23 ديسمبر، 2024 10:48 ص

الفساد الحلال والفساد الحرام

الفساد الحلال والفساد الحرام

في كتاب لعبة الامم الذي تدور أغلب أحداثه حول الدور الأميركي في مصر ومااستنتجه الاميركيون عن الشعب المصري حيث قال أحدهم إن الرشوة التي تثبت على السياسي المصري لم ثؤثر على مستقبله السياسي بقدر عال بل بشيء قليل ؛ اما السياسي الذي تلتقط له صورة بلحظة عري مع إمرأة فينتهي أمره الى الأبد ولم يعد صالحا للسياسة
هذه الكلمات عندما قرأتها تصورتها كتبت عن العراقيين وليس عن المصريين فنحن كعراقيين أيضا لدينا نفس الشعور تجاه الفساد وساسته ؛ منذ 2003 ونحن لازلنا نحترم جميع السياسيين الذين ثبتت عليهم تهم الفساد المالي ولم نهتم بهذه التهم اطلاقا
لم نستطع ان نحارب ساسة الفساد ونحتقرهم ونطاردهم بل على العكس نرحب بهم أجمل ترحيب ونفرح فرحا كبيرا عندما يشاركونا افراحنا واحزاننا
الثروة العراقية الهائلة التي تحولت كصكوك في جيوب السياسيين الفاسدين يمكن ان تجعل العراق بلدا متقدما وجميلا ولكن حصل الذي حصل وأصبح العراق بهذا الشكل الذي نشاهده اليوم ؛ كم من هؤلاء الذين أفسدوا لاحقهم القضاء أو الشعب ؟ ما عدا فلاح السوداني الذي تمت اقالته وملاحقته ليس بسبب فساد وزارة التجارة فقط بل لانتشار احد المقاطع اللااخلاقية لأشخاص قيل عنهم من اقرباء الوزير ولذلك تمت محاسبته
الرشوة والفساد المالي والاداري ونهب المال العام وابتلاع الدولة من انواع الفساد الحلال الذي اصبح بحكم الواقع ليس عملا شنيعا بل عملا مشروعا لاقامة المجد الشخصي والحزبي والطائفي والكتلوي واصبحت هذه المفاهيم كأدوات للعمل السياسي في منظومة العراق الجديد
لو كان الفساد المالي محرما ومنبوذا لما رأينا صالح المطلك ينهب اموال النازحين ويتربع على عرشه من دون ايه محاسبة تذكر ! اما اصحاب الصفقات المشبوهة التي تعاقدوا عليها بملايين الدولارات والتي كانت عبارة عن هواء في شبك فهم ايضا يتربعون على عروشهم ويتنقلون من منصب الى منصب اعلى
السياسي العراقي ادرك جيدا ان الفساد المالي لم يكن محرما عند العراقيين ولكن الصورة ” الخلاعية ” مع امرأة يمكن ان تقلب الامور راسا على عقب ويمكن ان تحدث ثورة عارمة تزعزع عروش وتطيح برؤوس ؛ لذلك ضبط الساسة انفسهم طيلة هذه السنوات من الناحية الشهوانية ليس لكونهم لايشتهون النساء وليس لكونهم يحرمون العمل اللااخلاقي بل لخوفهم من الشعب الذي لايساوم ولايتهاون ولايسامح كل من تثبت ادانته بصورة عارية او كل من يثبت وجوده داخل مقهى ليلي فهذا هو الفرق بين الفساد الحلال والفساد الحرام ولذلك فضل جميع السياسيين اللجوء الى الفساد المالي الحلال وترك الفساد الحرام وتأجيله لمرحلة الخروج من العراق والتمتع به بالدول الاخرى .
[email protected]