23 ديسمبر، 2024 5:27 ص

الفكرة الصغيرة قد تغير مجرى الحياة

الفكرة الصغيرة قد تغير مجرى الحياة

” النخلة مخلوقٌ زراعي جميل جدا وهي الشجرة الوحيدة التي يمكن ألأستفادة من كافة أجزائها دون إستثناء ..نواها..ليفها..سعفها..وجميع أٌقسامها ألأخرى ذات فوائد كبيرة ولايمكن أن تنافسها أي شجرة أخرى على وجه ألأرض. تتميز النخلة عن سواها من ألأشجار بسهولة زراعتها وتحملها للظروف المناخية القاسية وعمرها المديد. بدون شك النخلة ملكة جمال أشجار الزينة في المدن العربية والعالمية. لا أريد هنا أن أتحدث عن النخلة من الناحية العلمية الزراعية وماشابه ذلك. الموضوع يتحدث عن شيء آخر. عن طريق الصدفة جلست مع شيخ مسن قارب التسعين من العمر وراح يحدثني عن النخلة وكيف زرع بستاناً كبيراً دون أن يشعر به أحد.حينما كان شاباً صادف أن يكون هناك مستنقعاً واسعا من النباتات البرية قرب بيته – مساحات واسعة من قصب البردي المتشابكة ومياه جوفيه تغطي تلك المساحة من ألأرض المتروكة. جلس عند شروق الشمس يتأمل تلك المساحة من ألأرض وكيف يمكن ألأستفادة منها. لم يكن لديه أي مبلغ من المال لأنشاء مشروع زراعي أو صناعي على تلك الأرض – عديمة الفائدة- على حد قولهِ . دون سابق إنذار خطرت على ذهنه فكرة بسيطة نفذها مباشرة. ”  جلب مئات من نواة التمر الجافة وراح يزرع ذلك المستنقع  بطريقةٍ متناسقة قرب المياه المنتشرة على مسافاتٍ واسعة. ظل كل يوم يذهب لرؤية المكان لعله يستطيع أن يحقق هدفه يوما. كلما تناول حبات من التمر ذهب الى المكان وغرس تلك النواة. كان يحدث ذاته ” لماذا أُلقي النواة في سلة القاذورات..لماذا لاأزرعها في ألأرض….
من يدري ربما تنهض يوماً ما وتعود بالفائدة لمخلوقاتٍ بشرية ربما تكون في حاجةٍ لها ؟” .  بعد خمس سنوات جاءت الجرارات لتنظيف المستنقع لأنشاء مرفقاً من المرافق العامة. كانت هناك مئات من أشجار النخيل زاهية بين قصب البردي…ووقف – يوسف الحبيب- يطلب من المسؤول تعويضا عن كل شجرة نخيل كان قد زرعها أو يتركون البستان على حالته. وكانت هناك سجالات ومجادلات كثيرة إضطر المسؤول عن تنفيذ المشروع العودة الى المدير ألأول للبت بالموضوع. وأخيرا تم ألأتفاق على تنظيف المكان دون إلحاق الضرر بأي شجرة من شجرات النخيل تلك. ظل – يوسف الحبيب –
في بيته مع عائلته أكثر من عشرين عاما يهتم بتلك ألأشجار ويجني منها محصولا وفيراً. حينما عصفت رياح التغيير وتحولت الفئات البشرية الى فئات طائفية كل طائفة تتوعد ألأخرى هرب – يوسف الحبيب- مع عائلته في جنح الظلام خوفا من قتله هو وأفراد عائلته لجرمٍ لم يرتكبه إلا كونه ينتمي الى طائفة مسلمة أخرى. كان ينظر الى بستانه من بعيد ويبكي ويقول ” عساها ببخت كل من أراد أن يشعل نار الفتنه…وداعاً أيها الحلم المنهار في جنح الليل”. كان يمسح دموعه وهو يتحدث إلي بحرقةٍ شديدة. في الطريق الى بيتي تذكرتُ أنني قبل اكثر من عشرة أعوام زرعت  عدة – نواة من نواة النخيل …لم انتبه لها ألا بعد أن سمعت حديث يوسف الحبيب. كانت إحداهن في حديقة الداروألأخريات خارج البيت. وقفت أتأمل كل واحدة منهن بسعادة لاتوصف وقررت في اليوم التالي أن أجمع نواة أي – قطعة من التمر- وأزرعها خارج البيت بمحاذاة الشارع . وبالفعل بدأت هذه الخطوة بزراعة عدد من النواة شاهدتها اليوم تنبثق نحو السطح. كانت فرحتي كبيرة جدا. سأبدأ بزراعة كل الرصيف القريب من البيت ….من يدري بعد عشر سنوات كيف سيكون منظر هذه النخلات…وكيف سيكون منظر الشارع. أتمنى أن يزرع كل إنسان في بلدي أي نواة من قطع التمر التي يتناولها بدلا من إلقائها في سلة – الزبالة- . قال الشاعر أحمد شوقي :
أرى شجراً في السماء احتجب —- وشـق العنــان بمرأى عجب
مــآذن قامـت هنــــــا وهنــاك — ظواهــــرها درج من شـذب
أهذا هو النـخل ملـك الريـاض — أمير الحقول عروس العزب
طعــام الفقـير وحلـــوى الغني —- وزاد المســافر والمغـترب ؟
فيا نخلة الرملة لما تبخــــــلي —- ولا قصرت نخــلات الترب……..

الفكرة الصغيرة قد تغير مجرى الحياة.
” النخلة مخلوقٌ زراعي جميل جدا وهي الشجرة الوحيدة التي يمكن ألأستفادة من كافة أجزائها دون إستثناء ..نواها..ليفها..سعفها..وجميع أٌقسامها ألأخرى ذات فوائد كبيرة ولايمكن أن تنافسها أي شجرة أخرى على وجه ألأرض. تتميز النخلة عن سواها من ألأشجار بسهولة زراعتها وتحملها للظروف المناخية القاسية وعمرها المديد. بدون شك النخلة ملكة جمال أشجار الزينة في المدن العربية والعالمية. لا أريد هنا أن أتحدث عن النخلة من الناحية العلمية الزراعية وماشابه ذلك. الموضوع يتحدث عن شيء آخر. عن طريق الصدفة جلست مع شيخ مسن قارب التسعين من العمر وراح يحدثني عن النخلة وكيف زرع بستاناً كبيراً دون أن يشعر به أحد.حينما كان شاباً صادف أن يكون هناك مستنقعاً واسعا من النباتات البرية قرب بيته – مساحات واسعة من قصب البردي المتشابكة ومياه جوفيه تغطي تلك المساحة من ألأرض المتروكة. جلس عند شروق الشمس يتأمل تلك المساحة من ألأرض وكيف يمكن ألأستفادة منها. لم يكن لديه أي مبلغ من المال لأنشاء مشروع زراعي أو صناعي على تلك الأرض – عديمة الفائدة- على حد قولهِ . دون سابق إنذار خطرت على ذهنه فكرة بسيطة نفذها مباشرة. ”  جلب مئات من نواة التمر الجافة وراح يزرع ذلك المستنقع  بطريقةٍ متناسقة قرب المياه المنتشرة على مسافاتٍ واسعة. ظل كل يوم يذهب لرؤية المكان لعله يستطيع أن يحقق هدفه يوما. كلما تناول حبات من التمر ذهب الى المكان وغرس تلك النواة. كان يحدث ذاته ” لماذا أُلقي النواة في سلة القاذورات..لماذا لاأزرعها في ألأرض….
من يدري ربما تنهض يوماً ما وتعود بالفائدة لمخلوقاتٍ بشرية ربما تكون في حاجةٍ لها ؟” .  بعد خمس سنوات جاءت الجرارات لتنظيف المستنقع لأنشاء مرفقاً من المرافق العامة. كانت هناك مئات من أشجار النخيل زاهية بين قصب البردي…ووقف – يوسف الحبيب- يطلب من المسؤول تعويضا عن كل شجرة نخيل كان قد زرعها أو يتركون البستان على حالته. وكانت هناك سجالات ومجادلات كثيرة إضطر المسؤول عن تنفيذ المشروع العودة الى المدير ألأول للبت بالموضوع. وأخيرا تم ألأتفاق على تنظيف المكان دون إلحاق الضرر بأي شجرة من شجرات النخيل تلك. ظل – يوسف الحبيب –
في بيته مع عائلته أكثر من عشرين عاما يهتم بتلك ألأشجار ويجني منها محصولا وفيراً. حينما عصفت رياح التغيير وتحولت الفئات البشرية الى فئات طائفية كل طائفة تتوعد ألأخرى هرب – يوسف الحبيب- مع عائلته في جنح الظلام خوفا من قتله هو وأفراد عائلته لجرمٍ لم يرتكبه إلا كونه ينتمي الى طائفة مسلمة أخرى. كان ينظر الى بستانه من بعيد ويبكي ويقول ” عساها ببخت كل من أراد أن يشعل نار الفتنه…وداعاً أيها الحلم المنهار في جنح الليل”. كان يمسح دموعه وهو يتحدث إلي بحرقةٍ شديدة. في الطريق الى بيتي تذكرتُ أنني قبل اكثر من عشرة أعوام زرعت  عدة – نواة من نواة النخيل …لم انتبه لها ألا بعد أن سمعت حديث يوسف الحبيب. كانت إحداهن في حديقة الداروألأخريات خارج البيت. وقفت أتأمل كل واحدة منهن بسعادة لاتوصف وقررت في اليوم التالي أن أجمع نواة أي – قطعة من التمر- وأزرعها خارج البيت بمحاذاة الشارع . وبالفعل بدأت هذه الخطوة بزراعة عدد من النواة شاهدتها اليوم تنبثق نحو السطح. كانت فرحتي كبيرة جدا. سأبدأ بزراعة كل الرصيف القريب من البيت ….من يدري بعد عشر سنوات كيف سيكون منظر هذه النخلات…وكيف سيكون منظر الشارع. أتمنى أن يزرع كل إنسان في بلدي أي نواة من قطع التمر التي يتناولها بدلا من إلقائها في سلة – الزبالة- . قال الشاعر أحمد شوقي :
أرى شجراً في السماء احتجب —- وشـق العنــان بمرأى عجب
مــآذن قامـت هنــــــا وهنــاك — ظواهــــرها درج من شـذب
أهذا هو النـخل ملـك الريـاض — أمير الحقول عروس العزب
طعــام الفقـير وحلـــوى الغني —- وزاد المســافر والمغـترب ؟
فيا نخلة الرملة لما تبخــــــلي —- ولا قصرت نخــلات الترب……..