22 ديسمبر، 2024 8:28 م

الفقراء يقتلون مرتين

الفقراء يقتلون مرتين

الجزء الثالث والاخير
التحق سلمان بالكلية العسكرية وبعد اقل من سنة او ربما سنة تخرج برتبه ملازم في الجيش العراقي وكان نصيبه ان يتم نقله الى احدى وحدات الحرس الجمهوري وهناك بعد شهر او شهران اصيب في المعارك اصابته الاولى وكانت اصابة خطيرة ولكن اراده الله ان ينجيه من الموت بها تم علاجه في احد المستشفيات العسكرية ثم تم منحه اجازات مرضيه وبعدها عاد للالتحاق بوحدته التي كانت في قاطع محافظه ميسان في جنوب العراق ولم يبقى في وحدته الا أشهر قلائل حيث استشهد في احد المعارك هناك…
ويعتبر سلمان هو الضابط الوحيد في قريه العين ومن ابناء عمومتي لان قسم من الخريجين لم يتوجهوا الى الكلية العسكرية والبقية لم ينهوا الدراسة الإعدادية في تلك الفترة كنت انا اسكن مدينه الموصل وكان اهل سلمان يسكنون ناحيه حمام العليل وبعدها بأشهر قليله انتقلوا الى مدينه الموصل واثناء بقاءهم في الناحية كانت علاقاتي متواصلة معهم دوما لان هناك رابطه الصداقة القوية بيني وبين الاخ سلام الاخ اكبر من سلمان والذي بعد ان تزوج اطلق على اسم ابنه الكبير سلمان تيمنا وذكرى لاسم شقيقه الشهيد…. كثيره هي الذكريات في عالم الاموات والاحياء كثير من الاصدقاء الذين كنا معهم في الدراسة فارقونا ولم تتجاوز اعمارهم الثانية والعشرون عام فارقونا وهم في عز الشباب ومازال في ذاكرتي ذلك الصديق عبد حمد من قرية تسمى طويبة وكانت القرية شبه معزولة عن العالم كونها تقع في منطقة ملاصقة لكبريت المشراق ويحيطها سلسلة اراضي صخرية من اغلب جهاتها وتقع على نهر دجلة ولم تكن الطرق معبدة في حينها الا ان هذا الشاب الاسمر عبد حمد استطاع ان يكمل مسيرته العلمية وكان معه من نفس القرية على ما اذكر الطلاب خضير عبدالله وكان صاحب نكته وفكاهة والطالب عبد عيسى وربما الاسماء تختلف في ذاكرتي وعودة على صديقنا عبد والذي تخرج مع الملازم سلمان وكان معه في نفس الوحدة لحظة استشهاده في قاطع ميسان…رحم الله الشهيد واطال الله في عمر صديقنا ابوحمزة الملازم عبد والذي اشتهر ومن خلال مواقفه الشجاعة والمشرفة بأسم عبد طويبة على اسم قريته…وتدرج في عمله العسكري الى رتبة عميد واحيل على التقاعد بعدها لإكماله السن القانوني…
رحم الله اصدقائنا الذين رحلوا قبلنا وبارك الله بأعمار من تبقى منهم وعذرا لمن لم نذكر اسمه هنا وسوف يكون له نصيب في الروايات والقصص القادمة..
ونختم قصتنا وروايتنا هذه باستشهاد ابن عمي وصديقي الملازم سلمان الذي فارقنا باكرا…..

ولكنها الحرب يا صاحبي التي تشعل الاخضر واليابس الحرب التي يتفاخر بها رجال السياسة ويدفع ثمنها ابناء الشعوب و هكذا هي الحياه بعدها يجلس قاده الحروب على الطاولة متباهين بنصر مزيف متجاهلين او متناسين كل الضحايا و الارواح التي ذهبت وكأنهم يضحكون علي ضحاياهم مرددين كلماتهم الرنانة الوطن الدفاع عن الوطن والمقدسات والدفاع عنها والحرائر و ما اجملها من كلمات كنا نتصورها انها جزء من ماده الوطنية التي لابد للانسان ان يدافع عنها وعندما ذهب بنا العمر اكتشفنا ان الكثير من هذه المقولات ذهبت مع ادراج الرياح ولا تعني للسياسيين اي شيء وانما هي مجرد عنفوان ومراهنات للمتكبرين وان يكون فيها ربح او خساره ونشوة الربح هو ما يسمونه النصر عند رجال السياسة وهذه الكلمة عندهم كبيره لأنها تشعرهم بنوع من العجرفة والعنجهيه والرفعة والعلياء عند قادة الشعوب الاخرى اما نحن الشعوب المغلوبة على امرهم فلقد عرفنا اننا كنا في وضع ساذج لا قيمه لنا عند حكوماتنا واننا مجرد سلعه يتاجرون بنا في اي وقت يشاؤون وانهم كانوا يتاجرون بارواحنا ودمائنا باسم الدين واسم الوطن واسم القائد وكلها اكاذيب خطط وكتب حروفها لهم الاستعمار الحديث بطريقته الذكية فها هو عمري قارب الى نهاياته ولم اجد سوى بلداننا العربيه او الإسلامية يتقاتلون فيما بينهم وقد وهبهم الله الخير الكثير من الثروات الطبيعيه.ولكن حكامها وتصرفاتهم الاستفزازية والسرقات للمال العام دون حسيب ورقيب ادى الى حرمان تلك الشعوب من حق التصرف بها لان اغلب قادة تلك البلدان تحب الحروب وتحب القتل وتعطشها دوما الى المزيد من دماء الأبرياء.. وفي ذاكرتي الكثير من اصدقائي و انا اكتب هذه الرواية ولو اردت ان ادرج جميع اسمائهم لكنت قد كتبت المئات من الروايات فكل شخص فيهم كان جبلا لا تهزه الرياح ولكنهم ذهبوا في ادراج الحروب من باب الظروف الاقتصادية الصعبة او الطريقة التي رسمتها لهم الحكومات بكل سلبياتها وايجابياتهم…
لقد رحلوا عنا الى العالم الآخر وتركوا فينا جراح لا يمكن ان تندمل لأنها كانت حياة بشريه وحياة اصدقاء نحب لهم الخير و يحبون الخير لنا ودعناهم في توابيت لا نعرف هل كانت هذه التوابيت تحمل اجسادهم الطاهره في داخلها ام انهم قطعوا أوصالاً نتيجة قذائف المدافع والأسلحة المحرمة التي استخدمت في تلك الحروب…
حياه كنا نعيشها فيها الكثير من قصص الموت والرعب والحرمان قصص الجوع وفقدان الاهل قصص ان يخلقك الله انسان ولكنك لا تعرف كيف تعيش في ظل الحكومات الاتي لأتعرف للإنسانية شيء هكذا يعيش المواطن العربي تقريبا في كل الدول العربيه في ظل الحاكم والمحكوم في حكومات لا تحب لشعوبها التطور و لا تعطيهم الحرية حتى يستطيعوا ان يعبروا عن ما في داخلهم متى ما يشاؤون ولكي يقوموا بتوجيه ربان السفينه وتوصيله الى بر الامان….
نعم نحن ابناء القرى نموت مرتين في بلدنا العراق مرة في طفولتنا وكان قاتلنا الفقر والمرة الاخرى في شبابنا تقتلنا الحرب…