الكثير من الباحثين والمحللين يرون أن سبب إنتشار الفكر الداعشي التكفيري المتطرّف هو الّلعب على العواطف الدينية والتشدّد الديني في تطبيق النصوص القرآنية دون الرجوع الى التفسير الحقيقي لتلك النصوص. وقد إستخدم الدواعش في نشر أفكارهم الشباب الجاهل حديث السنّ الذي يجهل الإسلام وحقيقة الإسلام فغرسوا في عقولهم تلك الأفكار وجعلوا من المخالف لهم كافر وزنديق ومباح الدم والمال والعرض. وقد ساعدت النصوص والأحاديث المزوّرة التي وردت عن طريق مؤسّسي هذا الفكر في العصر الأموي التسليم التام من هؤلاء الشباب بكل ما يعطى لهم ويدرسون وفق أمهات كتبهم الإسلامية التي كانت ولا زالت مليئة بآلاف الأحاديث والنصوص الموضوعة التي تحث على التكفير والإنتقام وإلغاء الآخر وإقصائه.
ويعتبر بن تيمية وأفكاره المتطرّفة المنحرفة من اكثر الذين ساهموا بشكل فعّال في إبراز صورة مشوهة ومزيفة وغير حقيقية عن الإسلام المحمدي الأصيل، فكانت كتبه زاخرة بأسلحة دمار شامل للعقول من خلال التدليس الكبير والتشوية الفضيع للإسلام، اضافة الى فتاويه التي تبيح دماء المخالفين إثر أبسط الخلافات العقدية. وفي الوقت الذي يحاول فيه أرباب هذا الفكر توفير كل سبل إنتشاره بين الشباب المسلم كان هناك صوتا إسلاميا وسطيا معتدلا يدعو الى إسلام حقيقي معتدل مسالم من خلال نبذ الفكر المتطرّف والدعوة الى إحترام رأي المخالف ومعتقداته. حيث دعا المحقق والمرجع الديني محمود الحسني الصرخي في سلسلة محاضراته الاسبوعية التي تبث مساء كل يوم جمعة وسبت عبر قناة “المركز الاعلامني” على اليوتيوب، الى التصرّف بعقل وأخلاق الإسلام ورسول الإسلام، حيث قال الصرخي في محاضرته الرابعة عشرة ضمن بحث (وقفات مع التوحيد التيمي الجسمي الاسطوري) انه:
“لا مشكلة لنا مع تدليس (التيمية) ومن شاء التصديقَ بهم وتقليدَهم في معتقدهم، فلا مشكلة لنا معه ولا معهم، ونحترم اختياره واختيارَهم، لكن لماذا اَنتم يا تيميّة لا تتصرّفون بعقل وأخلاق الإسلام ورسول الإسلام وأهل بيته وأصحابه صلى الله وسلم عليه وعليهم؟! فلماذا لا تحترمون الآخرين وتحترمون اختياراتِهم ومعتقداتِهم كما كان الحال العام والسلوك والنهج العام في صدر الإسلام؟! ولماذا تبحثون عن أخطاء ومواقف شاذّة من هنا وهناك فتجعلونَها هي الإسلام والمنهج والسلوك العام فتخدعون أنفسكم وتشوّهون صورة الإسلام ورسالته السمحاء ودعوته إلى مكارم الأخلاق؟!”.
بهذا الروح المنفتحة يطرح المحقق الصرخي الفكر الإسلامي المعتدل الذي ينبذ التكفير وإهراق الدماء، ويدعو الى كشف التدليس والكذب والبهتان الغزير الذي ملأ كتب التيمية الدواعش مؤكدا ان: “إنّ مؤسَّسة التدليس الفكري الداعشي حاولت جاهدة طمس الواقع والتدليس وخداع الجهّال والتغرير بهم وبالغافلين”.
ومع تلك الهجمة البربرية الشرسة لهذا الفكر التكفيري الذي إستباح دماء الأبرياء ليس في البلاد المسلمة فقط بل وفي جميع بلدان العالم، كان لابد من فكر وسطي معتدل مضاد يقرعه ويكشفه ويفضح اساسه وأصله كي يتجنبه الشباب المسلم ويساعد على إجتناب تبني مثل تلك الأفكار التي أساءت للإنسانية قبل ان تسيء للإسلام ومبادئه السمحاء.