23 ديسمبر، 2024 1:14 م

الفرق الشعبية.. مصانع بلا وقود؟

الفرق الشعبية.. مصانع بلا وقود؟

أتصل اثنان من أصدقاء طفولتي، بعد سنوات طويلة من الفراق، أحدهم في أمريكا والآخر في هولندا، وقد كنت أبحث عنهم ويبحثون عني، وبالصدفه تلاقينا في يوم واحد قبل سنوات، وكان الفضل لوسائل التواصل الإجتماعي.
تذكرنا مجتمعين، مغامرات طفولتنا، وذكريات نختزنها رغم مرارة ومعناة، تكسرت فيها طموحاتنا على جدار إهمال طاقات الشباب.
كنا نلعب بكرة بسيطة، تدق كل ضربة منها؛ أجراس تدعونا للتجمع صباحا كان ذلك أو مساء، وفي الليل نجتمع مرات للقراءة، وأخريات لتبادل القصص والمواقف الطريفة، وننتهي بالمطاردة الشعرية.
نلعب مثل بقية أطفال العراق، بين الأزقة الضيقة، وفي الشوارع والأرصفة والساحات الترابية، وتتفجر طاقات ولا أحد يسمع لها، وتبنى علاقات لايتبناها طرف مسؤول؟!
يجتمع مجموعة من الشباب والاطفال، في كل حي وزقاق، يمارسون هواية لا تخلو من مخاطر السيارات والأجسام الجارحة، بملابس لا تعدو سوى تجسيد لمستوى العائلة المادي، منهم بملابس المدرسة، وآخر بملابس النوم، وقليل من خصص للرياضة ملابس خاصة؟!
نبحث في البداية عن طابوقتين؛ كي نضعها هدفاً يقاس بالأقدام، وكل يختار أصدقاءه، ولايهم أن كانت (الفانيلة) حمراء أو زرقاء أو خضراء، وهل كان الملبس بنطرون أو دشداشة، وهل نلبس حذاء جلد او رياضي حفاة؟! وننتظر قرار صاحب الكرة؛ كي يختار مركزه بالفريق أولاً، وكلنا خوفاً من تعكير مزاجه، الذي يفقدنا متعة الإجتماع واللعب في ذلك اليوم.
هكذا الفرق الشعبية، معاناة في نقطة إلتقاء، ومصنع نجوم ترك بلا وقود، ودفن لطاقات، في طي النسيان والإهمال، وعدم المبالاة ببناء مجتمع يرتكز على الشباب، أندثروا تحت غبار لا يفهم معنى أهمية إجتماع الهوايات، وأنها منافذ المتنفسات، لتخفيف الضغط على الحياة.
عجزت أغلب الفرق الشعبية؛ عن شراء ملابس متناسقة، وضُغط على أحلامها؛ لحد الإنحسار في مناطقها، وقد إعتمدت على الإكتفاء الذاتي، والجهد الطوعي، ولم تشهد رغم كثرتها على بطولة تهتم بها سوى بطولة عزيز العراق، التي تقام سنوياً منذ عام 2005م، ويشارك فيها بحدود 5000 فريق ، من جنوب العراق الى شماله، وكانت الفرصة الأولى؛ للتعارف والتقارب وأكتشاف طاقات دفنها الإهمال.
أن اللعب في الشوارع والساحات الجرداء يضعنا أمام تساؤل لا يفهم منها أهمال شريحة واسعة، في بلد منبسط الأرض، وساحاته لا تحتاج إلاّ لقيل من ماء رافديه، وإلتفاته بسيطة من أصحاب القرار، لتنمية جيل من الشباب، يبحثون عن ممارسة هواياتهم؛ بدل من أن تتلقفهم دوائر الظلام وأماكن التسكع؟!
تسعى الدول المتقدمة، الى إحتضان الشباب؛ من خلال منتديات ومراكز ترفيه وتثقيف، وتعزيز أواصر وحدة المجتمع.
دعا وزير الرياضة عبدالحسين عبطان؛ للإهتمام بالفرق الشعبية، وإقامة البطولات التي يُعد لها سنوياً، وتقام في الملاعب الكبيرة، كونها منجم للطاقات، وعمل طوعي وطني، وأوجب وضع خطة لإستعاب طاقاتهم، بعدما كانت تعاني؛ من إهمال رياضة طالما كانت في كثير من الأوقات، سبب لوحدة المجتمع، في وقت فرقهم الساسة، ولم ترسخ سوى ذكريات الشباب والرياضة، التي تعتقد أن النجاح بإنسجام الفريق.