من يتمعن في عنوان مقالي قد يظن انني من انصار الفكر الاشتراكي وساخط على الرأسمالية ونظرياتها الفردية ، ولكن لست هكذا . لقد استخدمت مفردات في ادبيات الفكرين الرأسمالي والاشتراكي وترددت على ألسن المنظرين والمنتمين لهما ، و الليبرالية مشتقة من ( liberty ) وتعني الحرية او التحررية للتعبير عن حرية الافراد وتحولت الى مبدأ وسط بين المحافظة والابقاء على الاوضاع او بين احداث تغيرات جذرية في الفكر الرأسمالي واضحت الليبرالية مخاض الرأسمالية ووليدتها الشرعية . فيما تبنى الفكر الاشتراكي البروليتاريا وهي كلمة مشتقة من اصطلاح ظهر في روما القديمة للدلالة على اوطأ طبقة اجتماعية واقتصادية ، والبروليتاري هو شخص ليس له أي حقوق او ممتلكات . وسادا هذين الفكرين شعوب العالم وكان للفكر الرأسمال اكثر انتشاراً لان معقل هذا الفكر كانت بريطانيا واوربا وبعدها انتقل الى الولايات المتحدة واستحوذ على ادارة النشاط الاقتصادي وشكل الكارتلات المالية والصناعية الكبيرة فيها . وبقيت نظريات الفكر الاشتراكي محصورة في بلدان محدودة سميت بـ (بلدان المنظومة الاشتراكية ) فضلاً عن دول اخرى صنفت انظمتها بالاشتراكية . وبعد هذه المسيرة الطويلة وهيمنة الرأسمالية واقتصاد السوق على معظم دول العالم وحتى المؤسسات المالية الكبرى في العالم قد انتهجت النظريات الرأسمالية في تعاملاتها مثل صندوق النقد الدولي ، والبنك الدولي . نجد اليوم ان الفكر الاشتراكي بدأ يغزو الرأسمالية في عقر دارها وهي بريطانيا والاخذ به واعتماده جنباً مع الرأسمالية حيث اعلنت عن مشروع اقتصادي اجتماعي يتضمن تقليص ساعات العمل الاسبوعية من ( 40 ) ساعة الى ( 30 ) ساعة وتم الاتفاق مع الشركات والمؤسسات على اقناع العمال والموظفين بالتنازل عن حقوقهم في تقليل ساعات عملهم جراء تعين موظفين اخرين وبالتالي الحد من البطالة المتفشية في بريطانيا ، في حين لا يؤمن الفكر الرأسمالي بتنازل الفرد عن حقوقه المالية للمجتمع مثلما يؤمن به الفكر الاشتراكي وانحيازه الى المجتمع في تكافل الفرص والحقوق ورفض الطبقة البرجوازية المهيمنة على رؤوس الاموال والتحكم بها . ان هذا التحول الاقتصادي في الفكر الراسمالي يأتي للحاجة الملحة للافراد ( المجتمع ) للعمل بغية اشاعة الرفاهية والعيش الرغيد لباقي الشعب المحروم لا سيما العاطلين عن العمل. اعتقد اذا ما طبقت هذه الافكار الاشتراكية في بريطانيا سوف تنتقل الى اوربا والولايات المتحدة ودول اخرى وسيحتفل ( وانجلس ولينين وماو ) بأن افكارهم قد اعترف بها منظري الفكر الرأسمالي وصدقوا في دعواهم لتقاسم رغيف الخبز بين الافراد ورفض حرية الفرد الانانية .