23 ديسمبر، 2024 2:13 م

الفصل السابع.. لعبة الدول الخروج من طائلته نصر دبلوماسي عراقي كبير

الفصل السابع.. لعبة الدول الخروج من طائلته نصر دبلوماسي عراقي كبير

في السابع والعشرين من حزيران الماضي اصدر اعضاء مجلس الامن بالاجماع القرار رقم 2107 الذي يؤكد على خروج العراق من طائلة احكام الفصل السابع، وهو الاعتراف الدولي الاول منذ اكثر من عقدين من الزمان بأن العراق نفذ كل التزاماته وإنه عاد الى المجموعة الدولية في كامل سيادته وقدرته على تبوء مكانته، ويحق له ما يحق لغيره من الدول الاعضاء في الامم المتحدة تزويد نفسه بكل احتياجاته من التكنولوجيا الى السلاح الى التحكم بثرواته الوطنية ..
  وفي هذا السياق والحق يقال بأن وزير الخارجية هوشيار زيبارى كان قد عمل طيلة سنوات هو وفريق عمله الدبلوماسي المستحيل لكي يقنع المجموعة الدولية بأن بلاده لم تعد تهدد السلم والامن الدوليين ..
ومقالنا هنا يحاول ان يبين كيف دخل العراق تحت طائلة الفصل الخامس وكيف خرج منها .. والبداية كانت بعد احتلال نظام صدام حسين للكويت الشقيقة، حيث قام المجتمع الدولي وتحت مظلة الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة بفرض العقوبات على العراق رسخت وفق قرارات كثيرة فرضها مجلس الأمن ولعل أشدها القرار رقم 687 في عام 1991 الذي حدد شروط وقف إطلاق النار وألزم العراق من خلاله دفع نسبة كبيرة من أمواله وإيراداته  كتعويضات للكويت وللشركات وللدول وللأشخاص المتضررين من هذه الحرب إضافة إلى منعه من شراء أو حيازة المواد الكيميائية والبيولوجية، وقدرت تعويضات العراق للكويت بـ (53 مليار دولار) فهي بذلك وقفت عائقاً مباشراً أمام تقدم العراق تكنولوجياً وثقافياً وعلمياً وعرقلت نموه الاقتصادي والاجتماعي وحاصرته دولياً من خلال مقاطعة الأسرة الدولية له، حاول العراق حينها إيجاد طريقة لإدامة العيش لان مثل هكذا قرارات هي في حقيقتها تؤثر على المواطن بصورة أكبر وأعمق من تأثيرها على قيادات البلد، لذلك اتفق النظام العراقي السابق مع المجتمع الدولي على طريقة هي في حقيقتها تمثل نشاطاً إقتصادياً دولياً فريداً من نوعه أُطلق عليه (برنامج النفط مقابل الغذاء والدواء) وفتح لهذا البرنامج حساباً خاصاً لإيداع أموال العراق فيه مع استقطاع 30% من إيراداته وإعطائها للكويت كتعويضات وكان هذا الحساب تحت تصرف الأمين العام للأمم المتحدة حصراً، فكان هذا البرنامج بالنسبة للعراق هو كإخراج سجين من زنزانة الحكم الإنفرادي إلى باحة ضيقة يجد المسجون فيها فتات العيش فقط، وبهذا بقي العراق مسجوناً تحت طائلة الفصل السابع مع إمداده ببعض المواد الغذائية والدوائية الأساسية القليلة لإدامة عيش المواطن دون تقدمه خطوة واحدة إلى الأمام.
 وبعد التغيير الذي حصل في نظام الحكم سياسياً واقتصادياً في عام 2003 سارعت القيادات العراقية الجديدة إلى مخاطبة الأسرة الدولية بصيغة جديدة تعكس روح النظام العراقي الجديد وفق مبادئ سياسته الخارجية الجديدة في مراعاة مبادئ حسن الجوار والتزامه بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وسعيه لحل نزاعاته بالوسائل السلمية، واحترام التزاماته الدولية، هذا السعي الحثيث استطاع في أول خطوة له نحو تحرير العراق من عقوباته أن يدفع مجلس الأمن إلى إصدار القرار المرقم 1483 في عام 2003 الذي انشأ بموجبه صندوق تنمية العراق DFI وأنهى الرقابة الدولية وقلل تعويضات العراق للكويت إلى 5%، إلا انه بقي يُنظر للعراق على انه من بلدان المخاطر الإستثمارية كونه لا زال تحت طائلة الفصل السابع رغم تمتعه بفوائض إقتصادية كبيرة، لذلك بدا العراق كمسجون خرج من الباحة الضيقة إلى باحة أكبر يشم فيها رائحة الحرية ويرى جيرانه الأحرار فشهد انفتاحا إقليمياً ضيقاً على دول الجوار وبعض الدول الآسيوية لإشباع حاجات السوق وتعويض النقص الحاد من إنتاجه المحلي ولكنه لا زال مسجوناً ومقيداً ينظر إليه بريبة وحذرٍ شديدين، ومع ذلك حققت الدبلوماسية العراقية انجازات عديدة منها :
• شهــد تاريـخ 15/12/2010 صـدور قـرارات أمميــة جديـدة تصـب فـي مصلحـة العـراق وهـي (1956 و 1957 و 1958) هذه القرارات شكلت نقطة البداية في طريق مشوار العراق لاستعادة مكانته الدولية وكان الهدف منها إنهاء مفعول القرار الدولي 687 الصادر في عام 1991.
• ساهمت جهود دبلوماسية عراقية مكثفة مستندة على اتخاذ القرار السياسي الصحيح ودعمتها وعززتها الجولات المكوكية التي قام وزير الخارجية وفريقه المختص لإقناع صناع القرار في بلدان العالم، واقناع الكويت بأن عراق اليوم أصبح صديقاً للجميع ولا يحمل مخاطراً لجيران ولا يهدد الدول الأخرى .
•  وفي جلسة حاسمة لمجلس الأمن يوم 27 حزيران 2013 شارك فيها وزير خارجية العراق السيد هوشيار زيباري، صدر قرار 2107 بالإجماع وأخرج العراق من أحكام الفصل السابع، ليرى العراق نور الحرية ويرجع إلى أحضان الأسرة الدولية، لقد جاء خروج العراق هذا تكليلاً للجهود الكبيرة التي بذلتها الحكومة العراقية ووزارة الخارجية،
  إن خروج العراق من الفصل السابع له بعدان : الأول معنوي يتمثل بإحياء الروح الوطنية في قلب المواطن ويعزز مكانته عالمياً لأنه أصبح حراً من كل القيود ولا ينظر إليه بأنه مهدداً للسلم والأمن، وهو بُعد يمثل الأرض الخصبة لإحياء مصالحة وطنية شاملة، والبعد الثاني مادي يتمثل في التخلص من تركة كبيرة ومقيدة للعراق عبر سنوات ظلت مسيطرة وخانقة لأي تطلع عراقي وطني في المحافل الدولية ووقفت عائقاً أمام تقدمه تكنولوجياً.
  وفضلاً عن هذين البعدين هناك حاجة لاستراتيجية اقتصادية جديدة للعراق يمكن ان تتحقق على مرحلتين : الأولى وهي أن يخطب العراق ود جميع الشركات العالمية لمساعدته في إعادة إعمار بناه التحتية وفتح مصانعه المغلقة والانفتاح على الأسواق العالمية، والمرحلة الثاني تتمحور في القدرة على جذب الاستثمارات العالمية وتوفير كل الفرص الاستثمارية على مستوى التسهيلات المالية والقانونية .
   وغني عن البيان بأن مناخ الاعمار والاستثمار لا يتحقق في ظل الاوضاع الامنية المضطربة والخلافات بين اطراف العملية السياسية، لذلك تقتضي المرحلة بذل الجهود الاستثنائية لتوفير الامن والاستقرار اللازمين .