المليشيات هي جماعات مسلحة غير نظامية تعمل باسلوب حروب العصابات خارج اطار القانون والشرعية. بحسب هذا التعريف الدولي فداعش واخواتها الصدامية والسلفية والاخوانية والعشائرية هي المليشيات المسلحة غير النظامية التي لاتعترف بالقانون ولاتمتلك حتى الشرعية (السنية)، مليشيات تكون بعضها من عصابات ايتام النظام الصدامي البائد وافراد قواته القمعية واجهزته الخاصة وبعضها الآخر من الجماعات الوهابية القاعدية التي جذبها الاميركان الى العراق بعد فتح حدود العراق لفلول القاعدة وفق (نظرية صحن العسل) فتجمعت الحشرات والفايروسات الوهابية حوله لتستثمره بدلا من القضاء عليه وفق ستراتيجية الضربة الاستباقية التي تبنتها الإدارة الاميركية بعد هجمات 11 ايلول / سبتمر عام 2001 والتي تقوم على اساس نقل المعركة خارج الحدود الاميركية ومجالها الامني فضلا عن اشغال الساحة الاسلامية بفتن واضطرابات طائفية تتبنى الادارة الاميركية عملية ادارتها.
في اطار التصدي الطبيعي والمشروع للاحتلال الاميركي للعراق عام 2003 برزت فصائل مقاومة نظامية حقيقية طردت الاحتلال الاميركي واكتسبت شرعيتها الاساسية من قيامها بمسؤوليتها امام الله تعالى الذي كلف الانسان بمقاومة الظلم والفساد في الارض، فصائل بدأ العمل على تشويه صورتها مبكرا عبر ربطها بارهاب المليشيات الصدامية والقاعدية التي رفعت شعارات المقاومة الزائفة للاساءة الى فصائل المقاومة الحقيقية وسلب الشرعية من عملها وسلب روح الدفاع والإقدام من ابناء المجتمع ولتبرير الاستهداف الاميركي لها وهي تُعيد الكرة مرة اخرى عبر محاولات تشبيه الفصائل والحشد بداعش.
هذه الفصائل التي تقاتل بعنوان الحشد الشعبي القانوني والشرعي امتلكت الخبرة الكبيرة في حروب العصابات والكفاءة القتالية النظامية العسكرية فقدمت وصفة جديدة مزجت بين الطريقتين فرضتها الساحة العراقية وامتازت بالتنظيم العالي وقوة الحضور في الشارع العراقي والقدرة على استيعاب الشباب المندفع للدفاع عن دينه وارضه والملبي لفتوى المرجعية الدينية وهي اليوم بعد التصدي البارع للهجمة بوارد اسقاط المشروع الاميركي بالقناع الداعشي وملحقاته كجيش العشائر تحت يافطة الحرس الوطني واسقاط الوصفة السياسية الاميركية للعراق (الجديد) ما بعد داعش ما سينعكس على المعادلات والتوازنات السياسية ويهيء لانتاج ظروف سياسية جديدة ومناخ ايجابي بإرادة وطنية ومسار سليم يقود زمام المبادرة وينهي مرحلة الفجور السياسي للطبقة السياسية الحاكمة.
اثبتت فصائل المقاومة والحشد الشعبي انها اكبر من قوة شعبية قامت برد فعل انفعالي ضد عدو همجي تديره وتوجه حركته ومساره قوى عالمية عن طريق اجهزتها المخابراتية بل هي قوة اقليمية قاهرة وان لم تتضح صورتها الكاملة غيرت المعادلات ومنعت تغيير ميزان التوازنات الاقليمية والدولية لصالح الادارة الاميركية وتكريس الخرائط الجديدة بل قامت بتغييره لصالحها ولصالح قوى محور المقاومة باسقاطها مشروع داعش لتمهد لرسم خرائط جديدة ولتؤكد هذه الفصائل على انها المضاد الحيوي الفعال الخالي من المضاعفات الثانوية ضد فايروس داعش المصنع في المختبرات السرية للمخابرات الاميركية ما يثير الشكوك وعلامات الاستفهام الكبرى التي قد تشير الى لعب دور مشبوه من خلال الدعاوى العراقية الرسمية المتكررة التي تطالب ما يسمى بالتحالف الدولي لحضور اقوى ودور اكبر في مواجهة تنظيم داعش رغم ان العديد من الوقائع والادلة اثبتت ان التحالف المزعوم يقوم بدور ادارة هذه التنظيم وحمايته على حساب العراق ومنظومته العسكرية الجديدة في اطار ايجاد حالة من توازن القوى بين حلفائها ووكلائها ومنهم داعش وبين اعدائها وفي مقدمتهم العراق وقواه لتسهل عليها ادارة الصراع بعد استنزاف اطرافه.
مرحلة توظيف الفعل الميداني الباهر الى فعل وطني وسياسي واجتماعي وثقافي اصيل بدأت وعملية استثمار الجهود النوعية والتضحيات الكبيرة لفصائل المقاومة وسرايا الحشد الشعبي انطلقت وبدأت دماء الشهداء تسري في عروق وشرايين العراقيين وتحرر عقولهم ونفوسهم من مخلفات الاحتلال وتطهرها من فايروسات الطائفيين وآثار تحريضهم وتطوي صفحة ودور سياسيي الصدفة النفعيين والانتهازيين والمتاجرين بدماء العراقيين وتوقف تداعيات وآثار فجورهم الاخلاقي والسياسي على الواقع العراقي وواقع المنطقة برمتها.
لهذا يصر اصحاب العقد النفسية والفايروسات الطائفية فضلا عن الدواعش المقنعين وبعض انصاف الكُتاب والمثقفين المجندين والمرتبطين بالسفارة الاميركية في العراق على الاساءة لها في اطار حملة منظمة واطلاق وصف المليشيات عليها ليترسخ في الاذهان ويتحول بمرور الزمن الى بديهيات ومسلمات على طريقة إعلام النفاق والدجل العربي الذي اشاع – مثلا – مقولة (الاحتلال الايراني للعراق) في زمن الاحتلال الاميركي!! الذي عاث فسادا وخرابا في العراق واتبع سياسية الالغاء والمحو المنظم والممنهج لكل مشاهد ورموز ومظاهر ومصاديق تاريخ واصالة وثقافة وحضارة العراق فضلا عن ممارسات الابادة المنظمة وتلويث البيئة وتبديد الثروات والتأسيس لنظام سياسي هجين زرعت فيه كل عناصر التفجير وعوامل الانهيار المنظور ما انعكس على واقع العراقيين السياسي والاجتماعي والاقتصادي والصحي والتربوي وأورثهم داعش!!!!.