8 أبريل، 2024 2:01 م
Search
Close this search box.

الفقراء والمتسلطون

Facebook
Twitter
LinkedIn

دارت بنا الايام حتى وجدنا انفسنا في قيعان جبروتها ، انتظرنا الغد بلهفة عارمة ، قد ينبري الصباح ، يحمل سيف نوره ، يقارع جيش الظلام ، ويجبره على الرحيل ، ولكن مات النهار كحلم اخير بين جفون الليل .
تبدلت الاشياء في زمن الخوف والجمر والجنون ، نسي الناس اسماءهم ، وتناسوا نزيف مواضيهم ، خرجوا علينا اليوم من براثن الارض ، ومن بين ركام الازمة مخلوقات جديدة باجساد تملؤها الادران ، تنضح منها سموم حمراء بلون الحريق .
انهم جلادون بسطوتهم ، حولوا شجن الطيور الى نواح ابدي ، والزهور البرية الى بقع قاتمة من المأساة ، يلوكون بانيابهم احلام الفقراء ويسحقون بجنازير اموالهم اجساداً فيها بقايا روح ، يتحكمون في مصير من نجا من عاصفة الموت .
صرنا نحن الفقراء حطباً في مواقد المتسلطين ، وعصرونا زيتاً يضيء قناديل دروبهم ، مسخوا شخصيتنا وقتلوا انسانيتنا ، نمشي وفق ما يأمرون ، ناكل ما لا يشتهون ، نلبس ما يشاؤون ، ننام ونصحوا بمواقيت حددوها ، نفكر بعقولهم ، نكد ونكدح من اجلهم ، هم الوحيدون القادرون على تحديد اسعارنا عند البيع في سوق الحياة ، صرنا سلعة سهلة التداول وبسيطة المنال ، لا يهم ان جاع اطفالنا ، او تسربوا  من غربالهم الى مهاوي الانحطاط .
نحن الفقراء لسنا اكثر من افواه فاغرة تنتظر من يلقمها رغيف خبز ، وبطون جائعة ترقب من يوقف نزيف الاحشاء .
هكذا هم يفهمون الفقير ، وربما تستدير حالة الغباء المزمن الى ابعد من هذا التفسير حتى تصل الى الامتهان والذلة .
انهم واهمون جداً ، ومهما تعالت اصوات صهيل الالم في جوانحنا ، تظل الكرامة عندنا اشد واقوى من هدير آليات تسلطهم .
اعيد اليوم ما قالوه سابقاً ( ان الرجولة لا تعني التسلط ) .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب