العراقيون يعانون اليوم من سوء الخدمات وتردي دوائر الدولة، حيث تستشري ظاهرة الرشوة والمحسوبية، والفساد الذي ليس من بعده فساد، في إجراء المعاملات الإدارية التي يلهث وراءها المواطن.
ولعل الخطورة هي الإحباط الكامل لدى المواطن، وشعوره باليأس في عدم إمكانية التصحيح والإصلاح الإداري، لتبقى بعد ذلك معاملات الأحوال المدنية والتقاعد والعقود ووو… ومراجعات المواطنين محكومةً ومرهونةً تحت رحمة المجاميع الإدارية التي تسيطر في كل وزارة ومؤسسة حكومية، هذه المجاميع التي تتكون من المدراء والوكلاء والمساعدين وصولاً الى بعض الموظفين الصغار، الذين تحولوا بتكتلاتهم الى ( جماعات ضاغطة ) مستغِلة ، تتوزع الأدوار فيما بينها لتمتص قوت المواطن العراقي بكل أنانية وجشع، وبشكل لا يقبله اي ضمير أو دين !! عن طريق تأخير المعاملات وتعقيد سيرها الإداري، والمطالبة الوقحة بالرشوة والأتاوة أو التهديد بتأخير المعاملة أو تضييعها وما الى ذلك …
ان هذه الظاهرة تنتشر بصورة رهيبة، مستغلة انشغال البلد بالتحديات والمؤامرات المتعددة، التي تكرس عدم الاستقرار السياسي والأمني.
ومن المعروف ان السرّاق واللصوص ينشطون في فترات الفوضى وانشغال الناس ليسرقوا ما يحلوا لهم، ولينهبوا ما استطاعوا وعلى كافة المستويات.
ان الشرفاء والأحرار وأصحاب الضمائر الحية في مواقع القرار الاداري، مدعوة اليوم أكثر من أي يوم مضى، أن يفكروا بإخلاص لإنقاذ الشعب العراقي من براثن الفساد الإداري الذي سببه الفساد الأخلاقي أولاً، وأن يستفيدوا من خبرة الدول الأخرى ومن أحكام الملاحقة الإدارية والقانونية الصارمة، للضرب بقوة إدارياً وقانونياً وسياسياً واعلامياً على يد المرتشين والسارقين والفاسدين وفضحهم،هؤلاء المتخفين في الكواليس، والذين يدمرون البلد ليل نهار من خلف الستار، ومن خلف ظهر الدولة ومؤسساتها الرقابية، مستغلين انشغال السياسيين والإعلاميين والمرجعيات في صراعاتهم المعلَنة، وتخبطاتهم التي ملأت البلاد وأحزابه ونواديه وتجمعاته وشخصياته السياسية والدينية والثقافية بأعلى درجات الفوضى وتراشق التهم، ونشر البلبلة والتوتر، الى جانب لعنة التخلف السلفي الإرهابي وجرائمه البشعة.
[email protected]