7 أبريل، 2024 2:14 ص
Search
Close this search box.

الفساد والاعتداد بالإثم في العالَم الثالث

Facebook
Twitter
LinkedIn

التكافلُ الاجتماعيّ الأصل في الإسلام، يتبنى العُرف الإيجابيّ ومِثالَه «حِلف الفضول» في الجّاهلية مِن أحلافٍ أربعة شهدتها قريش، قام في الدَّعوة للحِلف الزُّبير بن عبدالمُطَّلِب الهاشميّ القرشيّ، وعُقِد في دارَة ابن جدعان التيمي القرشيّ أحد سادات قريش، بين عدد مِن عشائر قريش في مكّة، في شهر ذي القعدة سنة 590م بعد شهر من انتهاء حرب الفجّار بين كنانة وقيس عيلان وقد شهد النبي محمد (ص) ذاكَ الحِلف وله من العُمر 20 سنة، آنَ تنادى بنو هاشم وتيم وكِلاب وزهرة وتصافقوا على أن لا يُظلم أحد في مكّة إلّا ردّوا ظلامته. وقال النبي: «شهدتُ مع عمومتي حِلفاً في دار عبدالله بن جدعان، لو دُعيت به في الإسلام لأجبت».

كانَ أتى رجل مِن زبيد خرَج بتجارةٍ فاشتراها مِنه العاص بن وائل وكان ذا قدر بمكّة فحبس عنه حقه فاستعدى عليه الزُّبيدي: عبدالدّار ومخزوم وجمح وسهم وعدي، فأبوا أن يُعينوه وانتهروه، فصعد الأسدي جبل أبي قبيس عند طلوع الشَّمس وقريش في أنديتهم حول الكعبة ونادى يجأر ويستجير الجّوار الصَّريخ؛ فاستصرخه. الفضول تكافل وضمان اجتماعيّ أصل ثورَة الإسلام على طبقة أمثال العاص بن وائل وابن أبي سُفيان الَّذي تحدَّرَ مِن صُلبه رَمز الثورَة المُضادَّة على رموز يسار الإسلام، الصَّحابة: عليّ بن أبي طالب وعمّار بن ياسر وبلال الحبشي ومُنتبذ غبراء الرَّبذة أبو ذرّ الغفاري. يسارٌ خيرٌ مِن ألفِ شَهر مُلك مُعاوية الاُمويّ العقيم العضوض الفاتح التوَسعي بغير سَماحة وسُموّ دَعوَة السَّلم: “ أمَـويُّـونَ، فإنْ ضِقْـتِ بهم * ألحقـوا الدُنيا بِبُسـتانِ هِشَـامْ بن عبدالمَلك بن مروان! ” (على ذات النهج دُنيا اليوم حديقة خلفية للبيت الأبيض الأميركي). يسارُ خاتم الإبراهيميَّة الحنيفة، سَبقَ بقرون زَمَن الامبراطوريَّة السُّوفييتيَّة الماضويّ الغابر، عبَّرَ عنه ابن عمّ الرَّسول: “ لو كانَ الفقر رجُلاً لَقتلته، ما جاعَ جائِعٌ إلّا بما مُتعَ به غني!” (قولٌ قبل قرون مِن اكتشاف كارل ماركس للقيمة الفائِضة) على يد العامل الَّتي حضَّ رسول الإسلام على تقبيلها وإعطاء حقّ العامِل قبل أن يجفَّ عَرَقه، ويد المُستغِـلّ والمُتطفل الأعسر، نجسه. الرَّئيسُ اليسارَويُّ البرازيليُّ الفاسِد Luiz Inácio Lula da Silva المولود في 27 تشرين الأوَّل 1945م مطلوبٌ للعدالة بعد أن حكم البرازيل لمدة 8 سنوات بين 1 كانون الثاني 2003- 1 كانون الثاني 2011م، وفي الشهر التالي شباط 2011م، رفع المُدَّعي العام الدَّعوى القضائيَّة ضده بـ6 تهم مِنها؛ غسيل الأموال وحصولِه على رشا وسوء استخدام الأموال العامّة في تمويل حملته انتخابية عام 2004م، التي تكلَّفت 40€ مليون يورو، وطالب بتجميد مُمتلكاته وتسليم نفسه لحبسِه 12 سَنة وكانت وثيقة قضائية أظهرت أن أعلى محكمة استئناف في البرازيل رفضت أمس الجُّمُعة، أحدث طلب من الرَّئيس السّابق للبقاء خارج السَّجن إلى أن يستنفد جميع الطُّعون القانونيَّة على إدانته ويرف تسليم نفسه للعدالة. في القُطر الاُوربيّ اليونان حكومته اليسارويَّة أيضاً تُعاني الفساد فضلاً عن الفشل الاقتصاديّ الذي أثقلَ كاهِل عُموم الاتحاد الاُورُبي. اُختير شخصية العام 2009م من قبل صحيفة العالَم (Le Monde) اليسارويّة الفرنسيَّة وفي السنة التالية مِن قبل مَجَلَّة TIME الأميركيَّة الأكثر تأثيراً في العالَم. عُصاميٌّ تعلَّم القِراءة بعدَ العاشِرَة مِن عُمره، وعاش مُشرَّدَاً في الشَّوارع وعامِلاً في المصانع وباسم الشّارع والشَّعب أعلَنَ مَزادَه السَّمساريّ اليسارَويّ البروليتاريّ، ويقول عن نفسِه: «علَّمتني أُمّي مرفوع الهامَةِ أمشي وأحترم نفسي حتى يحترمني الآخرون!». شهدت أميركا اللّاتينية العقود الخمسة الأخيرة المُؤتأرجحة بين الديكتاتوريات العسكريّة الدامية وبين الثورات الشَّعبويَّة واليسارويَّة المُسلّحة التي تفجّرت ضد أنظمة القمع والإقطاع والاستبداد، انتهت بإرساء أنظمة كانت في أحيان كثيرة أشدّ قمعاً واستبداداً. مُنذ العام الفارط هيمنة الأحزاب والقوى اليسارويَّة والشَّعبويَّة على المشهد السّياسي خلال العقد الأخير مِن القَرن الماضي والعقد الأوَّل مِن القَرن الرّاهن، بدأت تتجه نحو الأفول أمام تقدّم الأحزاب اليمينية في بلدان العالَم الثالث مِثل الأرجنتين والبرازيل وبيرو وبرغواي وتشيلي وغواتيمالا. في سبعينات وثمانينات القرن الماضي تراوح بندول النمو الاقتصادي بين 4 % و5 %، مقارنة بمعدل 2.5 %، الذي استقرّ عنده النمو منذ الاستقلال تقريباً حتى منتصف ستينات القرن الماضي، مع ارتفاع ريع النفط ومعظم المواد الأوليَّة وفورة استثمارية وارتفاعاً ملحوظاً في الإنفاق العام، وشاعت أجواء رخاء اقتصادي لترسّخ الديكتاتوريات العسكرية التي كانت سائدة في نحو نصف بلدان أميركا اللّاتينية. وساد اعتقاد بأنَّ تدنّي مُعدلات البطالة نتيجة لتثبيت الأمن الاجتماعي و الاستقرار على يد الأنظمة.

مُذكرات رئيس جهاز المُخابرات الصَّداميَّة « برزان التكريتي » الأخ غير الشَّقيق لصدّام، بعُنوان “ السَّنواتُ الحُلوَة والسّنين المُرَّة ” تقع في 428 صفحة مِن القطع الوَزيري، عثرَ عليها الاحتلال الأميركي للعِراق ونشرها على موقع أميركي على شبكة النت مُتضمنة مُلاحظات المشنوق برزان بخطِّ يده، نشرتها (مكتبة المجلَّة) مع مُلاحظات برزان، في طبعةٍ ثانية دون مُوافقة ورثة برزان، وقد كتب الناشر مُقدِّمَة للمذكرات للتعريف بمضمون، وقد تمّ تقسيم الكتاب إلى شِقين، الأوَّل تضمن نبذة تاريخية وجيزَة عن حياة برزان ومشاركته مع أخيه صدّام في صفوف حزب البعث، وإشغاله منصب مُدير المُخابرات العامَّة العِراقية، والشِّق الثاني مُذكرات برزان التكريتي اليوميَّة مع عائلته في جنيف حتى موت زوجته أحلام وأسفه عليها. ففي ص 6- 16 مِن المذكرات يصف برزان عناصر حكومة البعث في اسلامهم للسلطة عام 1968م قائلاً “كانت علاقتهم ممتازة واستمرت إلى ما بعد استلام السلطة بسنتين تقريباً، وبدأ التنافس على الغنيمة، وهذا أمر طبيعي في عمل الأحزاب الثورية والعصابات، لأن كل الأحزاب الثورية والعصابات يبدأون بتصفية بعضهم بعد سرقة البنك أو بعد الوصول للهدف… …، لم تكن لصدّام علاقة مع عمامة لأنهم تبرأوا مِنهُ عندما قام بقتل الحاج سعدون أحد أقربائنا”. “ولكن مع الأسف كُلّ هذه الأجواء الجَّميلة والطَّبيعية اختفت بعد أن وصلنا إلى القصر الجُّمهوري وتمَّ استملاك الأراضي والدُّور، وتمَّ مُصادَرَة المرافق العامَّة في هذه المِنطقة الجَّميلة وتمَّ تحويلها إلى مُعسكر مُختلف وليس إلى مُعسكر مُنظم… ومُنذ ذلكَ الوَقت بدأت نظرية المُؤامرَة التي لم يتخلَّص مِنها أهل القرار لحدِّ الآن، مع الأسف، وكُلّ شيء يوعزوه لوجودِ مُؤامرَة ومُتآمرين، ناسين انهم أشدّ المُتآمرين على انفسهم وعلى شعبهم”. ويروي برزان في ص 32 حادث إعدام ناظم كزار مُدير الأمن العامَّة لمحاولته اغتيال البكر وقتله لحماد شهاب واصابته البليغة لسعدون غيدان، وأرادت عائلة وأقارب سعدون حمادي الاقتصاص مِن ناظم كزار، ونتيجة الخلافات بين صدّام وبرزان اُحيلة الأخير على التقاعد مِن المُخابرات واُحتجزَ في داره ومراقبته يوميَّاً لاتهامه بمُحاولة قلب النظام، وفي مخيلَة صدّام أنَّ برزان بعد أن شَكَّل مُؤسَّسة الأمن وشارك بشَكل رئيس في صناعة الأسلحة السّتراتيجيَّة وبحوث الطّاقة الذريَّة بإشراف المُخابرات، والشُّروع بمشروع المِدفع العملاق وقبله السّلاح الكيمياويّ والجرثوميّ، وبعد أن عرف صدّام هذه الحقيقة اعدم مدير الصنف الكيمياوي في وزارة الدفاع العميد الركن نزار النقشبندي وترك برزان العمل نهاية عام 1983م. عن صدّام ص 38 “والسَّبب الذي يدفعه لكي يزعل نفسه لأنه شكوك مِثل أيّ حاكم مُشابه له وينتمي لنفس المدرسة، وقبل ذلك لأنّ ظروف نشأة ابو عدي غير طبيعية ومبنية على حسابات الفرصة والمُؤامرَة والتخلّص مِن الآخرين اللَّذين يحضون باحترام اجتماعي أو مِهني أو سياسي لأنه يعتقد انهم الخطر الحقيقي عليه؟!”، حتى الزيجات التي حصلت داخل العائلة كانت تتم من خلال العقلية العشائرية واجبار البنت على الزواج من ابن عمها دون الرّجوع إلى رَأيها ورغبتها، ما يؤكد في ص 40/43. في ص 45 حالات المضايقات والاغتيالات والاختطاف للعناصر المُقرَّبة مِن برزان امثال فؤاد الوتار والمُهندس فاضل عجينة والمُهندس المُقاول واركيس درزي، ومُحاولات انتحار عدي صدّام ومُحاولة قتل والده بسبب الاختلاف حول سلوكيَّة عدي وقتله لكامل حنا الطَّباخ الخاصّ لصدام، في ص 58 عندما حاول عدي طلب اللّجوء إلى اميركا مِن خلال الاتصال بالسَّفارة الاميركيَّة وطلبه تسهيلات للذهاب إليها “.. فيبدو أنه (صدّام) اتفق مع حسين وصدام كامل على اعتقال عدي، ففي هذه الاثناء هجم الأخوين على عدي واعتقلوه ووضعوا الوثاق (الكلبجة) بيديه أخذوه إلى الرَّضوانيَّة” (حيّ/ مِنطقة الرَّضوانيَّة مِن العاصِمة بغداد/ مَبنى الجّامِعة الأميركيَّة). برزان توَجَّسَ مِن صدّام وعائلته، ورغبَ بالخروج من العِراق بأيّ شَكل، وقد ذكر قائلاً لزوجته التي يلقبها بشجرة الدُّر في ص 61 “قررنا شجرة الدر وأنا أن لا مُستقبل لنا في هذا البلد وفي ظِلّ هذا الحكم وهذه العقليَّة.. لأن أهم شيء غير متوفر لتنفيذ قرارنا ألا وهو المال لأننا لا نستطيع العيش خارج العِراق بأمكانيّات شِبه مَعدومة… مُضاف لذلك منع السَّفر الذي فرض عليَّ وعلى عائلتي”، وعند مرافقة برزان لعدي في سفره إلى جنيف بسبب مقتل كامل حنا على يد عدي، وما سبَّبه عدي لبرزان مِن مشاكل في ص 67 برزان يذكر” حقائب سفر عدي التي مُلأت بالدُّولارات مع صديقه عبدالوهاب، وجلب عدي سفرته هذه اكثر مِن خمسين بدلَة واكثر مِن عشرَة معاطف فرو مع الشَّفقات التي تجلب الانتباه … تصوَّر كان يذهب للنوادي اللَّيلية ويأخذ معه النركيلة فيصبح فرجة للناس وقسم مِن الناس يعتقدون أنه يُدخن الحشيش”. يذكر برزان تصرّفات قصي صدّام في بون في ص 73″لقد زارني هوشنك في بداية الشَّهر الاوَّل مِن سنة 1989 في جنيف، واخبرني بأنَّ قصي كان في بون ومعه شلّة مِن رجال الاعمال العِراقيين مِنهم اسعد طعيمة وآخرين يتردّدون على العِراق وآخرين لم يزوروا العِراق مُنذ وقت طويل، وقال عندما كانوا في الفندق قال احدهم لهوشنك هل تستطيع احضار شيء لنا (لنشمَّه) وكان واضح انه يسأل عن نوع من انواع المُخدّرات، فقال له هوشنك بعصبيَّة، ما هذا الكلام انه لا يتعاطى هذه الاُمور وحذرَه مِن ان يسمع قصي، فردَّ عليه قائلاً لا تخف اننا دائماً نقوم بالشَّم… فكتبت رسالة للرَّئيس بهذا الخصوص نبهه على ضرورَة الانتباه لأولاده… بعد ان انتهينا مِن العِشاء خرجنا وكانت سيارَّة تنتظر السَّيّد هوشنك لكن ليس لأخذه إلى بيته انما إلى الاستخبارات العسكريَّة وكلَّف الاخ سبعاوي بالتحقيق معه واُعدِم بعد ايّام”، حتى حادثة سقوط طائرة وزير الدّفاع عدنان خيرالله طلفاح يشك برزان من في مُذكراته أن حسين كامل مُدبر مقتله كي يستلم وزارَة الدّفاع بعده، ويذكر برزان خيانة حسين وصدّام كامل وهروبهما إلى عمّان للالتحاق بالمُعارضة، وعودتهما إلى العِراق ومقتلهما على يد علي مجيّد وأفراد العائلة.

https://kitabat.com/2018/04/06/في-البدء-كلمة-اقرأ/

https://algardenia.com/2014-04-04-19-52-20/fereboaliraq/34044-2018-02-07-10-37-35.html

لِكُلِّ فِرْعَوْنَ مُوسَى.. فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ سورة [الذاريات 40]. ولِكُلِّ صدّام وبرزانيّ مَنْ أعانَ فرعونَ {الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَؤُلاء أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلاً} [النساء 51] {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا.. إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} [القصص 4]. وَفدَ الفسادُ السِّياسيُّ إلى المَنفى العِراقَ وَهُوَ اليومَ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ (مامِش مايل إلّا ويغرق/ شاعِرُ الشَّعب مُظفر النوّاب). صحافيُّ بغداديُّ بريطانيُّ الجّنسيَّة يروي «كُنت أرى وأنا طِفلٌ صغير، رئيس العائلة، النوّاب الكبير، يقف بدشداشةٍ بيضاء ولحيةٍ طَويلَةٍ بيضاء وصَلعةٍ تحيطها جدائل بيضاء. كان النوّاب مِن أُسَر الرّاجات الهنديَّة الحاكِمة، اتفقَ مَعها الانجليزُ على التخلّي عن مُلكهم والرَّحيل إلى مَنفى في بغداد تلقاءَ رواتب شهريَّة مُنتظمة تُدفع لهم باللّيرات الذهب. أسكنوهم بيتاً مُهيباً مُطِلَّاً على نهر دَجلَة الخير». شَماليّ نهر النيل فِرعون الانقلاب السّيسي عاد إلى عالَم طفولته السُّفليّ مرَّةً أُخرى في خطاباته الرَّسمية، وقال خلال تدشينه مدينة العلَمين وعدد مِن المشروعات الأُخرى “.. وأنا صغير كُنت أمشي وأشوف المناطق العشوائيَّة والناس اللّي ظروفها صَعبة، وأقول يارَبّ لو ادِتني 100$ مِليار دولار أنا هصرفهم وهخلي الناس تعيش كوَيس، أُقسم بالله، بس أنا مش معاي الفلوس دي يا خسارة!.. يا سلام، هو قالي طيّب أنا هَمكّنك أهو، ويالله وَرّيني هاتعمل إيه؟”. ثرثرَةٌ فوق النيل قوبلَت بالسُّخرية على وسائل التواصل الاجتماعي، بين التغريدات والتعليقات كتبَ أحد المُدوّنين ” وانت صغير كان الدولار بـ40 قرشاً… بالعقل تتمنى 100$ مِليار جنيه يابرنس مش بالدولار… نفسي اصدّقك “، ودوَّنَ آخر “كفايه دَجَل وضحك علي الذقون إيه القرَف دي قبل الغِده”، بعد العِشه يحلى الهزار والفرفشه. على حوض نهر الفرات، القياديُّ في الجَّيش السُّوري «سُهيل الحَسَن»، المُلَقب بـ“ النـَّمِر” يُخاطب أنصاره، بزيّه العسكريّ قائلا إنه “يعشق الموتَ مِن أجلهم” وأنه “لا رَجعةَ لَه لا إلى ابن ولا أُمّ ولا أب ولا مَنزل، سنُقاتل حتى ظهور المهديّ المُنتظر أو الانتصار”. في مُوازاة النصوص التوراتيَّة وتأويلاتها، أوّل رئيس حكومة إسرائيلي دافيد بن غوريون، في ورسالته الشَّهيرَة إلى مجمع الحاخامات سنة 1947م «ليس لدينا نيّة لإقامة دَولَة ثيوقراطية»، مع ذلك، أُقِرَّ يومَ السَّبت نهار عطلة جُعِلَ الإغلاق فيه واقع، ما لا يتناساه «العلمانيون» ويذكّر به «المتدينون». أمّا فتوى ميريام ناعور، فأباحت افتتاح المتاجر في تل أبيب أيام السُّبوت: «يُحافظ أيّ فرد على شخصيَّة السَّبت، يتوجب عليه أن يصوغ سبته طِبقاً لطَريقتِه وقناعاتِه الخاصَّة، يملأه بالمُحتوى المُلائم لَه».صُعود وسُقوط في وادييّ الحضارَة الرّافِديَّة والنّيل بعد انقلاب عسكر العِراق ومصر، حيثُ نشأت طَبقة طُفيليَّة تنتحل الرُّتب العسكريَّة مِثل المُهيب الرُّكن الدّكتاثور صدّام وسِرّ أبيه الدُّكثور الأرعَن عدي، وابن عمّ الدّكتاثور المقبور حامِل اللَّقب العِلميّ كيمياويّ مُنتحِل رتبة الجَّنرال الزُّور علي كيمياوي أعلى اللهُ كعبَه شَنقاً، وسكرتير الدّكتاثور حامِل اللَّقب العِلميّ الدُّكثور عبد حمود، وحيثُ نشأت على الأثر طَبقة سياسيَّة مُزوّرَة للوَجاهَة الزّائِفة ولِشَهادَتيّ الإعداديَّة والبكالوريوس في وادي الرّافِدين/ اللّيسانس شَماليّ وادي النّيل، ترفِل وتستحوذ على الامتيازات الماديَّة والاعتباريَّة كالجَّوازات الدُّبلوماسيَّة بادِعاءات نيابيَّة برلَمانيَّة قانونيَّة شَرَّعتها لِنَفسِها غير النَّفيسة/ الخسيسة، لِتمثيل الفِئات المُستضعَفة في الأرض الرّافِديَّة والشَّمالنّيليَّة: عُمّال وفلّاحين، حتى وزارَة المرأة وزيرها أحد أشباه المُتعلّمين/ المُتفيقهين- المُثقفين مَجازَاً وتجاوزَاً على الثقافة، كما فعلَ تاجر في مجلس مُحافظَة المُثنى العِراقيَّة استبدَل اسم شارع الكورنيش على نهر الفرات باسم فاجر فاحش استراليّ سَبعينيّ مُتصابيّ بوهيميّ مُعتل عُتل هَمَّه ارتزاق عَلَفه بنظم باقات الشَّعير يحيى يموت!. اليوم.. لقبي بانتهازيَّتي في جُمهوريَّة العِراق كما كانت في المَملَكة المصريَّة؛ بفلوسي!.. إذ العديد مِنَ الرّاغبينَ في الوَجاهة الاجتماعيَّة التي تقدمها الكُلّيات التي فشلوا في دخولها كالرّاسبين الذين أدخلَهم حزب البعث الرَّث في دورات حزبيَّة سريعة إلى كُليَّتيّ الضّباط عسكريَّة وشَرَطَة، أو فشلوا في التفوّق فيها، ولذلك بدأوا يبحثون عن الألقاب التي – تعطي الوَجاهة النَّهّابة الوَهّابة! – على طريقتهم الخاصَّة. فاشتروا الألقاب مِن بعض المُؤسَّسات التي تهب الألقاب على غرار “دكثور” أو “مُستشار” أو “سَفير”.

أوَّل الألقاب التي يسعى الكثير مِنَ الگدعانمصريين للحصول عليها في عهد الانقلاب، لَقب المُستشار المُخصَّص لرجال القضاء تحديداً، لَّلذي يهب صاحبه العديد مِنَ المزايا، أهمّها الوَجاهة الاجتماعيَّة والَّذي مِنّو بتعبير الجَّدعنة/ العَلّاسَة عندنا في العِراق. وقد ظهرت مُؤسَّسات تعطي دورات في التحكيم الدّولي على أن يحصل الخرّيء/ الخرّيج مِن تلك الدَّورات على لَقب مُستشار بمقابل مادي زهيد لا يتعدّى 600 جنيه. وانضم الكثير لتلك الدّورات، وأصبحَ لَقب “مُستشار” مُتداوَلاً جدَّاً لدرجة أزعجَ رجال القضاء أنفسهم، وجعلَهم يبدلون لَقب مُستشار غير راضٍ بلقب قاضٍ، القاضي المصريّ كالقاضي البصريّ وائِل عبداللّطيف، تنازَلَ عن لَقبه دكتور!. وهنالك إقبال كبير على مَزاد لَقب “سَفير” العَلَني في هذهِ السّوق الحُرَّة الرّابحة مَعفيَّة الضَّرائِب، وذلك لما يترتب على هذا اللَّقب مِن تسهيلات لصاحبه مِثل الحصانة الدّبلوماسيَّة وغيرها من الخدمات الأُخرى. وفور انتشار لقب “سفير النوايا الحَسنة” مَلَصَ الفنانون والسّياسيون أصحاب الأدوار الاجتماعيَّة المرموقة مِن مَعايير حتى مَظَلَّة منُظمة الأُمَم المُتحدة، ويُعادل لَقب السَّفير الدّبلوماسي، وانتشرت الجَّمعيّات والمُنظمات الحقوقيَّة في مصر التي ادّعت أنها تستطيع أن تعطي هذا اللَّقب لِمَن يُريدَه بمقابل ماديّ كبيرحتى لو لَم يكُن يملِك دُبلوم تــُجارَة. ووصل سعر هذا اللقب في مصر عام 2017م إلى 12$ ألف دولار رُغم كونه لقباً غير رسميّ، وقد تمَّ القبض في العام نفسه على عصابة مُكوَّنة مِن زوج وزوجته يقومان بالنّصب على المشاهير مِن خلال سَحب مبالغ ماليَّة كُبرى مِنهم مُقابل إعطائهم لَقب سَفير نوايا حَسنة، وجواز سَفر دُبلوماسي مُزَوَّر. أشهر الألقاب التي يسعى إليها مُعظم الرّاغبين في الوجاهة الاجتماعية في مصر اليوم لَقب دكثور، الذي لا يحصل عليه إلّا مَن قام بعمل ماجستير ثمّ دكتوراه بعد تخرُّجه. وفي ظِلّ ذلّ صعوبة الدّراسات اللّازمة للحصول على لَقب “دكتور”، أصبح هذا اللَّقب كالألقاب الأُخرى يُباع ويُشترى مِن جامِعات ومُنظَّمات دوليّة في بريطانيا وهولندا وإسبانيا، وهذا ما كشفه أحمد العبّاسي الباحث الإعلامي مُدير وَكالة شاهد الإعلاميَّة الذي قرر أن يتقدّم بطلب لمجلس النّوّاب المصري للتدخل لإيقاف شراء الألقاب العِلميَّة مِنَ الخارج، وعلى رأسها بضاعَة لَقب “دكثور”. يقول العبّاسي لرصيف22 إنه رصدَ انتشار الألقاب العِلميَّة في مصر، خاصَّةً لَقب دكتور الذي أصبح مُلازماً لشخصيّات لم تكمل دراستها، إذ اشترت اللَّقب من جامعات بأميركا وبريطانيا وإسبانيا كي يكسبوا وَجاهة اجتماعيَّة للتعتيم الاعتباريّ تعوّضهم عن فشلِهم في التعليم. وأوضحَ العبّاسيّ أنَّ انتشار هذا اللَّقب الرَّفيع زاد عن الحدّ ما جعلَه يتتبع خطوات الشَّيطان للحصول عليه بطريقة غير رَسميَّة أو بمعنى أدَقّ بطريقة دفع الأموال لا الدّراسة والكفاح، فوَجد أنَّ هناك جامعات مِثل لاهاي ومُؤسسات كثيرَة تعطيه بمقابل مادي يُراوح بين 600$ دولار- 10$ آلاف دولار. ورأى الباحث الإعلامي المصري أنَّ ظاهِرَة التجارة في هذا اللَّقب تحديداً، مُحبطة لأنها تساوي مَن تعلَّم ودرس وبحث وتعب بمَن معه أموال ويبحث عن فقط وَجاهة اجتماعيَّة لا غير. هذا الواقع حثَّ العبّاسيّ على التواصل مع نوّاب في البرلمان المصري لإصدار قرار يحظر شراء الألقاب العِلميَّة، ويجعل لَقب “دكتور” محصوراً بالدّارسين والباحثين. وعلى سبيل المِثال لا الحصر، لا يزال لَقب العُمدَة في القُرى والنُّجوعِ مُجسّداً لشخصيَّة كبير البلد أو أهمّ مَن فيها رُغم أن هذا اللَّقب عبارة عن منصب للشَّخص المسؤول عن القرية، الذي تُعّيّنه الدّولة، وكانت له صلاحيات كبيرة في زَمن المَلكيَّة. وما زال الناس يستخدمون مجازاً لَقب الباشا وصفاً لشخص في منصب ما زالَ كعورَة عَمرو بن العاص مُعاصِرَة مصر وتُقبّح وَجهَ التاريخ. يرى الدكتور علي شوشان، الخبير النفسي الاجتماعي، أنّ سَعي الكثير مِن الناس للحصول على ألقاب لمّاعة، كالسَّفير والدّكتور والمُستشار حالياً، والباشا والبك في الماضي، قديم في المُجتمع المصري بقدم الفراعِنة. ويقول شوشان لرصيف 22 إن الألقاب كانت منُتشرة في مصر الفرعونيَّة كنوع من أنواع الطَّبقية يفرّق بين الفلّاح البسيط والملك أو الفِرعون ورَجُل الدّين الذي كان يلقب بالكاهن. مُشيراً إلى أن هذه الألقاب اختفت في بداية دخول الإسلام لمصر قبل أن تظهر مِن جديد أثناء الحُكم العُثماني، وبالتحديد مع محمد علي، الذي جعلَ مِن الألقاب جزءً أساساً مِن حياة المُجتمع الذي قُسِّمَ إلى أفندي وهو المُتعلّم البسيط، والبك وهو التاجر المُمَيَّز، وأخيراً فِئة الباشا وهو صاحب الثروات الطّائِلَة وفدادين الأطيان. تبلورت أهميَّة الألقاب في مصر مُنذ الحُكم المَلَكي، عندما كان المَلك مِن حقه أن ينعم بألقاب الباشويَّة والبكويَّة على مَن يريد، وكان هذان اللَّقبان تكريماً لِمَن يحصل عليهما. ففي وقت من الأوقات كان يدفع التجار والسّاسة آلاف الجُّنيهات مِن أجل الحصول على واحد مِن هذين اللَّقبين لكي يضيفوا إلى شخوصهم وَجاهة اجتماعيَّة تساعدهم في أعمالِهم. وقد كشفت الدكتورة ماجدة بركة في كتابها “الطَّبقة العُليا بين ثورتين” أسعار تلك الألقاب لِمَن كان يُريدها عن طريق الرَّشوَة، فسعر البكويَّة مِن 5 آلاف إلى 10 آلاف جنيه، وسعر الباشويَّة مِن 20 إلى 35 ألف جنيه، على أن تدفع هذه الأموال للقصر المَلَكي. ومع صعود ضبّاط انقلابي 23- 3 تُمّوز 1952- 2013م للسُّلطة وزيادة نفوذهم ونفوذ المُؤسَّسة العسكريَّة والأنظمة الأمنيَّة اجتماعياً سياسيَّاً، أصبحت الوَجاهة في الرُّتب العسكريَّة، وراحت بعض الأُسَر تُوَجّه أبناءها لِكُلّيتي الشّرطة والحربيَّة.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب