18 ديسمبر، 2024 9:54 ص

الفساد الإداري والمالي وحديث المرجعية

الفساد الإداري والمالي وحديث المرجعية

شكرا جزيلاً لسماحة الاب والمربي الفاضل الامام السيستاني وهو يتابع ويرصد اولاً بأول أهم المستجدات وآخر الأحداث التي لها علاقة مصيرية بحياة المواطنين ,وببناء دولة بمستوى التحدي والأزمات,ولعل اهمها تشخيصه الصائب لمشكلة الفساد بشقيه المالي والاداري ,فقد طل علينا سماحة السيد احمد الصافي معتمد المرجعية العليا يوم الجمعة خلال خطبته الى ضرورة اعتماد معالجات حقيقية لمحاربة افة الفساد ,التي بدأت تتحول لسو نامي مدمر,وظاهرة جديدة تضاف لمعسكر الإرهاب الذي يقاتله العراقيين نيابة عن العالم ,صحيح ما تفضل به السيد الصافي ان حجم المعالجات لا تتناسب مع مستوى المسميات والعناوين التي بدأ يتخفى بها الفساد والعاملون به من ذوي النفوس الضعيفة .

نحن لا نخشى من الفساد كفساد فهنالك آليات للحد والتقليل منه ,وإنما نخشى من الفساد لأنه تحول من حالة ثم ظاهرة ثم أصبح ثقافة مجتمعية ,ينتهجها ويسلكها الكثير من المواطنين وبتبريرات متنوعة ومتعددة ,ان عملية التصدي لهذا المرض الخطير يحتاج الى وقفة من الضمير قبل ان نقف على حجم المشكلة ,بمعنى اصح نحتاج الى رجالات دولة لديها القدرة والجراءة على صنع القرار عندما تجد المشكلة ,فكم من مشكلة متواجدة وتعيش بيننا لكنها لاتجد الشخص المناسب ليضع الحل المناسب لها .

ان عمل مكتب المفتش العام هو أحدى الأذرع الفاعلة للمنظومة الرقابية التي تكافح الفساد تسير وفق خطين الخط الوقائي ,والخط العلاجي ,فالأول يتطلب شرح وتوضيح وتبسيط للإجراءات للقوانين والتعليمات والتوجيهات عن طريق إقامة الندوات والورش والمحاضرات والمؤتمرات التي تعنى بمدى الأضرار التي يسببها الفساد على بناء الأسرة والمجتمع والحكومة من هدر للمال والطاقات وجعل الموظف مشاركاً فعالاً بها ,حتى يتحسس حجم الأزمة وكيفية التعامل معها ان وجدت , والثاني هو رصد المخالفات التي يكتشفها أهل الخبرة في الشأن المالي والقانوني ,والإداري ,واتخاذ الإجراءات القانونية بحق المقصر وتقديمه للجهات المختصة ,لكن السؤال المهم والجوهري كيف يمكن للمكتب تحقيق نتائج مرضية وايجابية في ظل هذه الفوضى من الأفكار والممارسات الفاسدة ,فهنالك عدة وجهات نظر باتجاهها منها مطالب بالغاؤها على اعتبار انها حلقة زائدة لعرقل التمرير على المشاريع

بحجة رصد الشبهات ان وجدت فيها,فهنالك ديوان الرقابة المالية وهيئة النزاهة وهما كفيلان بحل الإشكاليات الموجودة , كما ان المكتب ترك ما مخصص له ,وانصرف لإسقاط التهم على الموظفين دون ذنب باعتباره رجل بوليس ,هذه الفكرة تشوبها نوع من الضبابية فالسلوك الخاطئ هو خاطئ أينما كان ,ولا يتقيد بدائرة أو مؤسسة أو وزارة ,والتصرف غير الصحيح هو نابع من خلل سلوكي في الفرد ,ولا يحسب على المفتش بشكلاً عام ,ففي كل وظيفة هنالك الصالح والطالح ,لكن المفتش العام بحاجة الى مكتب ان يكون ارتباطه بهيئة مستقلة لها اثرها في صنع القرار في اعلى قمة من هرم الحكومة ,فقوة محاربة الفساد نابعة من قوة استقلالية المكتب في اتخاذ قراراته وتوصياته ,وكذلك قانون جديد يتماشى مع حجم الظاهرة ,فالسابق لم يعد يلبي الطموح ,وأعاده هيكلة المكاتب بوضع معايير مهنية وموضوعية باختيار كادر وفق أسس منهجية ومدروسة وكل حسب الاختصاص .