23 ديسمبر، 2024 5:17 ص

الفعل ورد الفعل , قانون فيزيائي ينص على أن لكل قوة فعل قوة رد فعل , تساويها بالمقدر وتعاكسها بالإتجاه , وهناك فعل ورد فعل أخر يكون فيه الطرفان متباينان , بالقوة وضبط الأعصاب والحلم وكظم الغيظ, فقد يحدث أن يأتيك أحد ما ويسمعك كلمة جارحة ، أو يتصرف معك بغلظة وخشونة , ربما تقلل هيبتك في مكان عام ، أو يحرجك أمام مرؤوسيك من الموظفين ممن هم بأمرتك ، وهنا ينتهي تأثير الفعل .
أنت الأن معتدى عليك ، قللت هيبتك ، بدأ دمك بالغليان ، أوداجك انتفخت ، جمعت قبضتك ، وهناك من يستفزك لترفع يدك وتوجه لكمة بكل ما أوتيت من قوة , إلى أنف غريمك لتكسره , نفسك الامارة بالسوء لا تريد أن تهدأ حتى ترى نزيف الدم على وجهه وثيابه ؛الشيطان يهمس بإذنك : من هذا الصعلوك ليجعلك أضحوكة أمام الناس , أين رجولتك ، اين عشائريتك , ماذا تنتظر , اسحبه وامسح به الارض .
بدأت مرحلة رد الفعل , وهنا تعرف معادن الرجال ورجاحة العقول , ويبدأ التخطيط لرد الاعتداء , ترفع يديك وتضرب , ولكن أخلاق الاسلام تواجهك بالآية الشريفة (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) , أن تمتلك نفسك وأنت في أوج غضبك , ذلك يعني شيء كبير , تهدأ نفسك وتتعوذ من الشيطان وتتلو الآية الشريفة (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ) , هدأت نفسك , وزال غضبك , استدرت ومضيت في طريقك .
لقد نجحت في الاختبار , ذل الشيطان أمامك , وأثبت لنفسك الامارة بالسوء أنك الاقوى ,المعتدي عليك يشعر بالخزي والعار والصغر , يتمنى لو تنشق الارض لتبتلعه , فلقد تلقى أقوى صفعة في حياته , الكل ينظر إليك بهيبة وفخر وهم يتهامسون : ما أعظم خلق هذا الرجل ! , وأنت الرابح أصبحت مصداقا للآية (  وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ) .