22 نوفمبر، 2024 6:08 م
Search
Close this search box.

الفقرااااء وسعر صرف الدولار

الفقرااااء وسعر صرف الدولار

قبل عقود اربع طالعت رواية للأديب السوداني الطيب صالح اتذكر ان عنوانها (موسم الهجرة الى الشمال) ان لم يكن الزهايمر قد اصابني بفعل ما هو معروف للجميع ؟؟ كان والده في الرواية فلاح فقير امي ، وكان يتحدث لوالده عن السياسة والفقراء ووضع البلد فيجيبه والده بأنه رجل فقير لا يهتم للسياسة وغيرها كونها لا تنفعه ولا تضره ، ولا علاقة له بها .

يحاكي والده بصمت بقوله لو تعلم يا والدي الفقير انك اساس السياسة الكاذبة في هذا البلد ، فكل السياسيين الفاسدين يتعكزون عليك ويصورون للشعب ولأنفسهم انهم جاءوا لأجلك وأن استراتيجياتهم وبرامجهم تصب في إعلاء شأنك ، وهم والله لا يعرفون شيئا عنك بل انت لا شكل حتى 1% من اهتماماتهم .

شعبنا منذ العام 2003 بعد ان خرج من حصار مدمر وحصته التموينية تتضاءل الى ان تحولت الى اشياء رمزية رغم انها باتت للفقراء فقط ، تلك الحصة التي من ايجابياتها انها حافظت على اسعار المواد الغذائية في السوق رغم الحصار الجائر ، وحاول من يبكون على الفقير اليوم ان يحولوها الى مبلغ (15) الف دينار ولا ادري كم قنينة زيت طعام يساوي هذا المبلغ اليوم ، وكم سيساوي لو تم تعويض الحصة بذلك المبلغ ؟؟؟

حرب شعواء تم شنها على سعر صرف الدولار وكيف انه دمر المواطن الحبيب المسكين الذي لأجله جاءوا بكل زناة الارض ليدمروا الدولة والمواطن ليبنوا له (حكومة ملائكية) على حد تعبير السيد رئيس الوزراء الاسبق الجعفري .

سعر صرف الدولار السابق تم تحديده جزافا لسببين : اولهما للقول انهم رفعوا سعر الدينار قليلا (بفضل تحسن الوضع الاقتصادي) وهذا ليس حقيقة ، فضلا عن ان دولارنا صار ارخص دولار في المنطقة فيسهل تهريبه الى من يريدون ليستفيدوا من الفرق لبناء اقتصاداتهم على انقاض اقتصاد الفقير العراقي ، وبما ان غسيل الاموال ليس سهلا جاءوا بمزاد العملة كغطاء لهذا الغسيل ، واليوم فقد مزاد العملة رواده من المهربين الذين افتتحوا مصارف اهلية برأسمال مخجل ليصل بيع الدولار في المزاد الى مليار دولار كل اربعة ايام .

اخيرا اقول ان حتى لو كان القرار خاطئا فأن العودة الى السعر السابق سيكون خطأ اكبر لأسباب معروفة ، ويمكن معالجة الأثر السلبي للسعر الجديد على الفقراء بتحسين الحصة التموينية ورفع سقف الرعاية الاجتماعية وتوسيع حالة الشمول بها ، والفقير لو خلصه الله من المزايدين باسمه لكان بأحسن حال.

أحدث المقالات