لوحظ في الآونة الاخيرة قيام المسؤولين الكبار في الدولة بزيارات لعواصم عربية واقليمية على وفق مبدأ الحركة البندولية. فبعد أن يزوروا دولة ما، لها مواقف معينة من سياسة الصراع الامريكي(العربي) – الايراني في المنطقة يتوجهون بعدها مباشرة لزيارة دولة أخرى لها مواقف معاكسة تماماً. وهم بذلك يريدون إرسال رسالة مفادها أن العراق ضد سياسة المحاور.
وعلى الرغم من أن مضمون الرسالة صحيح لكن هذه الزيارات البندولية تفرغ هذا المضمون من محتواه وتجعل السياسة العراقية تبدو كسياسة إرضائية وليست سياسة استراتيجية تضبط بشاقول المصالح العراقية.
والفرق واضح بين السياستين؛ فالسياسة البندولية تضبط حركتها بالثنائية القطبية لدولتي التنافس (ثنائية الابعاد) في حين أن السياسة الشاقولية تضبط حركتها أولاً بشاقول المصالح العراقية الذي على أساسه تتحدد حركة السياسة توسطاً أو ابتعاداً أو اقتراباً من هذا الطرف أو ذاك. إنها سياسة ثلاثية الأبعاد قاعدتها مصالح العراق ومداها كل الاشتقاقات الممكنة من تناقض مصالح ونفوذ طرفي النزاع الامريكي الايراني.
السياسة البندولية باختصار سياسة جبرية ثنائية الاستقطاب تجعل العراق يتحرك يميناً وشمالاً طبقاً للمصالح المفروضة عليه في حين السياسة الشاقولية سياسة اختيارية تضبط حركة العراق بخياراته الاستراتيجية وتجعلها مرنة في الانتقال عبر كل المسافة الفاصلة بين اطراف النزاع وبالتالي تجعلها مرنة وقادرة على صياغة استجابات كثيرة غير مقيدة الا بمصالح العراق.
أتمنى أن تكون زيارات المسؤولين مستندة الى جدار مصالح العراق المضبوط بشاقول احتياجاته ولا تكون مجرد حركة بندولية تحاول ارضاء كل الاطراف الداخلية منها قبل الخارجية.