23 ديسمبر، 2024 7:53 م

الفصل السابع وسلطة مجلس الامن الدولي – عرض وتحليل / 1

الفصل السابع وسلطة مجلس الامن الدولي – عرض وتحليل / 1

اثار صدور قرار مجلس الامن الدولي الاخير بالعدد (1027) في 27/6/2013 الخاص بالحالة العراقية الكويتية تساؤلات عديدة لدى الشعب العراقي عن الفصل السابع الذي يتحكم من خلاله مجلس الامن الدولي بتلك الحالة من خلال القرارات التي اصدرها بعد غزو العراق للكويت في 2/8/1990والتساؤل الاوسع لدى عامة الناس عن حقيقة الفصل السابع ومحتواه وصلاحيات مجلس الامن للتصرف من خلاله بينما تساءل الكثير من اصحاب الثقافة القانونية والسياسية عن مدى صحة خروج العراق من الفصل السابع بموجب القرار الاخير المذكور انفا .
وبدءا فان ميثاق الامم المتحدة يتكون من ديباجة و (19) تسعة عشر فصلا يتناول الفصل السابع منها دور مجلس الامن الدولي في الحالات التي تهم الامن والسلم الدوليين والتي يعبر عنها عنوان الفصل (فيما يتخذ من الأعمال في حالات تهديد السلم والإخلال به ووقوع العدوان) ولذلك فهو من اهم واخطر فصول الميثاق لانه يتيتح لمجلس الامن التصرف ضمن حدود واسعة بسلطات تصل الى حد استخدام القوة العسكرية الدولية ضد دولة معينة اذا انطبقت عليها مواد الفصل السابع .
ويحتوي هذا الفصل على (13) ثلاثة عشر مادة هي (م 39 و م 50 وما بينهما) تمثل خارطة طريق لسلطة مجلس الامن على اتخاذ تدابير قسرية وقمعية واسعة وخطيرة ضد الدول التي يعتبر مجلس الامن ان تصرفاتها تهدد السلم والامن الدوليين . وهذه المواد على درجة عالية من الاهمية والخطورة والحساسية فمن الضروري ان نبين اهمها بشكل واضح وبعيد عن التعقيدات في الصياغة والتكرار والارتباك في تسلسلها الواردة في النص العربي المعتمد من قبل مجلس الامن لكي تكون سهلة التقبل والفهم من قبل القاريء الكريم وكما يلي :
المادة 39
حيث اتاحت هذه المادة لمجلس الامن ان يتخذ قررا باعتبار الحالة المعروضة امامه تمثل تهديدا للسلم أو إخلالا به أو ان ما وقع يعد عملاً من أعمال العدوان، ويقدم في ذلك توصياته أو يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير طبقاً لأحكام المادتين 41 و42. ولم يحدد ميثاق الامم المتحدة معايير لاعتبار النزاع موضوع البحث مما يهدد السلم العالمي فيتطلب تدخل مجلس الامن على وفق الفصل السابع ام انه لايهددهما فيقتصر دوره على اصدار توصيات تطالب المتنازعين باللجوء الى الحلول السلمية لانهاء النزاع . ويشير كتاب القانون الدولي الى ان المفهوم الدارج لتهديد السلم والامن الدوليين هو مايؤدي الى حصول حرب عالمية .
وترك هذا الامر على خطورته من دون نصوص واضحة ومحددة انما الى تقدير الاعظاء الدائمين في المجلس تتحكم به المصالح والعلاقات الدولية فالحرب العراقية الايرانية التي استمرت (8) ثمان سنوات ودمرت اقتصاد البلدين وذهب ضحيتها مئات الالوف من الشعبين لم تحرك ولا ذرة انسانية لمجلس الامن فلم يعتبرها تهديدا للسلم والامن الدوليين ولذلك لم يتدخل مباشرة لانهائها بسبب الرغبات الدولية لاستمرارها كونها حركت عجلة الصناعات العسكرية للدول الكبرى المصدرة للسلاح ووفرت الحماية لدول الخليج والجزيرة العربية من التوسع الايرني واتاحت الفرصة لبعض الدول المصدرة للنفط لاخذ حصة العراق من سوق النفط العالمية اضافة الى ان هدف اضعاف هذين الكبيرين مما تتطلبه السياسة الشرق اوسطية على وجه الخصوص ولذلك استمرت الحرب طويلة على الرغم من كل المآسي التي صاحبتها وخلفتها .
بينما كانت المصلحة الدولية والامريكية منها على وجه الخصوص في التواجد العسكري المبائر والدائم في الشرق الاوسط  واسباب اخرى دافعا قويا لمجلس الامن لاعتبار دخول القوات العراقية الى الاراضي الكويتية حالة تهدد السلم والامن الدوليين باعتبارها عدوان على دولة عضو في الامم المتحدة فاجتمع المجلس واتخذ قراره بذلك (القرار رقم 660 لسنة 1990) في نفس يوم غزو العراق للكويت . وهذا واحد من اشكال الخلل في ميثاق منظمة الامم المتحدة.
المادة 40
وتضمنت دعوة مجلس الامن الاطراف المتنازعة للأخذ بما يراه ضرورياً أو مستحسناً من تدابير مؤقتة منعاً لتفاقم الموقف وذلك قبل أن يقدم توصياته أو يتخذ التدابير المنصوص عليها في المادة 39 ، ومما يعتبره مجلس الامن تدابير مؤقتة سحب الدول المتنازعة قواتها الى مسافات محددة خلف حدودها او انشاء منطقة منزوعة السلاح لمنع حصول تبادل اطلاق نار بين الطرفين .         
المادة 41، ونصها :
لمجلس الأمن أن يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير التي لا تتطلب استخدام القوات المسلحة لتنفيذ قراراته، وله أن يطلب إلى أعضاء “الأمم المتحدة” تطبيق هذه التدابير، ويجوز أن يكون من بينها وقف الصلات الاقتصادية والمواصلات الحديدية والبحرية والجوية والبريدية والبرقية واللاسلكية وغيرها من وسائل المواصلات وقفا جزئياً أو كليا وقطع العلاقات الدبلوماسية.)
المادة 42
وفي حالة ان يتضح لمجلس الامن ان التدابير المنصوص عليها في المادة 41 لا تفي بالغرض اجازت له هذه المادة أن يقرراستخدام القوات الجوية أو البحرية أو البرية التابعة لأعضاء “الأمم المتحدة”. للقيام بما يلزم من اعمال لحفظ السلم والأمن الدولي أو لإعادته إلى نصابه. 
المادة 43
وقد بينت تعهد جميع أعضاء “الأمم المتحدة” أن يضعوا تحت تصرف مجلس الأمن ما يلزم من القوات المسلحة والمساعدات والتسهيلات الضرورية لحفظ السلم والأمن الدولي ومن ذلك حق مرور القوات العسكرية الدولية من خلال اقليم الدول الاعضاء برا كان ام جوا ام بحرا وحسب ما تقتضيه الخطة الموضوعة لحركة القوات العسكرية .
المادة 45
حق مجلس الامن باستخدام وحدات جوية من الدول الاعضاء في الامم المتحدة فوراً لأعمال القمع الدولية المشتركة.
المادة 47
تشكل لجنة (أركان الحرب) من رؤساء أركان حرب الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن أو من يقوم مقامهم تكون مهمتها ان تسدي المشورة والمعونة إلى مجلس الأمن في جميع المسائل المتصلة بما يلزمه من حاجات حربية لحفظ السلم والأمن الدولي ولاستخدام القوات الموضوعة تحت تصرفه وقيادتها ولتنظيم التسليح ونزع السلاح بالقدر المستطاع.
المادة 51
اشارت الى ان اجراءات مجلس الامن الواردة في المواد المذكورة انفا لا تعد بديلا عن (الحق الطبيعي للدول، فرادى أو جماعات، في الدفاع عن أنفسهم إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء “الأمم المتحدة”) إلى أن يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدولي مما يعني ان حق الشعبين الفلسطيني واللبناني في الدفاع عن نفسيهما وحقوقهما امام دولة الاحتلال الاسرائيلي وبالوسائل المناسبة والشرعية على وفق القوانين الدولية هو حق مكفول بهذه المادة من ميثاق الامم المتحدة الا ان العلاقات والمصالح الدولية جعلت الامم المتحدة تتعامل بازدواجية مع ما يعرض عليها من حالات فكل التصرفات الاسرائيلية وحروبها على الشعوب العربية واقتطاعها اجزاءا من الاراضي العربية ومجازرها التي راح ضحيتها الالوف من العرب لم يستطع مجلس الامن اصدار قرارات باعتبارها تصرفات تهدد السلم والامن الدوليين وذلك بسبب نظام التصويت المتبع في مجلس الامن الذي يعتمد على حق الدول الكبرى بنقض أي قرار لايتوافق مع مصالحها (الفيتو) حيث ان الولايات المتحدة الامريكية تعتبر التصرفات الاسرائيلية المذكورة تعزز السلم الدولي !!!.
ومن ركام هذه المواد الخطيرة والحساسة تعامل مجلس الامن الدولي مع الحالة العراقية الكويتية فصب غضبه من خلالها على الشعب العراقي وترك اقطاب الحكم الدكتاتوري الدموي يعيشون حياة رغيدة مرفهة وان كانت كرامتها مخترقة من قبل فرق التفتيش الدولية فالكرامة ليس لها محل في حياتهم …
الجزء الثاني سيتناول القرارات التي اصدرها مجلس الامن الدولي ضمن الفصل السابع والخاصة بالحالة العراقية الكويتية.