي، فضلاً عن الشرعي. فقد وضع يده على الحاجات الفكرية والأخلاقية، التي يعاني منها الإنسان، المحتاج للهداية والتكامل.

فعلى سبيل المثال، موضوع الصداقة، أو العلاقات مع الآخرين. لم يتركه الصدر، بل وضع له الأسس. فقال:

“إنَّ الصداقة على أساس الإيمان والأخوّة في الله هي الأخوّة الخالدة الصادقة، التي لا يمكن أن تقصمها علائق المادّة أو أن تؤثّر عليها طوارق الحدثان”[2]

4️⃣ كانت التسعينات، هي مرحلة الطبخ الإلهي للمجتمع العراقي. فقد كان الفرد مضغوط بين فكي الخوف والعوز، فقد ينجو، أو ينحرف.

قال تعالى:

وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (البقرة 155)

وفي مثل هذه الظروف (الإختبار) العسيرة، لا تغفل الحكمة الإلهية عن توفير مرشد، أو مربي، فكان الصدر حاضراً.

فعلى سبيل المثال، لم يترك المواطن أسيراً للإعلام الحكومي (الغربي). بل رفع صوته عالياً، بصراحة ووضوح، ضد ما يبثه تلفزيون الديكتاتور، فقال:

 

“أغاني محرمة وصور خلاعية، ومسلسلات أجنبية، لم توضع ولم تؤسس أصلاً إلا لإخراج الناس عن ورعهم، وعفتهم ودينهم.”

وفيه تفصيل [3]

وللحديث بقية.

▪️▪️الهوامش▪️▪️

[1] خطبة الشهيد الصدر في الجمعة التاسعة عشر، في مسجد الكوفة، عام 1998.

[2] الشهيد السيد محمد الصدر قدس سره.

كتاب: رسائل ومقالات 3: 190.

وقال في موضوع الصداقة أيضاً. التالي:

الصداقة مع من لا يستحق أو بدون مبرر شرعي مرضي لله سبحانه أو التعلم عند من لا يستحق وهكذا … فإن الزنا الاعتيادي إنما يكون بدون مبرر شرعي إذن فكل علاقة بين اثنين بدون مبرر شرعي بل لمجرد الشهوة النفسية وحب الدنيا والمصلحة الشخصية فهو من الزنا بالمعنى المعنوي. وانما تحفظ فرجك كما أمرك الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم فيما إذا لاحظت علاقاتك وأصدقائك من جميع الجهات وحصرت ذلك كله برضا الله سبحانه وتعالى خدمة له وتضحية في سبيله.

[3] قال الولي الصدر الطاهر (قدس سره):

.. وكثيرون جدا هم الذين يعتبرون سلوتهم التلفزيون بما فيه من أغاني محرمة وصور خلاعية ومسلسلات أجنبية لم توضع ولم تؤسس أصلاً إلا لإخراج الناس عن ورعهم وعفتهم ودينهم.

وليتهم حينما يملكون جهاز التلفزيون أن يستعملوه بالحلال فلا يغضبوا الله سبحانه وتعالى لكانوا أحسن صنعاً نسبياً، ولكن لذة النفس الأمارة بالسوء إنما هي بالعصيان والطغيان والتمرد أمام الله سبحانه وتعالى وتجد في ذلك لذة ونشوة، كما قال الشاعر الفاجر:

رمضان ولى هاتها يا ساقي …. مشتاقة تسعى إلى مشتاق

وهي الخمر قبحها الله ولعن كل شاربيها على وجه الأرض كائناً من كان، أو قول الشاعر:

(هيا نعصي جبار السماوات) والعياذ بالله للذة نفسه الأمارة بالسوء هذا السرطان الذي لا يمكن قتله الا بأذن الله إلا من رحم الله وعصم الله.

فهو (هذا الشاعر وكل من يكون أمثاله) يعترف بوجود الله ويعترف بعقابه ولكنه يجد للعصيان لذة لا تقاوم فيلقي نفسه على المحرمات ويكثر منها مع ان هذه اللذة هي الامتحان الالهي الكبير الذي يجب تجنبه والخلاص منه مهما كان صعبا كما قال الشاعر:

يا لها لذة آن ان حلت …. تجلب الذل لهم والعطبا

أعيد البيت:

يا لها لذة آن ان حلت …. تجلب الذل لهم والعطبا

أي في الدنيا والآخرة معاً.

الجمعة الثامنة عشر 20 جمادى الثاني 1419/الخطبة الثانية

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب