يوم كنا تلاميذ المدرسة الابتدائية كان أشق درس علينا درس الإملاء , وكان المعلمون شديدون بذلك , المعلم يملي علينا ونحن نكتب , وهو ينقل نظراته من تلميذ لتلميذ والعصا تسبق صوته على رأس من يخطأ .بعد تطور السياسة في العراق وتسلط الأميون على سدة الحكم ورقاب الشعب رجعوا بنا إلى درس الإملاء, ولكن بطريقة عكسية , هم يملون علينا خطأ وعلينا أن نكتب كما يشاؤون .بفضل الجهود الخارجية والداخلية أملوا علينا ما شاؤوا من وصايا وتعاليم بل أصدروا فتاوى دينية , لكنها ضد الدين, حتى صرنا نكره الدين بعد أن كرهنا بعضنا البعض.صار المسيحي عدوا بعد أن كان جار العمر , والصابيء ذمي ومصوغاته قلائد وأقراط تزين جيد وآذان نساءنا . وانتهكوا أعراض النساء بمسميات مقيته بعد أن .شاعوا فسادا اجتماعيا بدوائر الدولة باسم المتعة , وصار الصغار كبار , والأقزام رجال ,صارت مقبرة النجف أكبر مقبرة في العالم , وصار الشعب بين مشرد ويتيم وارملة تتصدق عليهم الدول التي كانت تستجدي العراق .لم يكفهم قتل الأحياء بل نبشوا قبور الموتى , غير مدركين أن الإملاء هذا لا يمر بسلام على طول المسيرة .لقد وصل الشعب لحالة الغضب وكل غضب لابد له من متنفس إن يوما من المحاصرة والطرد والهرب من ضفة إلى أخرى تعادل سنين التبجح والتعالي , لا يريح الشعب غير محكمة باسم الشعب تفضح ما خفي , وتلك هي الأمنية .