الفساد ضد الاصلاح وخروج الشيء عن الاعتدال، ويشمل جميع المحرمات والمكروهات شرعاً، وتدينه الاديان السماوية كافة .
الفساد يؤدي الى الضياع والظلم، ويقول احد الفقهاء أن دولة الآيمان لا تقام على اساس الظلم، بمعنى ان الدولة لا تكون صالحة مع الفساد وأنما دولة فاسدة .
واحد من اهم المواضيع في العراق، بداء مع الحصار الاقتصادي الذي كان مفروض على بلادنا ابان اجتياح النظام السابق لدولة الكويت، وأتخاذ مجلس الامن الدولي حزمة من القرارات، جعلت العراق مقيداً وفي عزلة عالمية تامةً مما اضطر النظام الى اتباع اجراءات غير محسوبة وذات تأثير سلبي على الاقتصاد الوطني، اولها الاصدار النقدي الجديد وظهور التضخم نتيجةً له، الامر الذي ادى الى انخفاض قيمة العملة والدخل الحقيقي للفرد يصاحبه الارتفاع الكبير في اسعار السلع والخدمات والمواد كافة، ما ذكر يعتبر البيئة المثالية لتكون الفساد، يضاف اليه الفساد السياسي في هذه المرحلة .
يعتقد الخبراء والمحللين ان هناك اموال طائلة من ميزانيات العراق تذهب هباءً بسبب الفساد، وتقدر بنحو(250) مليار دولار منذ عام 2003 ولحد الان فقط .
والسؤال هو اين ذهبت هذه الاموال ؟ وما هي اشكال الفساد؟
هذه الاموال في حقيقتها هدر نتيجة تمويل مشاريع فاشلة غير مجدية واخرى مرتفعة الكلفة وغير مدروسة مقارنة بنظيرتها التي تقوم بتنفيذها شركات اخرى، وغيرها من الاموال التي صرفت في مجال الكهرباء مثلاً والامن والدفاع من غير التي قام الامريكان بأنفاقها اثناء تواجد قواتهم في العراق .
الفساد له وجوه متعددة منها الاداري والمالي والسياسي، الاداري والمالي يتركز في مؤسسات الدولة بكل انواعه الوظيفي وهدر المال العام وتعرض المواطن للابتزاز، وهناك محاولات حكومية جادة للحد منه متمثلة في تشريع قانون هيئة النزاهة وتأسيس الاكاديمية العراقية لمكافحة الفساد وفق المادة العاشرة الفقرة التاسعة منه.
قامت هذه الهيئة بتدريب مجموعة كبيرة من الموظفين في مكاتب المفتشين العموميين بالوزارات والهيئات, الا انه ليس هناك رؤيا صحيحة وواضحة بشأن تطبيق الشفافية ومحاسبة المقصرين وفق القانون .
اما الفساد السياسي فهو اخطر انواع الفساد لكون الفاسد السياسي هو اصلاً فاسد ادارياً ومالياً واخلاقياً وليس وطنياً، ويتعامل بوجوه عديدة ويستعين بأجندات خارجية على حساب بلده، ويقوم باجراء المساومات والمقاولات في الصفقات السياسية ، وقد يكون ذلك بسبب دخول شخصيات هزيلة الى الواقع السياسي هدفها الاثراء، اذن الفاسد السياسي يفكك وحدة البلاد، وهو الراعي الحقيقي للفساد الاداري والمالي وفساد الدولة .
لمعالجة هذه الافة الخطيرة في مجتمعنا نحتاج الى حكومة صالحة ووزير صالح ومدير صالح وموظف صالح، والضرب بحديد على يد المفسدين وتفعيل دور القضاء المستقل تماماً، والقيام بأصلاحات ادارية للقوانين والانظمة المالية، الى جانب الاهتمام بالرواتب والاجور التي يجب ان تكون مجزية، وتفعيل دور المؤسسات الرقابية في البلد، ويمكن الاستعانه بالخبرة الاجنبية في الاصلاحات الاقتصادية في دراسة وتقييم واقعنا ووضع السياسة الاقتصادية الناجحة .