الحياة على الأرض عبارة عن لوحة فنية متعددة الألوان والرموز ولكل منها دلالاتها ومعانيها، فاللون الغامق فيها إشارة الى ما يعتري حياة الإنسان من صعاب وعراقيل، واللون المفتوح دلالة لما يفتح للإنسان من أبواب وما يحققه من أهداف بيسرٍ وسهولة، هذا رأينا وإن لم أكن فناناً بل إنها تعبير عن طريقة فهمنا لمجريات الحياة.
من يملك الطموح الذي بدونه لا يكون للحياة معنى ويخبأ بين أضلاعه أهدافاً وهمةً عالية ويعمل بشكل دؤوب للوصول إلى ما رسمه وخطط له ويسعى لتحقيقه، فالحياة يبدأ بالعمل وبذل الجهد لتحقيق الأهداف فالعلم بالتعلم وعلينا أن نأخذ بالأسباب ونسعى وبعدها نتوكل على الله القادر على كل شيئ.
من يعمل عليه أن يتوقع الفشل والوقوع، فليس النجاح حليف العاملين في كل زمان ومكان، ومنهم من يستسلم ويرضخ لإرادة الآخر ويتعثر في الطريق ويحرم من لذة تحقيق الهدف ويفقد نشوة النصر والوقوف في الأعالي والقمم، ولكن من أراد العلى سهر الليالي وشق سبيله بين الأشواك ويصل إلى ما يصبو إليه، أي أن طريق النجاح ليس مفروشاً بالورود والرياحين ولا يشم منها رائحة المسك.
الإنسان الناجح هو صاحب الإرادة القوية والهمة العالية والصابر المثابر، أي ان الفشل والوقوف في وسط الطريق داء يصيب الذين يستسلمون بالسرعة ولا يستطيعون المقاومة وهو مرض عضال لا يسلم منه أي مجال في الحياة،
العمل الأمني الذي يقوم به الأجهزة الأمنية التي تنوط بها مهمة حماية حياة المواطنين وممتلكاتهم وحفظ الأمن والنظام في الدولة، هذه الأجهزة تعمل ليل نهار وفق خطط أمنية استراتيجية قصيرة وبعيدة المدى ضمن إطار قانوني مرسوم لها وفق القوانين التعليمات الصادرة من السلطة التشريعية، كفاءة ونجاح هذه الأجهزة تعتمد على مدى أمتلاكها لرؤية أمنية شاملة و واضحة ومنسجمة مع الواقع، تبذل هذه الأجهزة قصارى جهودها للوقوف أمام كل ما يهدد أمن بلادها ويعرض حياة مواطنيها للخطر، فالعمل الأمني لا يسلم من الفشل بل قد يكون إصابته به أكثر فعالية وتأثيراً.
الفشل الأمني في لأبسط تعريفه تعني عدم قدرة الجهاز الأمني على القراءة الصحيحة والدقيقة لحدث أو قضية تمس أمن البلد، فيصيبه الافراط أو التفريط أي بالزياد أو النقصان، سواء كان هذا الإخفاق في مرحلة التوجيه أو الجمع والتحليل أو من قبل صانعي القرار في أعلى الهرم الحكومي.
الاجهزة الأمنية كالاجهزة والمؤسسات الأخرى لا يخلو عملها من وجود الفشل على الرغم من حساسيته وأهميته ودقة تنفيذه، ويختلف مكان حدوث الفشل في الاجهزة الأمنية سواء كان في مرحلة التوجيه أو جمع المعلومات أو التحليل الاستخبارى لها ضمن دورة المعلومات الأمنية وقد يكون الفشل الأمني بسبب صناع القرار في الدولة، بأعتبار أن الأجهزة الأمنية تقوم بجمع المعلومات وتقديمها لصناع القرار بعد تحليلها ليكون أساساً لأتخاذ القرارات اللازمة بشأن القضية التي تم جمع المعلومات عنها، كما وقد يحدث الفشل عند وجود خلل يشوب علاقة الجهاز الأمني مع صانعي القرار في البلاد.
للفشل الأستخباري مؤشرات عديدة منها زيادة في أرتكاب الجرائم وخاصة الجريمة المنظمة وحدوث أغتيالات سياسية تطال الشخصيات المهمة من القيادات السياسية والاجتماعية والرموز الوطنية، وكذلك عدم قدرة الأجهزة الأمنية من كشف الجناة وملاحقتهم وتقديمهم للعدالة، بالإضافة إلى وجود شبكات تجسس تعمل لصالح الدول والجهات الأخرى، وتمكن الجماعات الأرهابية والخارجة عن القانون من القيام بعمليات التفجير سواء عن طريق السيارات المفخخة أو المواد المتفجرة ضد المؤسسات الرسمية في الدولة والبنية التحتيتة لها وإلى غير ذلك من المؤشرات التى تدل على الفشل الأستخبارى وعدم القدرة على جمع المعلومات اللازمة عن هؤلاء.
هناك أمثلة كثيرة لفشل الأجهزة الأمنية في العالم ولكن الملفت للنظر أن الدول الأوروبية وأمريكا وكندا أكثر استعدادا للأعتراف بفشل أجهزتها الأمنية من الدول النامية والشرق أوسطية التي تجعل من الضرورة بقاء الأمور سرية وطي الكتمان، وهذا يدل على الشجاعة والجرأة والأستفادة من الأخطاء والتجارب السابقة، كما يدل على رغبة تلك الأجهزة لتقييم أداءها باستمرار وتكون بمستوى الأحداث والمواقف، ومن هذه الأمثلة فشل وكالة الأستخبارات الامريكية في توقع حدوث الثورة الإيرانية عام 1979 وأنهيار الاتحاد السوفيتي السابق عام 1990وحادثة تفجير برجي التجارة العالمية في 11 سبتمبر 2001 وعدم التوقع بسقوط كابول عاصمة افغانستان بيد طالبان في فترة قصيرة وفشل الاستخبارات الفرنسية في توقع الحرب الروسبة الاوكرانية بهذه السرعة وهكذا …
بأذن الله تعالى سيكون مشروعنا القادم بحث بعنوان( الفشل الاستخباري دراسة عملية ) نسأل الله العلي القدير ان ييسر علينا ونطلب الاخوة الاعزاء ابلاغنا بملاحظاتهم وآرائهم إغناءاً للموضوع ونكون شاكرين والله ولي التوفيق….