سخر طاغية دمشق، بشار الأسد، من «ثورات الربيع العربي» التي أطاحت بأنظمة الحكم الاستبدادية في عدة دول عربية، ولا زالت تشتعل في بلاده للمطالبة بإسقاط نظام حكمه وحكم اسرته الممتد منذ أكثر من أربعة عقود عجاف ذاق السوريون خلالها الويل والثبور من نظام حكم استبدادي طائفي. وقال بشار في خطابه الذي ألقاه في دار الأسد للثقافة والفنون في وسط دمشق، الأحد، إن «الربيع المزعوم عبارة عن فقاعة صابون ستختفي .. فكله طائفية وإرهاب وتقسيم».
ومن الملفت للنظر، أن هذه الأوصاف والكلمات هي ذاتها نفس الكلمات التي رددها نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي، في نفس اليوم، عندما وصف مظاهرات وانتفاضة الشعب العراقي بأنها ((مجرد فقاعة!! تنتهي))، ووصف شعاراتهم بـ ((النتنة))!!، متهما المنظمين لهذه المسيرات الشعبية بالمندسين وأصحاب الأجندات، وأنها لن تؤثر عليه ولا على سير حكومته لأنها مجرد فقاعات.
في تناغم غريب تبادل المالكي والأسد المصطلحات والتعابير ذاتها في وصف الحراك الشعبي العربي فاستعار كلاهما (فقاعات الصابون)، على الرغم من أن الصابون قد غَسَل تونس ومصر واليمن وليبيا من براثن بن علي وحسني مبارك وعلي صالح و معمر القذافي وحرق أنظمتهم الطاغية إلى غير رجعة…
لا غرابة في تطابق النهج والتفسير بين طاغية الشام ودكتاتور العراق، الإثنين، فـ(المالكي) و رفيقه (بشار) هما نتاج مدرسة واحدة وفكر واحدة ومدرسة واحدة توجهها طهران ويديرها الحرس الثوري الاسلامي الايراني.. وهما ينفذان أوامر المرشد ووكيله قاسم سليماني.
ستون ألف قتيل ضحايا الإنتفاضة الشعبية السورية بحسب مصادر الأمم المتحدة، والعدد يزداد كل يوم بل كل ساعة…ومع ذلك فإن بشار يبشر بأن سوريا تتطهر من الغادرين.. أي أنه لا يمانع من ارتفاع أعداد القتلى ما دامت النتيجة أن سوريا تتطهر من الخارجين عن طاعة بشار…
بشار يعلن للسوريين أنه باق في السلطة ولن يستطيع أحد إزاحته ويدعو المعارضة في الداخل الى الحوار معه، متناسياً أن السوريين خرجوا لهدف واحد لا فكاك عنه ولا تنازل ولا تراجع، ومن أجله دفعوا حتى اليوم ستون ألف شهيد…وان السوريين «لم يقدموا كل تلك التضحيات من أجل أن يعيدوا الاستقرار لنظام الطاغية» الذي يحكم سوريا.
ليس غريباً هذا التوافق بين رؤية طاغية الشام ودكتاتور العراق لإنتفاضات الشعوب ووصفها بـأنها ((فقاعات صابون!!)) وان ورائها ((أجندات أجنبية!!)) .. وأن المنتفضين سوف يُسحقون… واتهم الانتفاضة بأنها طائفية، هكذا هو منطق كل الطغاة عبر التاريخ.. منطق التخوين للمعارضين ووصفهم بأقذع الأوصاف الموجودة في قاموس بشار ونوري.. ذات القاموس الذي أعّده لهما موجهيهما من طهران وقم… وحين يتهم بشار ونوري خصومهما بالطائفية .. يتناسيان أنهما يحكمان بالطائفية والمنهج التفريقي المخرب منذ سنين…. وحين يرفض بشار الإستماع إلى مطالب الشعب السوري ويلحقه زميله نوري في رفض الإصغاء لمطالب الناس المشروعة في الحياة الآمنة الكريمة وتوفير العدالة والانصاف.. فإنما هما يحفران مصيرهما الواحد…بأيديهما.. مصير واحد لا بديل عنه، هو ذات مصير الطغاة الذين سحقتهم ((فقاعة الصابون))!!!