23 ديسمبر، 2024 6:21 م

الفساد المالي ..الاحتباس الحراري اوجه العلاقة

الفساد المالي ..الاحتباس الحراري اوجه العلاقة

بعد الارتفاع غير المسبوق بدرجات الحرارة في أوربا وحرائق الغابات في الثلاجة السيبيرية ودرجات الحرارة القريبة من الستين عندنا وانفصال قطع جليدية بحجم جُزر من الصفيحة القطبية بعد هذا كله خفتت الأصوات التي كانت تشكك بوجود ظاهرة الاحتباس الحراري .
ليصبح امرا ً مفروغا ً منه . وحل محله التساؤل عن مقدار الوقت المتوفر امام البشرية قبل الوصول الى نقطة اللا عودة !!
كذلك الحال عندنا فبعد ان لم يعد مجديا ً انكار الفساد المالي وخرس الأصوات التي كانت تقلل من شأنه . طُرح التساؤل عن مقدار هذا الفساد .. ومقدار ما أضاعه من اموال ؟ .
هذا بالنسبة لوجه الشبه الأول ..
أما وجه الشبه الثاني فهو حينما بدأنا بطرح التساؤل المخيف متى سنصل الى نقطة اللا عودة ؟ والتي لا شك اننا نقترب منها حثيثا ً . فمنذ السبعينات شهد العراق – أسوة ً بدول الخليج – إرهاصات التقدم الاقتصادي , لكن البعث وصدامه نكّبنا عن الطريق ودخل بنا حرب الخليج الاولى لنخسر ما يقرب من ( 500) مليار دولار ثم عقد التسعينات وحرب الخليج الثانية والحصار وخسارة (500) مليار اخرى حتى سقوط النظام في 2003 .
وبعدها خسرنا (300) مليار اخرى كفساد مالي منذ التغيير وللآن .
وهذا الرقم هو اضعف الايمان طبعا ً . وبعملية حساب بسيطة فأننا سنكون بحاجة الى وضع (1 ) ترليون و (300 ) مليار دولار حتى نصل الى ما وصل اليه أقراننا في دول الخليج وحتى نبني البنى التحتية ابتداءا ً من نقطة الصفر – السبعينات – عندها فقط نقول اننا قد بدأنا.
وبناءاً ً عليه فنحن لازلنا تحت خط البداية !!
وأخشى ما أخشاه ان يكون وصولنا الى نقطة اللا عودة على مستوى النمو الاقتصادي أسرع من وصول العالم الى هذه النقطة فيما يخص الاحتباس الحراري . فما دامت الارادة الحقيقية غير موجودة للقضاء على الفساد – والبينا ما يخلينا – أشك جديا ً بمحاربة الفساد المالي فضلا ً عن القضاء عليه .
صحيح ان هناك بيئة اجتماعية تحترم من ” تصعد امورة ” بغض النظر عن كيفية حصوله على المال وتتلقفه نساء الجيران بحديث الأعجاب والحسد لزوجته ” فلانة زوجها نادر ما صار اله بهاي وضيفته ماكو سنتين وگال الله وگال الشاعر.. چا مثل حظي ” . لكن برغم هذا علينا ان لا نكثر من لوم هذه البيئة إذ انها ليست متأصلة بطبيعتنا العراقية النزيهة .
كما لا يجب أن نُحمّلها اكثر من طاقتها حيث أن القضاء على الفساد المالي يتم بقرار فوقي شأنه شأن بقية أمورنا فنحن شعوب ابوية دور الاب فيها هو الأهم فهو الذي يعجن أولاده بيده كيف شاء .
نعم .. للناس دور ولكن دورهم لا يتعدى قشور الفساد ولمامه أما الفساد على أصوله فمن اختصاص الحكومة ومن واجبها محاربته .
أذكر إني وأبي زرنا بعض الأقارب في منطقة الحرية اواخر التسعينات فجلس أبي مع ” ابو شكيب وأبو عقيل ” جيراننا سابقا ً عندما كنا في الحرية أوائل السبعينات وتحدثوا عن البعث وتوصلوا الى رأي غريب لا ادري موأتاه هل هو اليأس من زوال صدام أم خبرة الحياة إذ قالوا : ان القادم الجديد سيأتي فارغ البطن سيأكل ويسرق حتى يتخم بطنه -مهروش وطاح بكروش- ها ..ها ..ها وشيفکچ يا طلابة انظل عالبعثية احسن ”  
سمعت رأيهم الغريب وودت ان أخالفهم لكن خجلي منعني فتراكم رفضي وأصبح غضبا ً حتى وددت ان انقض عليهم من زراديمهم ” اشبيهم ذولة …عسكريين متقاعدين وما يعرفون أشيحجون ” .
لكني الآن أدرك أنهم كانوا على حق نوعا ً ما فالسن والتجربة لها دورها وليس اغرب منه ما رواه البعض عن الدول السياحية العربية .
إذ لديهم ما يسمونه “المساج ” وهي خدمة تقدمها النساء هناك للسياح . أشفقت عليهن حقيقة لكن بعد هذا وذاك هي طريقة للحياة لم يخترنها بمحض أرادتهن فليس في بلدانهن موارد .
وتذكرت ملياراتنا المنهوبة وتخيلت- بألم – العراقية وهي تقوم بذلك..
لكن يا ترى ما سيكون تبريرها سوى ان أخوها المعتوه _ ابو الغيرة المفترض – قد بدد أموالها . وما دام الشرف لدينا غالي لذا اقترح ان نستفيد من هذه الخصلة بان يقر البرلمان قانون يعتبر فيه ان سارق المال العام هو منتهك لشرف العراقية وبذا نضمن عدم انتاج اللصوص وعدم استسهال الذب عنه وحمايته كما حصل ويحصل .