22 ديسمبر، 2024 7:50 م

الفصل بين الطلبة والهيئات التدريسية على اساس الجنس

الفصل بين الطلبة والهيئات التدريسية على اساس الجنس

ذكرني قرار وزارة التربية بالفصل بين الهيئات التدريسية على اثر الفيديو المسرب عن احتفال في معهد اهلي , الذي لم يسبق له مثيل في العملية التربوية طوال تاريخها , بانه يستعيد ويستلهم في بلادنا اجراءات طالبان في افغانستان المستنكرة في العالم كله بالتميز الفاقع بين الاناث والذكور, و التميز الممقوت , والذي يعكس تخلفا وتشوها تمتد اثاره الى المستقبل , بل اننا نعاني منه الان في الحياة ونشتكي منه جراء العلاقة المرتبكة بين الجنسين .

لاشك ان ما بدر من المدرس مرفوض باي شكل من الاشكال , ونحن مع الاجراءات العقابية الحازمة ليكون عبرة لمن يعتبر ولإعادة الاحترام والهيبة للتعليم في المعاهد الاهلية التي انتشرت في البلاد مثل الفطر, الى جانب الدروس الخصوصية التي تقدمت وزارة التربية خطوة في معالجتها من خلال دورات التقوية المزمع اقامتها في المدارس الحكومية .

التربية الزمت المعاهد ان تكون الهيئات التدريسية فيها من نفس جنس الطلبة , أي وحدت جنس المدرسين والمنتسبين اليها , رغم ان كثير من المعاهد يكون الطلبة فيها من الذكور والاناث أي الاختلاط قائم , وهي معاهد قد لا يكون الفرز على اساس الجندر فيها واقعا لعدم امكانية افتتاح معاهد في الرقعة الجغرافية على هذا الاساس , وبالتالي قد تغلق من دون توفير البديل عنها , ولتخلف التعليم الحكومي ولا تزال دورات التقوية المزمع اقامتها في طور اعداد مستلزماتها .

علاوة على انها خرق فاضح لحقوق الانسان وتكريس واضح للتمييز على اساس النوع الاجتماعي، وتشكل مؤشر لعدم احترام البلد للمعاهدات الدولية التي صادق عليها والتي تقضي وتؤكد على العدالة والمساواة بغض النظر عن الجنس , وتمس العلاقات الانسانية وتنحو بها نحو التطرف وتربي على النظرة الدونية للمرأة وتحرم كلا الجنسين من التعامل السوي والاحترام المتبادل بينهما ,وخلق حواجز نفسية ومجتمعية في بيئة تنحدر نحو العنف في علاقاتها .

ان المرحلة الدراسية ما بعد الثانوية ستكون المرحلة الجامعية وهي مختلطة بين الجنسين , فالاختلاط هنا مرحلة تهيئة واعداد وتجربة مفيدة تهذب التعامل فيما بين الدراسين والمدرسين من دون عقد وتساعد على التأقلم .

ان سياسة العزل والفصل غير منتجة وتزيد من العنف وتفاقم خشونة التعامل , فالقرار رد فعل غير مدروس ولا يستند الى ابحاث نفسية وعلمية , ويضع العلاقة بين الجنسين في اطار الخوف المتبادل واضعاف السلوك القويم , ويغذي تدني النظرة للإناث ويحد من الامكانات والقدرات والمس بحق المساواة بينهما .

لقد اثار قرار وزارة التربية انتقادات واسعة في المجتمع , واعتبره البعض “اسلمة المجتمع ” وان التربية تحينت الحادثة المنفردة لفرضه , والتي كان بإمكانها ان تتخذ اجراءات رادعة وقوية تمنع تكرارها .

الان المطلوب من وزارة التربية اعادة النظر في قرارها ودراسة تداعياته والاستعانة باختصاصيين في الجوانب المختلفة لإرساء علاقات سليمة بين الطلبة والطالبات والهيئات التدريسية .